الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "ملف مؤجّل" خطير!

"ملف مؤجّل" خطير!

04.02.2016
محمد أبو رمان


الغد الاردنية
الاربعاء 3/2/2016
وفقاً لتقرير أمني أوروبي رسمي، فإنّ هناك قرابة 10 آلاف طفل مهاجر اختفوا في أوروبا، خلال العامين الماضيين، من أصل 26 ألف طفل وصلوا إلى هناك، بلا معيل. وثمة خشية حقيقية وكبيرة من أن يقع هؤلاء الأطفال في قبضة رجال المخدرات والجريمة والاتجار بالبشر.
وبعد حادثة الاعتداء على السويدية (من أصل لبناني) ألكسندرا مزهر، في مركز لإيواء اللاجئين هناك، من قبل فتى صومالي لاجئ يبلغ من العمر 15 عاماً (مواليد العام 2000)، يعاني من مرض نفسي، قررت حكومة السويد عزمها على تطبيق قرار بطرد قرابة 60 ألف طالب للجوء، من أصل 250 ألف مهاجر استقبلتهم خلال عامين فقط.
في الأثناء، زادت حالات التعرّض للمهاجرين واللاجئين في أوروبا، بصورة مقلقة جداً. ففي استكهولم (عاصمة السويد)، قام عشرات الملثمين بالاعتداء على المهاجرين بالعصي والضرب المبرّح في أماكن تجمعهم. وبدا المشهد في هذه الدولة المسالمة مرعباً للسياسيين والإعلام، فكتبت صحيفة "اكسبرسن" في صفحتها الأولى "ماذا يحدث في السويد؟"، وعددت الأحداث التي لها علاقة بتدفق اللاجئين؛ مثل إحراق منازل، والتوتر في الشارع، والتجاوزات لبعض المهاجرين.
وفي ألمانيا، تعرّضت حافلات للاجئين إلى الاعتداء، فيما تم الإبلاغ عن مئات الاعتداءات على مراكز وبيوت لهم. والحال في المجر أكثر قسوة، فيما بدأت المشكلات والأزمات تظهر في الدول الأوروبية حول التأشيرة "الفيزا" الموحدة وضبط الحدود، نظراً لحجم المشكلة الاجتماعية المتضخّمة.
في العالم العربي؛ تحدثت تقارير إعلامية مصرية عن قيام طفل مصري بإحراق طفل سوري يبلغ من العمر 5 أعوام. وهناك قصص فظيعة حدثت في لبنان، قرأ أغلبكم عنها.
السؤال الذي أريد أن أصل إليه من خلال هذه العناوين، هو: هل نحن محصّنون من ظهور مثل هذه المشكلات الاجتماعية مستقبلاً؛ مع نمو مجتمع اللاجئين السوريين في الأردن؛ والتنافس على فرص عمل وموارد محدودة؛ وفي ظل أزمة اقتصادية داخلية تؤثر على شريحة واسعة من المجتمع الأردني؛ وفي ضوء تنامي الحديث، أصلاً، عن مشكلات اجتماعية خطيرة يعاني منها الأردنيون، مثل انتشار المخدرات وتصدّع جدار القيم والفجوة الطبقية ونمو تيار مؤيد لـ"داعش" في أحشاء المجتمع؟!
الجواب: لا؛ بالتأكيد لسنا محصّنين. لكن المجتمع الأردني أظهر قدراً حضارياً رائعاً، خلال الفترة السابقة، من احتواء واحترام الأشقاء اللاجئين، الذين تعيش نسبة كبيرة منهم اليوم خارج المخيمات. وكذلك تُظهر الأرقام أنّه لا توجد هناك أي نسبة تذكر لجرائم ارتكبها لاجئون.
لكن مع تحول المنظور الواقعي نحو "إقامة طويلة" المدى، فإن من الضروري أن نبدأ بقراءة دقيقة لما يمكن أن ينتج من تداعيات اجتماعية ناجمة عن ظروف قسرية تحكم حياة نسبة كبيرة من الأشقاء اللاجئين في الأردن، في ظل أرقام مرعبة أيضاً عن عمالة الأطفال وتسربهم من المدارس، والظروف النفسية الصعبة لهم، نتيجة ما عانوه من أزمات كبيرة، خلال الفترة الأخيرة.
من الضروري، ونحن نفكّر في مؤتمر ونعدّ العدة له لوضع العالم أمام المشكلة الاقتصادية الكبيرة المترتبة على ملف اللاجئين، أن نفكّر في الجانب الاجتماعي أيضاً، وأن نضع تصورات وفرضيات لسيناريوهات تطوره، وكيفية تحضير الرأي العام الأردني للتعامل معه، ولبناء الرواية الإعلامية الداخلية. فهذه مفاصل مهمة جداً، سنرتكب خطأً فادحا إذا بقينا متجاهلين لخطورتها.
لا يجوز أن نتخلّى عن الأشقاء اللاجئين. ومن الضروري أن نضغط على العالم بأسره لمساعدتنا على القيام بذلك، بخاصة الدول العربية التي أعربت أمس منظمة دولية عن خيبة أملها من خذلانها للاجئين السوريين، وتقليصها لحجم الدعم المطلوب لهم. وفي الوقت نفسه، فإن المطلوب دعم مجتمعنا ودعمهم، لتجنّب أحداث شبيهة بتلك العناوين الإخبارية، كما لاحظنا في بداية هذا المقال.