الرئيسة \  تقارير  \  مقال بمركز كارنيغي: الشرق الأوسط يتحول بعيدا عن أميركا

مقال بمركز كارنيغي: الشرق الأوسط يتحول بعيدا عن أميركا

25.10.2021
الجزيرة


الجزيرة
الاحد 24/10/2021
"التحول بعيدًا عن أميركا" عنوان مقال محرر بمركز كارنيغي للشرق الأوسط (Carnegie Middle East Center) في زاوية "مدونة ديوان"، ذُكر في مستهله أن الجهات الإقليمية والدولية تكثف مساعيها من أجل الانخراط في لعبة نفوذ جديدة بالشرق الأوسط.
وأشار الكاتب مايكل يونغ إلى أن أعضاء جمهوريين بالكونغرس الأميركي اتهموا إدارة الرئيس جو بايدن بأنها حجبت تقريرا عن "إمبراطورية حزب الله المالية". وقال إن هذا التقرير، الذي كلفت بإعداده وزارتا الخارجية والدفاع، يعتبر أحد المقتضيات التي نص عليها قانون تعديلات منع التمويل الدولي لهذا الحزب اللبناني والصادر عام 2008.
وذكر أن هذ التقرير يمثل أهمية كبيرة للجمهوريين "نظرا إلى أن إدارة بايدن تدرس احتمال رفع العقوبات الاقتصادية عن لبنان الذي يسيطر عليه حزب الله، في حين ترزح البلاد تحت وطأة أزمة نقدية هائلة". وقال النائب الجمهوري بات فالون "إذا تراجعت الإدارة الحالية ورفعت العقوبات المفروضة على لبنان، فستكون هذه خطوة مأخوذة من قاموس السياسة الخارجية التي انتهجها نيفيل تشامبرلين. وحزب الله وحده يتحمّل مسؤولية الانهيار الاقتصادي في لبنان".
وألمح الكاتب إلى أن تعليق فالون ولّد أسئلة مثيرة للاهتمام، فلا يوجد مؤشر على أن الولايات المتحدة قد فرضت فعليا عقوبات على لبنان. والأكيد أنها فرضت عقوبات على سياسيين لبنانيين وعلى أعضاء بحزب الله وشركاء له، لكن لا شيء يشير إلى أنها ستعيق مثلا خطة صندوق النقد الدولي لإنقاذ هذا البلد. بل واقع الحال أن إدارة بايدن حاولت مؤخرًا مساعدة الجيش اللبناني، كما زار وفد من أعضاء الكونغرس بيروت في سبتمبر/أيلول الماضي لدراسة سبل مساعدة البلاد. وصرح العضو ريتشارد بلومنثال "لا أستبعد خيار تطبيق مشروع مارشال مصغر من أجل لبنان، لأن مصالح الأمن القومي الأميركي تقتضي ذلك".
اتفاقية الغاز
وعلق المقال بأن الأمر الأكثر دلالة ما نقلته مصادر بالكونغرس من أن "الكونغرس يدقق بشكل متزايد" في رفض إدارة بايدن الإفراج عن تقرير وزارتي الخارجية والدفاع "وسط تقارير منفصلة عن استعدادها للموافقة على بعض الإعفاءات من العقوبات الاقتصادية المفروضة على نظام الأسد من أجل تسهيل التوصل إلى اتفاقية مع لبنان حول الطاقة".
وتنطوي هذه الاتفاقية على ضخ الغاز المصري في خط أنابيب يمر عبر الأردن وسوريا ووصولا إلى لبنان لتزويد محطة دير عمار الواقعة بالقرب من طرابلس، حيث يشار إلى أن لبنان يعاني من انقطاع التيار الكهربائي فترات طويلة، في ظل نقص الأموال وشحّ الوقود. لذا، من شأن هذه الخطة أن تساعد على إنتاج الطاقة في ظل الركود الاقتصادي الذي تعانيه البلاد.
في الشرق الأوسط، تفرض الأنظمة قواعد جديدة للعبة النفوذ تحضيرا لرسم معالم منطقة تحولت بعيدا عن أميركا.
لكن تطبيق هذه الخطة، كما يقول الكاتب، يتطلب من الولايات المتحدة استثناء لبنان والأردن من العقوبات المفروضة في إطار "قانون قيصر" الذي صمم لمعاقبة النظام السوري على الجرائم التي ارتكبها ضد شعبه.
وأضاف الكاتب أن كل ذلك يظهر أن مصر والأردن متفقتان حيال لبنان، وأنهما نجحتا على ما يبدو في إقناع إدارة بايدن بدعم مقاربتهما. ولفت إلى أنه رغم أن العناوين العريضة للخطة تركز ببساطة على تزويد لبنان بالغاز، فإنه يبقى الجوهر الحقيقي أن مصر والأردن تحاولان استخدام أوضاع لبنان الراهنة وسيلة من أجل إعادة سوريا إلى كنف الدول العربية.
ويرى أن اتفاقات التطبيع التي أُبرمت العام الفائت بين دول الخليج وإسرائيل شكّلت نوعا من ثقل موازن في وجه إيران، ومع ذلك باءت محاولات الولايات المتحدة لاحتواء طهران بالفشل. فقد اتسعت رقعة نفوذها بالشرق الأوسط رغم خضوعها للعقوبات طيلة عقود. وهي لا تقدم مثالا يحتذى به، إلا أنها استغلت الطبيعة المفككة والمتشرذمة للكثير من الدول العربية لتحقيق مصالحها الخاصة.
لعبة النفوذ
وتابع المقال أن المنحى السائد في أماكن أخرى من العالم العربي يبدو مبتكرا أكثر. ويشي سلوك مصر والأردن في لبنان بأن الدول ذات الغالبية السنية، إذا نجحت في حشد تحالفاتها وأنصارها بالشرق الأوسط، فهي تملك فرصة أفضل في إرغام إيران على مراعاة مصالح الدول العربية، مقارنة مع الفرص التي يوفرها اعتمادها على الأسلحة الأميركية أو الإسرائيلية.
فقد كان هدف إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما إرساء توازن قوى إقليمي قادر على إحداث تغيير من دون تدخلات خارجية بعد الانسحاب العسكري الأميركي، وهو ما يوافق عليه بايدن على الأرجح.
واختتم المقال بأن أصداء هذه الرسالة تتردد بالعالم العربي اليوم. ففي ظل توقف الولايات المتحدة عن تنظيم شؤون الشرق الأوسط، تعمد الدول العربية إلى جمع أوراقها لخوض لعبة نفوذ خاصة بها على المستوى الإقليمي. أما في واشنطن، فيبقى النقاش محدودا، إذ يركز على خطوات الإدارة الحالية وتأثيرها على الساحة الداخلية، لكن في الشرق الأوسط، تفرض الأنظمة قواعد جديدة للعبة النفوذ، تحضيرا لرسم معالم منطقة تحولت بعيدا عن أميركا.
المصدر : مركز كارنيغي للشرق الأوسط