الرئيسة \  واحة اللقاء  \  معارك "كسر عظم" بين النظام السوري والمعارضة قرب خان شيخون شمال غربي سوريا

معارك "كسر عظم" بين النظام السوري والمعارضة قرب خان شيخون شمال غربي سوريا

17.08.2019
هبة محمد


القدس العربي
الخميس 15/8/2019
دمشق – "القدس العربي": في ما يشبه معارك كسر عظم تتواصل العمليات العسكرية وهجمات النظام السوري وحليفه الروسي للأسبوع الثاني وتصدي المعارضة لهما في إدلب ومحطيها شمال غربي سوريا، حيث تقدمت القوات المهاجمة باتجاه مدينة خان شيخون، كبرى مدن المنطقة، وسط مواجهات عنيفة تخوضها مع الفصائل المعارضة.
أهداف روسية
وقال مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، إن قوات النظام باتت على بعد أربعة كيلومترات من خان شيخون من جهة الغرب، بعد سيطرتها على خمس قرى صغيرة، موضحاً أن الفاصل بين القوى المهاجمة والمدينة عبارة عن أراضٍ زراعية، حيث تدور اشتباكات عنيفة في منطقة ترعي وهي المحور الجنوبي من ريف إدلب، ترافق مع عمليات قصف جوي وبري بشكل مكثف من قبل طائرات روسية وطائرات مروحية بالإضافة لعشرات القذائف والصواريخ، حيث تسعى قوات النظام للاقتراب أكثر نحو مدينة خان شيخون من المحاور الشرقية، بعد أن تمكنت من التقدم من المحاور الغربية للمدينة، عبر سيطرتها على 5 قرى ومزارع الثلاثاء، وهي (قرى كفرعين وتل عاس وتلتها وأم زيتونة ومزرعتي خربة مرشد ومنطار).
الروس يعتبرون السيطرة على "أهم معاقل الثورة" هدفاً استراتيجياً
وتعتبر سيطرة النظام على مدينة خان شيخون، ضرباً مباشراً لأهم المعاقل الرئيسية المتبقية للثورة، وهي مناطق ينتشر فيها جيش العزة، حيث تشكل مدينة خان شيخون – إذ ما تمت السيطرة عليها – والطريق الواصل بين الهبيط والطريق الدولي، تقسيم المنطقة إلى قسمين، وهما ريف حماة المحاصر بالكامل، ومحافظة إدلب.
لماذا خان شيخون؟
ويقول مراقبون لـ"القدس العربي" إن جبهات خان شيخون الغربية، هي محاور سهليّة رخوة، يسهل التقدم فيها بعد سيطرة النظام السوري على التلال الحاكمة، وانهيار خطوط الدفاع الخلفية والأمامية وسط استخدام سياسة الأرض المحروقة، لكنهم يؤكدون وجود "طرق نجاة أخيرة" عبر استيعاب هذا الانهيار بشن هجمات في خواصر رخوة للنظام السوري تدفعه لتقليل عدد القوات المهاجمة في محور الهبيط – خان شيخون.
ويعتبر البعض ان لموسكو أهدافاً غير مكشوفة للجميع، في السيطرة على خان شيخون، أهمها تقسيم معقل المعارضة ومحاصرة جيش العزة، ومسح آثار "مجازر الكيميائي" التي نفذتها في المدينة.
المعارض السياسي، سمير نشار اعتبر ان التوافقات الإقليمية والدولية خاصة بين تركيا وروسيا فيما يخص منطقة الشمال هي ما يطبق اليوم، وذلك بما يتلاءم مع مصلحة الطرفين أولاً، وهذا ما جرى سابقاً وفِي جميع مناطق خفض التصعيد، وما يجري الآن في إدلب وجوارها، معتبراً أن تقدم أن النظام في ادلب هو نتيجة العجز التركي عن تطبيق اتفاق "سوتشي" الذي كان من المفترض تنفيذه نهاية العام الماضي.
وبغض النظر عن سيناريوهات الإخراج للمشهد الاخير، يتساءل السوريون، هل تستطيع فصائل الثوار إفشال التوافق الدولي، كما استطاعوا رفض تنفيذ "سوتشي"؟
وتحدث الخبير السياسي محمد سرميني، عن أسباب توجّه روسيا والنظام السوري نحو خان شيخون، وقال لـ"القدس العربي" إن أبرزها أنّ النظام السوري لا يفضّل القضم البطيء والتقدم نحو مدن اللطامنة وكفرزيتا لما يترتب على ذلك من خسائر عسكرية ومادية، بل يميل إلى سيناريو تطويق هذه المدن، وتحقيق ذلك يُعتبر أسهل نسبياً عبر التوجّه نحو خان شيخون بعد أن سيطر على أغلب التلال الحاكمة في جهتها الغربية وأصبحت جبهاتها من محور الهبيط رخوة ومكشوفة. إضافة إلى أنّ النظام يريد السيطرة على كامل القطاع الجنوبي لمنطقة خفض التصعيد؛ لما لذلك من أهمية في تأمين نقاط الانتشار العسكري الروسي في حماة وتأمين الطريق الواصل بين حماة والساحل، كما أنّ حصار المنطقة يُساهم في عزل نقطة المراقبة التركية في مورك، وبالتالي الضغط على تركيا لإعادة النظر بشكل وكيفية وجودها العسكري في سوريا وكذلك فيما يخص مقاربة روسيا إزاء اتفاق سوتشي حول قضايا المراقبة والإشراف والتنفيذ، حيث تفُضّل روسيا إدارة وتأمين الطرق الدولية بشكل منفرد على القبول بنموذج مشترك مع تركيا. وتطويق القطاع الجنوبي لمنطقة خفض التصعيد عبر السيطرة على خان شيخون يُوفّر الوصول إلى الطريق الدولي "إم 5" وفرض سياسة أمر واقع حول إدارته وتأمينه.
ولفت سرميني أيضاً إلى إبراز قدرة روسيا على الحسم العسكري رغم كل الخسائر التي تعرضت لها القوات البرية المدعومة من قبلها، وإعادة صياغة معالم جريمة الكيميائي التي تم اتهام النظام السوري فيها، ورغم أن التقرير النهائي حول الجريمة قد صدر من الأمم المتحدة لكن روسيا تحتاج لإظهار الواقع بشكل يخلي عنها أي مسؤولية لا سميا بعد إضافة معيار تحديد الجهة المسؤولة عن الاستهداف.
معارك عنيفة
كما اعتبر ان أحد الأسباب الهامة هي وضع خطوة متقدمة باتجاه جبال ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي الغربي، وذلك في حال الرغبة في التقدم نحو بقية القرى والمدن في منطقة خفض التصعيد، مع وجود رغبة لدى روسيا بإعادة تفعيل ملف المصالحات بعد إتمام حصار المنطقة مثلما فعلت في كل مناطق خفض التصعيد، لتسهيل السيطرة على بقية قرى ومدن محافظة إدلب ومحيطها. وقال لـ"القدس العربي"، ان رغبة روسيا هي عزل فصائل المعارضة عن بعضها البعض لتقليل فاعليتها العسكرية وخلق حالة من الذعر والانكسار في صفوفها.
وتستمر المعارك العنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها بدعم روسي من طرف، والفصائل ومجموعات جهادية من طرف آخر، على محور ترعي في القطاع الجنوبي من ريف ادلب، في إطار الهجوم المستمر في محيط مدينة خان شيخون من محاورها الشرقية، فيما رصد المرصد السوري محاولة تقدم لقوات النظام نحو مدينة خان شيخون من مزارعها الغربية حيث تمكنت الفصائل من التصدي لها على الرغم من الإسناد الجوي والبري المكثف وسط معلومات عن مزيد من القتلى والجرحى بين طرفي القتال.
دعم تركي
ولا يزال دعم تركيا لوجستياً وعسكرياً لفصائل المعارضة السورية في العمليات القتالية الجارية في محافظة إدلب ومحيطها سارياً ولم ينقطع كما يسود الاعتقاد لدى البعض بعد التراجع العسكري الأخير، حسب ما يقول الخبير السياسي محمد سرميني، معتبراً أنه لا بدّ من فهم سياق دعم أنقرة للفصائل "فهو ينحصر ضمن الجهود الرامية للحفاظ على اتفاق خفض التصعيد وخطوط التماس وانتشار نقاط المراقبة أي بما لا يتجاوز سياسات الردع والدفاع من إمداد بالصواربخ المضادة للدروع وغيرها".
ويرتبط هذا السياق بوجود تحديات أمنية وسياسية في مقاربة تركيا للملف السوري القائمة على خلق توازن في مصالحها بين التفاهمات مع روسيا وبين الولايات المتحدة الأمريكية، "علماً أنّ حجم العملية العسكرية التي يشنها النظام السوري بدعم جوي وبري روسي يتجاوز سياسة الردع حيث تحتاج فصائل المعارضة لتوسعة عملياتها الوقائية مثلما فعلت في جبهة الساحل حينما حققت تقدماً ثم تراجعت عنه وكذلك في تل الملح شمال حماة وتل الواسطة جنوب حلب، وهذا يتطلب قدرات لوجستية وتنسيقاً أكبر، إلى جانب الحاجة إلى فتح أكثر من محور هجومي للمشاغلة وللسيطرة".
وفي سياق آخر، قتل 23 عنصرا من قوات النظام والمليشيات الموالية لها جراء قصف واشتباكات مع الفصائل والمجموعات الجهادية على محاور في ريفي إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي، كما قالت "شبكة إباء" المقربة من "هيئة تحرير الشام" إن فصائل المعارضة قتلت 148 عنصراً من قوات النظام.
وكان المصدر قد وثق مقتل 1500 عنصر لميليشيات الأسد وإصابة أكثر من 3000 آخرين خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة على يد فصائل المعارضة على جبهات ريف حماة.