الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مع إرث أوباما وتركة ترامب.. كيف ستكون سياسة بايدن في سوريا؟ 

مع إرث أوباما وتركة ترامب.. كيف ستكون سياسة بايدن في سوريا؟ 

16.11.2020
ناصر زين



الخليج أونلاين 
الاحد 15/11/2020 
اندلعت الثورة السورية في ظل حكم الرئيس الأمريكي باراك أوباما، واستمرت حربها بعد مغادرته لمنصبه عام 2016، فيما لم تتوقف معاناة السوريين خلال حكم الرئيس دونالد ترامب؛ إذ لم يتوقف النظام عن ارتكاب "الجرائم"، متجاوزاً الخطوط الحمراء بدعم إيراني وروسي غير محدود. 
ورغم أن ترامب كان يبدو أكثر حدة في التعامل مع النظام الذي استخدم السلاح الكيماوي مجدداً ولأكثر من مرة في عهده، ما دفع الرئيس الأمريكي لشن ضربات جوية على منشآت تحوي أسلحة كيماوية لنظام الأسد، في 13 أبريل 2017، فإنها لم تؤثر على سلوكه، إلا أنه في المقابل قطع الدعم عن فصائل الجيش الحر التي كانت تحاول إسقاط الأسد، ضمن سياسة وصفت بالمتخبطة. 
يفجر ترامب، في ديسمبر 2018، مفاجأة الانسحاب الأمريكي العسكري من الأراضي السورية ثم تراجع عن قراره بتقليص أعداد الجنود، ليتبعه بعد عام بتوقيعه على "قانون قيصر" الذي  يفرض عقوبات اقتصادية موسعة على النظام السوري وروسيا وإيران وكل من يتعامل معه. 
مع فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة، تساؤلات كثيرة تدور في الأروقة الإقليمية والدولية عن طبيعة السياسة التي سينتهجها رفيق درب أوباما وخصم ترامب تجاه سوريا؟ 
إرث أوباما وتركة ترامب 
ومن المتوقع أن يكون لبايدن سياسة مختلفة عن سياسة ترامب في سوريا، فقد قالت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لها، في سبتمبر 2020، إنه "على بايدن أن يصلح أكبر فشل في السياسة الخارجية لأوباما،حيث إنه سيرث مسؤولية إصلاح نهج الولايات المتحدة تجاه سوريا، الذي فشل فشلاً ذريعاً منذ إدارة أوباما وفي عهد ترامب". 
وقالت الصحيفة إن حملة بايدن الانتخابية وعدت بزيادة المشاركة الأمريكية في سوريا، وزيادة الضغط على رأس النظام السوري، بشار الأسد، لتوفير العدالة والأمان للشعب السوري، لكن هذه الوعود سمع بها السوريون منذ عقد من الولايات المتحدة ولم يتم الوفاء بها". 
وأضافت أن تعليقات بايدن العلنية حول سوريا كانت نادرة، وكان قد أشار إلى نيته إبقاء وجود صغير للقوات الأمريكية في سوريا، في حال انتخابه. 
وأشارت إلى أن "إدارة بايدن ستعيد الانخراط في سوريا دبلوماسياً، وستزيد الضغط على الأسد، وتمنع الدعم الأمريكي لإعادة إعمار سوريا حتى يوافق رئيس النظام على وقف الأعمال الوحشية التي يرتكبها". 
وفي سياق متصل ذكر موقع "ميدل إيست إيه" البريطاني، أن بايدن عندما كان نائباً لأوباما لم يكن متحمساً لفكرة تسليح المعارضة مخافة أن يظهر متطرفون بين صفوفها، منتقداً سياسة أوباما تجاه سوريا وعدها ضعيفة أو غير مجدية. 
وأكّد الموقع أنه لا يوجد توقعات كبيرة من بايدن تجاه سوريا، لأنه من المرجح أن يتبع المنهج الحذر ذاته الذي اتبعه عندما كان نائباً للرئيس تجاه هذا النزاع، ومن غير المحتمل بالنسبة له أن يقوم بزيادة التدخل العسكري الأمريكي في سوريا، كما ذكر أنه لا دوافع قوية لديه تحثه على التراجع عن السياسات القائمة حالياً، أي إنه سيحتفظ ببعض الجنود في المنطقة الشرقية وسيبقي العقوبات المفروضة على الأسد. 
وقبل مغادرة ترامب للبيت الأبيض بحوالي شهرين، أكّد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو نهاية خدمة الممثل الأمريكي الخاص لشؤون سوريا جيمس جيفري، وأنه سيتقاعد من منصبه مع نهاية نوفمبر 2020. 
جيفري الذي استلم مهمته عام 2018، نصح الرئيس المنتخب بايدن وفريقه بمواصلة سياسات إدارة ترامب في الشرق الأوسط، وأن يحافظ على الاستقرار في سوريا بالمحافظة على حالة "الجمود". 
وخاطب جيفري،  خلال حوار أجراه مع موقع "defenseone" المتخصص في التحليلات الدفاعية، الإدارة الأمريكية المقبلة قائلاً: "لا تحاولوا تحويل سوريا إلى دنمارك، الجمود هو الاستقرار". 
وأضاف جيفري موجهاً كلامه لبايدن: "أنا فقط أخبرك بالواقع كما رأيته، أنا لا أحاول تقديم خدمات لأي شخص، لأنه من المهم للغاية ألا يأتي الفريق الجديد فيقولوا إذا كان هذا من صنع ترامب فلا بد أن يكون سيئاً". 
 بايدن 
ما هي سياسة بايدن المتوقعة؟ 
ورغم أن بايدن ليس جديداً على الساحة السياسية الأمريكية، فهو لم يبتعد سوى أربع سنوات عن البيت الأبيض، وها هو يعود إليه مجدداً كرئيس، إلا أن التطورات في الساحة السورية والإقليم مختلفة وقد تحمل سياسات مختلفة خصوصاً بعد السياسة اللامتزنة التي انتهجها ترامب بالمنطقة، وفق وصف كثير من المحللين. 
ويدعم ذلك ما قاله مستشار السياسة الخارجية لبايدن، توني بلينكين، من أن "الولايات المتحدة فشلت في منع الخسائر المأساوية في الأرواح وكذلك الملايين من الأشخاص الذين تحولوا إلى لاجئين أو نازحين داخلياً في سوريا، الأمر الذي تعمل عليه حملة بايدن، وستأخذه بعين الاعتبار". 
وأردف بلينكين، بحسب "واشنطن بوست"، أن "قانون (قيصر) أداة مهمة للغاية لمحاولة الحد من قدرة نظام الأسد على تمويل عنفه، والضغط عليه لتغيير سلوكه". 
ويعتقد وائل علوان، الباحث في مركز جسور للدراسات، أن هناك تغييراً جوهرياً بعد استلام بايدن لمنصبه، عبر إعادة إحياء دور المؤسسات الأمريكية في عموم السياسة الخارجية، وهو ما كان متراجعاً في عهد ترامب بشكل كبير جداً، خاصة أن الولايات المتحدة دولة مؤسسات. 
وأكّد علوان، في حديث مع "الخليج أونلاين"، أن "ترامب كان يعقد الصفقات، ويجب ألا ننسى نحن السوريين أنه في عهده جرت أعنف حملات روسيا العسكرية وهُجر سكان وادي بردى والغوطة الشرقية وشمال حمص وجنوب دمشق، ثم الحملة على درعا وسيطرة الروس عليها، ثم تمدد النفوذ الإيراني فيها". 
ولفت الباحث السوري إلى أن هذا حصل "بسبب الدور المتراجع للولايات المتحدة في عموم المنطقة؛ وهذه سياسة ترامب لا المؤسسات الأمريكية، لذلك من المتوقع أن تشهد المنطقة اهتماماً أمريكياً أكبر بعهد بايدن، لا سيما أن ترامب كان يدير كل شيء عبر صفقات لا على شكل استراتيجية مستدامة". 
ويخشى السوريون من موقف بايدن من النفوذ الإيراني، وفتح المجال لها لتحرك أكبر في المنطقة، وهذا ما جرى عكسه في عهد ترامب حيث توسعت روسيا في المنطقة على حساب إيران، واستطاعت تركيا أن تنال دعماً محدوداً شمال سوريا، ومن المرجح أن تحد إدارة بايدن من الدور الروسي بشكل أكبر في سوريا، وتقلل من دعمها لتركيا، وفق علوان. 
وبخصوص عقوبات قيصر يعتقد الباحث أنها مستمرة في عهد بايدن، لأنه قرار أمريكي استراتيجي وافق عليه الديمقراطيون والجمهوريون بالكونغرس ثم وقعه ترامب، مشدداً على أن القانون يقضي بحصار اقتصادي لأجل إرغام روسيا ومن خلفها النظام السوري على الانخراط الجاد بعملية سياسية وفق الرؤية الدولية، وهو ما سيكون أكثر قوة في عهد بايدن. 
وبخصوص نصيحة جيفري لبايدن، قال علوان: إن "الرئيس الأمريكي الجديد سيكون له استشارات موسعة مع الخارجية والبنتاغون، حيث لا يتوقع أن يعيد بايدن قرارات ترامب المضطربة مثل الانسحاب الأمريكي المفاجئ، وغيرها من سياسات غير متزنة خلال السنوات الأربع الماضية". 
ولا يتوقع الباحث أن تتجاوز سياسة بايدن أدوات فرض القطيعة الدولية، وعدم تطبيع العلاقات مع نظام الأسد؛ لا سيما الدول العربية، واستمرار الحصار الاقتصادي المنهك لنظام الأسد، ورفض أي مبادرة من مبادرات إعادة الإعمار، مرجحاً عدم وجود أي نية لتصعيد عسكري أو أمني أكثر من ذلك. 
واختتم حديثه أن هذه الأدوات ستكون أشد في عهد بايدن من أجل أن تخطو روسيا نحو حل سياسي وتفاوض حقيقي في سوريا للحفاظ على مصالحها، وفتح ثغرة في علاقاتها الإقليمية والدولية.