الرئيسة \  تقارير  \  مقال في ناشونال إنترست: أسوأ كابوس.. لماذا تنتشر الأسلحة النووية في آسيا؟

مقال في ناشونال إنترست: أسوأ كابوس.. لماذا تنتشر الأسلحة النووية في آسيا؟

27.07.2022
الجزيرة


الجزيرة
الثلاثاء 26-7-2022
في مقال نشرته مجلة "ناشونال إنترست" (National Interest) الأميركية، تناول خبير في الشؤون الدفاعية بالتحليل الأسباب التي تجعل القارة الآسيوية منطقة تشهد مزيدا من انتشار الأسلحة النووية.
ويرى كاتب المقال بيتر هويسي، مدير شركة "جيوستراتيجيك أنالايسيز" (Geo-Strategic Analysis)، أن التهديدات النووية المتزايدة في آسيا إن لم تُكبح فإن حلفاء الولايات المتحدة، بخاصة اليابان وكوريا الجنوبية، قد يضطرون إلى امتلاك أسلحة نووية للدفاع عن أنفسهم.
ولطالما كان الحدّ من التسلح سمة من سمات التوازن النووي القائم بين الولايات المتحدة وروسيا طوال نصف القرن الماضي، بدءا من اتفاقيات الحد من الأسلحة الإستراتيجية "سالت" (SALT) في عام 1972، ثم معاهدة خفض الأسلحة الإستراتيجية "ستارت" (START).
أميركا تحدّث ترسانتها النووية
وتطرق الخبير بالشؤون الدفاعية في مقاله إلى أن الولايات المتحدة أنجزت دورتين من التحديث النووي وهي الآن في المرحلة الثالثة. وقد اشتملت الدورتان الأولى والثانية على بناء صواريخ باليستية عابرة للقارات من طراز "مينيتمان" (Minuteman)، وقاذفات القنابل "بي 52" (B-52)، وغواصات "بولاريس" (Polaris).
وسيؤتي التحديث الثالث ثماره في نحو عام 2029 مع نشر أول صواريخ ذات قواعد أرضية، تليها في غضون عامين كل من القاذفة الشبح (B-2 Raider) القادرة على حمل سلاح نووي، والغواصة النووية من طراز كولومبيا.
مظلة أميركية ضد الأسلحة النووية
ولن تحول قوة الردع المطوَّرة هذه دون تعرض الولايات المتحدة لهجوم نووي فحسب، بل إنها مصممة أيضا لتكون بمنزلة مظلة فوق سماوات الدول الحليفة والصديقة لأميركا، وعلى وجه الخصوص الأعضاء في حلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO) وفي منطقة غرب المحيط الهادي، وذلك لدرء أي هجمات عسكرية كبيرة لا سيما من روسيا أو الصين أو كوريا الشمالية المسلحة نوويا، كما يقول هويسي.
ويعتقد كاتب المقال أن حلفاء أميركا ليسوا بحاجة إلى بناء رادع نووي خاص بهم، ومن ثم المساعدة في منع انتشار مثل هذه الأسلحة وتقليل مخاطر الصراع النووي.
تحذير جون كينيدي
وكان الرئيس الأسبق جون كينيدي قد حذر في كلمة ألقاها في الجامعة الأميركية عام 1963 من احتمال ظهور قوى نووية جديدة متعددة ما لم يتم وقف التجارب الجوية للأسلحة النووية.
وفي العصر النووي برمته وحتى بعد أن فجّرت الصين أول أسلحتها النووية في عام 1964، كان الظن السائد أن القوى النووية لم تكن مهتمة بأن ترى دولا أخرى تطوِّر أسلحة نووية.
كانت تلك هي الرواية المعتمدة طوال عقود من الزمن، إذ كان الرأي السائد أن الصين تعارض بشدة الانتشار النووي، وأنها ترغب في بناء ترسانة من بضع مئات من الرؤوس الحربية فقط.
كما التزمت الصين آنذاك بألا تكون أول من يستخدم السلاح النووي، وأن تُبقي أسلحتها دوما في غير حالة تأهب على أن يكون تخزينها بمنأى عن صواريخها.
بعد الحرب الباردة
ومن حسن الطالع -وفق هويسي- أن الدولة الوحيدة العضوة في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية التي امتلكت سلاحا نوويا بعد نهاية الحرب الباردة هي كوريا الشمالية، مع أن هناك مخاوف من أن تنضم إلى "نادي الأطراف النووية المارقة"، وهناك الهند وباكستان الدولتان غير العضوتين في المعاهدة المذكورة، اللتان قامتا بتفجير قنبلة نووية في 1974 و1998 على التوالي.
فهل كان تحذير جون كينيدي أمام الجامعة الأميركية عام 1963 مبالغا فيه؟ ليس الأمر كذلك البتة، كما يؤكد توم ريد مؤلف كتاب "القطار النووي السريع" (The Nuclear Express) الصادر عام 2009.
ووجّه ريد -الذي شغل منصب نائب مستشار الأمن القومي للرئيس ريغان- تحذيرا مفاده أنه على الرغم من انتهاء الحرب الباردة والتخفيضات الكبيرة في الأسلحة النووية الروسية والأميركية، فإن القوة "الأخرى" وهي الصين يمكن أن تكون أي شيء عدا أنها الطرف الدولي "المسالم"، كما تدّعي.
الصين طرف رئيسي
ورغم أن ريد أطلق تحذيراته بشأن الصين قبل أكثر من عقد من الزمان، فإنها وثيقة الصلة بالواقع الراهن. فقد أوضح أن الصين كانت أحد الأطراف الرئيسة في نشر تقنية الأسلحة النووية، مضيفا أنها ربما ساعدت العالم الباكستاني عبد القدير خان في تصنيع قنبلة بلاده الذرية.
وزعم ريد أيضا أن بكين ساعدت بطريقة متعمّدة في تطوير برامج أسلحة نووية لكل من كوريا الشمالية وليبيا وإيران والعراق.
ومع الإقرار الآن بأن الصين تبني نحو 360 منشأة جديدة لإطلاق صواريخ قادرة على نشر أكثر من 3 آلاف رأس حربي، فإن سجلها المتعلق بمدى التزامها بالحد من الانتشار النووي قيد الفحص مجددا.
ويزعم كاتب المقال أن المصادفة المحضة كانت وراء الوقوف على قدرة العراق النووية، وذلك أثناء تحرير الكويت، فقد اكتشف التحالف الأميركي حينئذ أن بغداد كانت على بعد أشهر فقط من امتلاك رأس حربي نووي.
دعم الصين لكوريا الشمالية
وطبقا لمقال "ناشونال إنترست"، فإن وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو صرح أخيرا بأن الصين عارضت بشدة نزع السلاح النووي من كوريا الشمالية، وهذا يتسق مع رواية توم ريد، كما ينسجم مع توجه الصين ليس فقط نحو عسكرة بحر جنوب الصين، بل مع سعيها أيضا للقضاء على أكبر قدر ممكن من القدرة العسكرية الأميركية في المنطقة.
وبرأي هويسي، فإن الجهود الصينية الرامية لمساعدة كوريا الشمالية في تطوير برنامجها النووي كان يراد منها إحداث شرخ بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، لكن تلك الإستراتيجية لم تنجح.
وأردف خبير الشؤون الدفاعية في مقاله أن إستراتيجية الصين قد تكون لها نتائج عسكرية أيضا إذ إن الغالبية العظمى من سكان كوريا الجنوبية يدعمون الآن جهود حكومتهم لتأمين رادع نووي خاص بها، في حين تحركت المشاعر في اليابان بشكل كبير في الاتجاه المؤيد للأسلحة النووية.
الخطوة الأولى في فضح الصين
وقد يكون ضبط الصين وهي متلبّسة بانتهاك معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية الخطوة الأولى في فضح استخفاف بكين الحقيقي بهذا الأمر.
وينقل هيوسي عن سيونغ وان تشوي من جامعة "إلينوي" الأميركية اعتقاده بأن التهديد النووي المتنامي الناجم عن الصين قد لا يحظى بالتقليص، ومن ثم فقد يتعين على حلفاء الولايات المتحدة في غرب المحيط الهادي امتلاك السلاح النووي للدفاع عن أنفسهم، بخاصة اليابان وكوريا الجنوبية.
ويختم الكاتب مقاله بأن ذلك هو الكابوس ذاته الذي حذر منه الرئيس كينيدي في عام 1962.
المصدر : ناشونال إنترست