الرئيسة \  واحة اللقاء  \  من ربيع دمشق إلى الحرب الأهلية... ما حال سوريا بعد عشرين عاما على رحيل حافظ الأسد؟

من ربيع دمشق إلى الحرب الأهلية... ما حال سوريا بعد عشرين عاما على رحيل حافظ الأسد؟

11.06.2020
فرانس 24


فرانس 24
الاربعاء 10/6/2020
عشرون عاما بعد وفاة الرئيس السوري السابق يرأس نجله بشار بلدا معزولا مزقته الحرب وأنهكت العقوبات اقتصاده، بعيدا عن أمل السوريين بتغيير مع اعتلائه سدة الرئاسة.
وتسلم (55 عاما)، طبيب العيون الذي تخصص في بريطانيا، مقاليد السلطة في 10 حزيران/يونيو 2000 بعد تعديل دستوري خفض سن الترشح من أربعين إلى 34 عاما. وبدا حينها بمظهر الإصلاحي الذي يخطط لتحرير الاقتصاد والانفتاح بخجل على الغرب.
فترة انفتاح وحرية التعبير
وشهدت سوريا بين أيلول/سبتمبر 2000 وشباط/فبراير 2001 فترة انفتاح وسمحت السلطات نسبيا بحرية التعبير. ودعا نحو مئة من المثقفين والفنانين السلطات إلى "العفو" عن سجناء سياسيين وإلغاء حالة الطوارئ السارية منذ 1963.
لكن توقيف عشرة معارضين صيف العام 2001 وضع حدا لـ"ربيع دمشق" الذي جاء بعد أربعين سنة من حكم الأسد الأب الحديدي.
من حكم رجل اشتهر بالقمع إلى عهد شاب تلقى تعليمه في الخارج
وارتبط اسم الرئيس الراحل بالقمع الدموي لانتفاضة الإخوان المسلمين في مدينة حماة عام 1982، ما تسبب بمقتل عدد تتراوح التقديرات بشأنه بين عشرة آلاف وأربعين ألفا.
ويوضح الخبير في الشأن السوري في جامعة جورجتاون دانيال نيب أنه "اختلف بشار تماما عن الشخصيات الأخرى في النظام، فقد كان شابا وتلقى تعليمه في الخارج".
وكان الأسد الأب يعد ابنه البكر باسل لخلافته، لكن وفاة الأخير في حادث سيارة عام 1994 غير المعادلة.
اقتصاد السوق الاجتماعي، صيغة للفساد الجشع
و"سرعان ما ماتت فكرة بشار الليبرالي" وفق الباحث في مركز السياسة العالمية فيصل عيتاني، بينما "كانت خيبة الأمل الكبيرة على المستوى الاقتصادي" بعدما "تبين أن اقتصاد السوق الاجتماعي الذي مارسه هو عبارة عن صيغة للفساد الجشع وسط الدائرة القريبة منه".
وتسبب ذلك "بتعميق التفاوت الاقتصادي، ووقع كثيرون من الطبقة المتوسطة وسكان المناطق الريفية في فقر مدقع".
وباءت محاولات الأسد لجعل سوريا أكثر قربا من الغرب، بالفشل. فبعد قمعه للتظاهرات السلمية التي تحولت نزاعا داميا تسبب بمقتل أكثر من 380 ألف شخص منذ العام 2011 وأدى إلى نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل سوريا وخارجها، طالبت دول غربية وعربية برحيل الأسد عن السلطة ودعمت معارضيه.
لكنها تخلت لاحقا عن هذا المطلب بعدما ركزت جهودها على التصدي للتنظيمات الجهادية.
الجزء الأكبر من السوريين تحت خط الفقر
وتلاحق نظام الأسد عقوبات قاسية أنهكت اقتصاده، وسيدخل آخرها ويُعرف باسم قانون قيصر حيز التنفيذ الأسبوع المقبل. وقد أقره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويعيش اليوم الجزء الأكبر من السوريين تحت خط الفقر، وتشهد الليرة السورية انهيارا غير مسبوق ومتواصلا أمام الدولار يؤدي إلى تآكل القدرة الشرائية للسوريين الذين خرج العشرات منهم في مدينة السويداء (جنوب) في اليومين الأخيرين إلى الشارع تعبيرا عن غضبهم مطلقين شعارات مناوئة للأسد.
"بشار ليس كفوءا ولا محظوظا كما كان والده"
وبعد أكثر من تسع سنوات على الحرب، تمكن الأسد من الاحتفاظ بالسلطة وتسيطر قواته على أكثر من سبعين في المئة من مساحة البلاد بفضل دعم رئيسي من حليفين أساسيين هما إيران وروسيا. إلا أن بلاده تحولت ساحة للتنافس بين قوى دولية.
وبحسب الباحث في مركز السياسة العالمية فيصل عيتاني: "ترأس حافظ الأسد دولة مستقرة سياسيا وآمنة للغاية، حتى لو كانت "فقيرة أيضا". وشكلت دمشق في عهده لاعبا استراتيجيا على المستوى الإقليمي، سهلت انخراط حزب الله بمواجهة إسرائيل ومارست وصاية في لبنان على مدى سنوات طويلة.
ويعتبر أن الأسد الأب "أبقى دائما على سوريا مستقلة عن التدخل الأجنبي" فيما "أصبح بشار مدينا للنفوذ الخارجي من أجل الحفاظ على نظامه سليما".
وكشف الصراع الأخير بين ابن خال الرئيس السوري، والسلطات التي تطالبه بتسديد مبالغ مالية وحجزت على أمواله تصدعا جديدا في دائرة الأسد الاقتصادية.
ويقول عيتاني: "يشبه بشار حافظ في مثابرته وقدرته على إبقاء قلب النظام سليما، لكنه ليس كفوءا ولا محظوظا كما كان والده".