الرئيسة \  واحة اللقاء  \  معركة إدلب الكبرى

معركة إدلب الكبرى

18.09.2018
يونس السيد


الخليج
الاثنين17/9/2018
ما أشبه اليوم بالبارحة، وإن اختلفت التفاصيل، فاحتشاد الجيوش من كل حدب وصوب في سوريا، وعلى وجه الخصوص، في إدلب ومحيطها، يذكّرنا بمقدمات معركة حلب الكبرى، ويشي بأن معركة كبرى أخرى قادمة لا محالة، وإن تأجلت لبعض الوقت، على الرغم من التحذيرات الدولية من حدوث "كارثة القرن".
دوافع اندلاع هذه الحرب موجودة لدى كل الأطراف، فالنظام وحلفاؤه، يحشدون كل إمكاناتهم لخوض "المعركة الفاصلة" لاستعادة السيطرة على إدلب بعدما نجحوا في استعادة السيطرة على معظم المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة المعتدلة والمتطرفة منذ اندلاع الإحداث السورية، ولم يتبق أمامهم سوى هذه المحافظة الأكثر اكتظاظاً بالسكان، بعد أن تحوّلت إلى مركز تجميع لمهجّري المحافظات الأخرى والمقاتلين الرافضين للدخول في مصالحات مع النظام، إضافة إلى الشرق السوري الذي له حسابات مختلفة.
والمعارضة تحشد كل ما لديها وتحصّن نفسها وتدفع بعشرات آلاف المقاتلين من مناطق "درع الفرات" و"غصن الزيتون" المدعومة من تركيا للدفاع عن آخر معقل لها في سوريا، وبالتالي فالمعركة بالنسبة لها مسألة حياة أو موت. وتركيا لديها من الدوافع ما هو أكثر من مجرّد الدفاع عن حلفائها في "المعارضة المعتدلة" والتي اختلط الحابل بالنابل بينها وبين تلك التي توصف بالإرهابية مثل تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة" التي لا تزال تسيطر فعلياً على إدلب وريفها.
وتدرك تركيا أن خسارة هذه المعركة سيعيد النظام إلى حدودها مع الشمال السوري، ويؤدي إلى فقدان نفوذها وضرب مصداقيتها تجاه حلفائها والمراهنين عليها، وسيدفعها إلى مراجعة حساباتها مع النظام من العمل على إسقاطه إلى إمكانية التعاون معه مستقبلاً، وبالتالي فهي تعمل على خطين لتحقيق أهدافها، أولاً الدفع بالمزيد من قواتها إلى الميدان، وتكثيف عمليات شحن السلاح والذخائر إلى الفصائل بهدف إطالة أمد المعركة، إن وقعت، وكذلك المساومة في موضوع الأكراد، وثانياً السعي للتوصل إلى تسوية تفضي إلى فصل الإرهابيين عن "المعتدلين"، وهي مهمة شبه مستحيلة، نظراً لوجود آلاف المقاتلين الأجانب وعدم وجود دولة تستقبلهم، والواقع أن تركيا تريد الخروج باتفاق تسوية، يحفظ لها ماء الوجه في النهاية.
تبقى الحشود الأمريكية والروسية، وكلاهما قام بمناورات وإرسال تعزيزات إلى سوريا، لإثبات جديته في التعامل مع الأزمة الناشبة، فواشنطن وحلفاؤها يستعدّون لتوجيه ضربة انتقامية للنظام السوري، سواء كانت سيناريوهات "الكيماوي" صحيحة أم لا، والهدف أيضاً هو حفظ ماء الوجه، فيما قد يقبل الروس عملاً شكلياً، كما في كل مرة، تلافياً لمواجهة أمريكية - روسية، تخرج الجميع من السياق المألوف.