الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مظلومية أهل السنه !

مظلومية أهل السنه !

19.09.2017
عبد الحميد المجالي


الدستور
الاثنين 18/9/2017
كان تنظيم داعش هدية غير متوقعة او تم صناعتها، لاؤلئك الذين كانوا ينفذون مخططا استراتيجيا بعيد المدى لاحداث تغيير طائفي مذهبي في الشرق الاوسط عموما والهلال الخصيب خصوصا، اساسه اقتلاع اهل السنة، او جعلهم اقلية في المنطقة، باعتبارهم طائفة تخرج دائما وخصوصا خلال العقود الماضية عن الطاعة، ولديها تطلعات لتغيير الواقع المؤلم الذي تعيشه المنطقة العربية.
وقد وفّر داعش لهؤلاء حجة “محاربة الارهاب” التي سمحت لهم بالتمادي في التوحش والارهاب ضد الطائفة السنية، ولان داعش بالكامل من السنة، فان اي سني يصبح متهما وقتله مباح ومشروع باعتباره داعشيا او مشروعا ارهابيا، حتى لو كان مطواعا ويمشي الحيط الحيط، لكي يستطيع العيش في هذا العالم الملئ بالظلم والنفاق والتامر.
ولكي نضع النقاط على الحروف، فان هناك ثلاث جهات هي التي خططت وهي من تنفذ هذا المخطط بمسميات تبدو مشروعة لكنها مسمومة، واهدافها تبدو لمن يتابع الاوضاع على الارض مكشوفة و لاتقبل الجدل او الشك، والجهات الثلاث هي ايران والولايات المتحدة وروسيا.
بعد الثورة الخمينية اعلنت ايران مبدأ تصدير الثوره، والذي يعني تصدير المذهب الشيعي وسيطرة الشيعة على مقاليد الشرق الاوسط، وقد بدا ان الحرب العراقية الايرانية التي امتدت ثماني سنوات قد قلصت من اندفاع هذا المشروع الذي ياخذ طابعا طائفيا من الناحية الدينية واستعماريا في جانبه السياسي، غير ان دخول الولايات المتحدة على خط الصراع ضد العراق في مرتين حاسمتين الاولى : في حرب عام واحد وتسعين والثانية : من خلال غزو عام الفين وثلاثه، اعاد الحياة بقوة للمشروع الايراني، وفتح له افاقا واسعة للتنفيذ دون عوائق او ضوابط وتحت اعين الامريكيين، الذين سمحوا لانصار ايران بالحكم، والقيام بما لم يقم به احد من قبل، ضد اهل السنة على اساس توهمات واساطير استدعت التاريخ البعيد والسياسة الحاضرة، وبينهما الكراهية الممتدة منذ معركة كربلاء .
وفي الحرب ضد تنظيم داعش الذي لم يعد هناك مجال للشك بعلاقته الودية مع ايران، تم تهجير ملايين السنة وقتل الالاف وخطفهم وسجنهم . واهم من ذلك التغيير الديمغرافي الذي تم بموجبه طرد اهل السنة من مناطقهم واحلال الشيعة مكانهم، اما بالقوة الظاهرة او بالتخويف والتهديد بالابادة، ولايزال مخطط ايران ياخذ ابعاده بالاحلال الطائفي الممنهج، دون ان تصدر الولايات المتحدة الحاضرة في العراق بالقوة والسياسة، بيانا واحدا يستنكر ما يجري او يدينه على الاقل من الناحية الاخلاقية، وصمت واشنطن عن هذه الجرائم، شكل اعلانا لايقبل الشك بان لديها هدفا استراتيجيا في احداث تغيير طائفي في المنطقة على حساب السنه.
اما في سوريا، فان ما يجري وبشكل ممنهج ايضا، هو عملية تغيير جذري للهوية الثقافية والمذهبية بل والعروبية لذلك البلد، فقد استقدمت ايران عشرات الآلاف من الشيعة من مختلف انحاء العالم للقتال الى جانب النظام، وفي الحقيقة فانه لم يكن يهمها في ذلك المحافظة على النظام بالدرجة الاولى، بل يهمها تشييع سوريا السنية، وبالتالي ضمان تبعيتها للمشروع الايراني، وفي هذا الاطار تم تدمير المدن السنية السورية الواحدة تلو الاخرى، وجرى قتل أواعتقال اهلها او تهجيرهم في اطار عملية الاحلال الطائفي، بالاضافة الى تجنيس عشرات الالاف من الشيعة بالجنسية السورية، وقد تركت ادارة اوباما لايران الحبل على الغارب هي وحزب الله، وسمحت لهما بان يفعلا كل شئ لتنفيذ مخططهما الذي تعلم عنه واشنطن بجملته وتفاصيله واهدافه النهائيه. وهنا كان دور روسيا التي اعتمدت مبدأ واشنطن بالصمت عن تنفيذ ما يجري، بل ساهمت في تنفيذ المخطط الايراني باستخدام احدث ما لديها من الاسلحة حتى المحرمة دوليا، وبعد قصفها المعارضة السنية وتدمير المدن والمشاركة في تهجير اهلها، اشرفت على اتفاقات تنص صراحة على انتقال السكان السنة من مناطق سكناهم الى مناطق اخرى. ولا يزال المخطط قيد التنفيذ، وسط صمت العالم وعدم قدرة الدول الاسلامية على فعل شئ.
وسيكون هذا المخطط واضحا تمام الوضوح،عند التوصل الى التسوية السياسية للازمة السورية. فالخريطة السياسية لسوريا التي سترسمها هذه التسوية لن تعطي الاغلبية السنية فرصة للحكم الحقيقي، بل سيتم الالتفاف عليها للابقاء على حكم الاقلية. فالحرب التي امتدت كل هذه السنوات كان هدفها الرئيس هو ان لاتحكم الاكثرية السنية سوريا. ولهذا يجب ان تكون نتائج اي تسوية سياسية، محكومة بالمخطط الايراني ورغبتي أمريكيا وروسية، وبموجب هاتين الرغبتين، يجوز للاغلبية الشيعية حكم العراق، ولايجوز للاغلبية السنية حكم سوريا . وبالمناسبة لماذا يصمت العالم عن الجرائم والحرمان والاضطهاد الذي يعاني منه السنة في ايران منذ عقود وربما قرون . هذا الاضطهاد الذي وصل الى حد حرمانهم من ممارسة شعائرهم الدينية بحرية، لقد قال صحفي كندي زار ايران ونشر تقريرا في الصحف الكندية، ان المسيحيين واليهود يعيشون في ايران ويمارسون طقوسهم الدينية، افضل مما يعيشه السنة المسلمون في هذا الجانب وفي غيره .
بالاحصاءات الاولية، هناك الان اكثر من ثمانية عشر مليون لاجئ سوري وعراقي جميعهم من السنه واكثرهم من السوريين، وهذه الارقام تشير الى حجم هذه المظلوميه، وتكشف الى اي مدى تسير عملية تنفيذ المؤامرة الدولية والاقليمية لتغيير وجه المنطقة، وذلك برسم خريطة سكانية جديدة لها، ضحيتها السنة العرب، ولا نعلم ان كان هذا المخطط سيتوقف عند هذا الحد ام لا!؟.