الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مناطق خفض التصعيد في سوريا وعودة اللاجئين

مناطق خفض التصعيد في سوريا وعودة اللاجئين

17.07.2017
فيصل ملكاوي


الرأي الاردنية
الاحد 16/7/2017
اذا تحولت مناطق خفض التصعيد الى مناطق امنة تماما بما يشمل ذلك: وقف شامل ودائم لأطلاق النار ، وحدود جغرافية واضحة واليات مراقبة وحماية وتأمين من الخروقات وفق التزامات ثابتة من الاطراف المعينة كافة ، فان البيئة تكون باتت مناسبة ليس فقط للحل السياسي والمضي به قدما للازمة السورية ، بل وما المانع في تلك الاجواء من ان يتم التفكير في عودة اللاجئين السوريين الى بلادهم وفق ظروف امنة تختلف جذريا عن تلك التي اجبرتهم على الفرار بارواحهم من جحيم الحرب واهوالها التي ضربت سوريا خلال السنوات الماضية.
واذا ما سارت الامور في منطقة خفض التصعيد الاولى التي اعلن عن البدء بتطبيقها في التاسع من الشهرالجاري في جنوب غرب سوريا ، فان هذه المنطقة ستكون في حالة نجاحها مقدمة لنجاح مناطق خفض التصعيد الثلاث الاخرى المقررة في شمال سوريا ووسطها وقرب العاصمة دمشق ، وبالتالي فان كل ما ينطبق على كل واحدة من ظروف النجاح يمكن ان يطبق على المناطق الاخرى ، والعنصر الاهم في هذه النجاحات المأمولة هو وقف اطلاق النار على الارض وامكانية تطوير هذه الالية الى وقف تحليق الطيران حتى تتمتع تلك المناطق بالفعل بكافة عوامل الامان والديمومة والمراكمة لبناء الحل المنشود في سوريا.
واذا كان احد الشروط المهمة لاقامة هذه المناطق هو اتاحة وصول المساعدات الانسانية اليها والى المدنيين المقيمين فيها ، دون امكانية اعتراض هذه المساعدات من اي جهات مسلحة ، لان وجود السلاح او التلويح به سيشكل خرقا لهذه المناطق ولن يكون مسموحا به ، وفق اليات ضبط ورقابة صارمة ، فان وصول هذه المساعدات للمدنيين الذين يتمتعون بالامان في هذه المناطق يهيء لاول مرة في تاريخ الازمة السورية مساحة للتفكير المدروس بعناية من قبل اللاجئين والبلدان المستضيفة والمجتمع الدولي بان تكون مناطق خفض التصعيد بوابة عودة اللاجئين الى سوريا اولا ومن ثم الى مدنهم وقراهم عندما تنضج ظروف الحل السياسي وتكون علاماته ومراحله ظاهرة واكيدة على الارض بشكل شامل.
وفي المقابل فان مناطق خفض التصعيد وبما انها تهدف الى خلق وتهيئة الظروف المناسبة للحل السياسي فان وجودها يمكن ان يشكل ايضا فرصة لعدم تدفق مزيد من اللاجئين الى دول الجوار في ظل ظروف صعبة تعانيها اقتصاديات تلك الدول وضغط هائل على بناها التحتية مع حالة اشباع لاتتيح استقبال مزيد من اللاجئين الذين تخلى المجتمع الدولي عن مسؤولياته الى حدودها الدنيا ووقف مكتوف الايدي امام نداءات مد يد العون لهم وللدول المستضيفة خلال السنوات الماضية.
الغالبية الساحقة من اللاجئين السوريين استضافتهم الاردن وتركيا ولبنان وكلها دول جوارلسوريا ، واذا كانت تجربة مناطق خفض التصعيد ناجحة وامنة كما هو مخطط لها ، فان ملايين اللاجئين السوريين في هذه الدول ، يمكن ان تتوفر الفرصة لهم للعودة ، والاسهام في اعادة اعمار بلادهم والمشاركة في اي عملية سياسية يمكن التاسيس لها في ظل مؤشرات تدعو للتفاؤل بان مستقبل الازمة السورية ربما يكون افضل من ماضيها الذي غلب عليه الصراع والتدخل والاستقطاب الاقليمي والدولي.
يمكن وصف الاجواء الدولية في هذه المرحلة بالنسبة للازمة السورية بانها تشكل ( ضوءاً في نهاية النفق ) استنادا الى المقاربة الاميركية الروسية التي استجدت على الساحة بلقاء الرئيسين الاميركي دونالد ترمب والروسي فلاديميربوتين على هامش قمة العشرين في هامبورغ قبل ايام ، والتي اعلن خلالها عن منطقة خفض التصعيد الاولى في جنوب غرب سوريا باتفاق اميركي روسي اردني ، وهذا الاتفاق تم البدء بتنفيذه ويجري وضع كافة الترتيبات لاتمام ومواصلة انجاحه بانشاء مركز الاشراف والمراقبة في عمان وفي الجانب الاخر مواصلة العمل على تعميم هذه التجربة بتنفيذ المناطق الثلاث الاخرى المقررة لخفض التصعيد في سوريا.
اذا ما كان هناك افق في المستقبل لان تستقبل مناطق خفض التصعيد الامنة اللاجئين السوريين العائدين ، فان ذلك سيكون احدى علامات النجاح المهمة لهذه المناطق ، وسيكون هدف ديمومة وشمولية وقف اطلاق النار قد تحقق ايضا ، وسيكون كل ذلك علامة على التزام الاطراف كافة بانجاح هذه المناطق ، وبالتالي خلق البيئة المناسبة للحل السياسي الشامل.
واذا كانت الرياح على الساحة الدولية والاقليمية تهب ازاء الحل السياسي في سوريا فان اي حل بعد كل المعاناة والماسي التي تعرض لها الشعب السوري ،لا يشمل عودة اللاجئين السوريين الى ديارهم سيكون منقوصا ، وسيمثل علامة جديدة وصارخة على العجز الدولي الذي رافق الازمة السورية منذ اندلاعها.