الرئيسة \  واحة اللقاء  \  منعطف جنيف 4

منعطف جنيف 4

14.02.2017
أحمد الجميعة


الرياض
الاثنين 13/2/2017
عملية الانتقال السياسي للسلطة في سورية ستكون العنوان العريض لمحادثات (جنيف 4) الأسبوع المقبل؛ بعد أن ساهمت محادثات أستانا الأخيرة في وقف إطلاق النار رغم الخروقات المتكررة، إلى جانب تضميد الحالة الإنسانية المتدهورة في أكثر من قطر سوري، حيث لا يزال الحل السياسي في سورية مرهوناً بتوافق أميركي روسي على إنهاء الأزمة، مدعوماً من الأمم المتحدة كضامن للتنفيذ، وتحجيم المصالح والأطماع الدولية الجديدة في الإقليم.
مشروع الانتقال السياسي في سورية بدأت إرهاصاته بالتحول من النظام الشمولي الديكتاتوري إلى النظام التشاركي الأقل شمولية، وهو شكل صوري لإدارة الحكم بمشاركة المعارضة، ولكن من دون تغيير النظام ورموزه، وهو ما يعني خيارين لا ثالث لهما، إما بقاء بشار الأسد رئيساً لفترة انتقالية يعاد معها صياغة الدستور في وجوده، وهو ما ترفضه المعارضة، أو رحيل بشار، وحل البرلمان، وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي من المعارضة والنظام معترف بها دولياً، وتسمية مجلس تشريعي مؤقت، وعقد مؤتمر للمصالحة والإعمار، وإطلاق سراح المعتقلين بموجب عفو عام، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، ثم تشكيل الحكومة.
كلا الحلين على طاولة جنيف، الأول مدعوم من روسيا وإيران، والثاني مطلب دولي وشعبي، وإمكانية ترجيح أحدهما مرهون بالموقف الأميركي الجديد؛ الذي هو الآخر لا يريد بشار، ولكن يريد أن يحسب تبعات خروجه من السلطة، وتقليل نفوذه على أراضيه بإقامة مناطق عازلة تضمن عودة اللاجئين، ونجاح الحرب على "داعش".
كل المؤشرات أن بشار سيرحل عاجلاً أم آجلاً، ويبقى نظامه شريكاً مع المعارضة في السلطة، وهو ما يعني أن الحل الثاني أقرب إلى التطبيق وفق خطة زمنية معلنة، ويبقى الحديث متوقفاً عن إمكانية توافق النظام مع المعارضة في صياغة المرحلة الانتقالية التي حتماً تحتاج إلى تدخلات أميركية روسية لضمان نجاحها، وتحديد مسارها الرئاسي والحكومي وفق الدستور الجديد.
الأزمة السورية في طريقها للانفراج السياسي؛ لأن الحل العسكري لم يعد متوازناً، ولا مقبولاً المضي فيه، وبالتالي على إيران تحديداً أن تتوقف عن أطماعها ونفوذها، وتتخلى عن دعمها للأسد، وعلى التحالف الدولي ضد "داعش" أن ينهي مبررات الإرهاب لإطالة أمد الأزمة، وتطهير الأرض من التنظيمات الإرهابية التي زرعتها طهران في المنطقة.
الحل في سورية؛ سينهي معاناة السوريين، ولكنه أيضاً سينهي مرحلة مهمة من الصراع الطائفي المأزوم في مفاهيمه، وتصنيفاته، وأجنداته، وكذلك سيطوي صفحة "داعش" التي هي الأخرى تمددت على حساب الأزمة السورية، واختلطت معها كثير من الأحداث والمواقف.. وما زلنا ننتظر.