الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مسلّمات القضية السورية

مسلّمات القضية السورية

11.04.2018
علي حسين باكير


العرب
الثلاثاء 10/4/2018
قام نظام الأسد يوم السبت الماضي، باستهداف منطقة دوما في الغوطة الشرقية بالسلاح الكيماوي، ما أوقع عدداً كبيراً من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، أغلبهم من الأطفال والنساء، ولم يستثنِ الهجوم المرضى، إذ أصابت إحدى قنابل الكلور مستشفى في دوما، ووفقاً لشهادة بعض الأطباء الأجانب -الذين ساعدوا في إسعاف المصابين- فإن مادة الكلور استخدمت للتغطية على غاز السارين -الذي تمّ مزجه مع مكونات أخرى- في القنابل التي ألقيت على المدنيين في دوما.
وبالرغم من أن استخدام السلاح الكيماوي ضد المدنيين ينتهك القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، واتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية التي صادق عليها نظام الأسد في أيلول من العام 2013، وكل القرارات الأمميّة ذات الصلة بالقضية السورية، وبالرغم من أن استخدام السلاح الكيماوي ضد المدنيين يشكّل جريمة حرب، واستخدامه المتعمد والمتكرر والمنهجي يشكّل جريمة إبادة، فإن نظام الأسد مستمر في استخدام السلاح الكيماوي دون أي اعتبار لأية جهة.
واستناداً لبعض الإحصاءات، فإن الهجوم الذي تم يوم السبت هو الهجوم رقم 215، الذي يشنّه نظام الأسد باستخدام السلاح الكيماوي منذ العام 2012، وهو ما يعني أن الأمر أصبح شبه عادي بالنسبة إليه وإلى داعميه، وأحد أهم الأسباب هو غياب عنصري المحاسبة والعقاب الرادع، الأمر الذي يشجع النظام على الاستمرار، وهو أمر يتحمّل مسؤوليته المجتمع الدولي.
هذا السلوك الإجرامي للنظام السوري، يؤكد -بما لا يدع مجالاً للشك- أنه لا خلاص في سوريا من دون الخلاص من شخص الأسد والمؤسسات التي تمثّله، لا استقرار من دون محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، ولا سلام من دون أن يلقوا العقاب المناسب على ما يفعلونه من جرائم، الانتصار على المدنيين عبر تشريدهم وتهجيرهم وتدمير ونهب ممتلكاتهم، وعبر حصارهم وتجويعهم، وعبر قصفهم وقتلهم بشتى أنواع الأسلحة، وعبر إبادتهم بالسلاح الكيماوي لا يولّد سلاماً، بل يحضّر لعودة الانتقام والثأر، هكذا علّمنا التاريخ من قبل.
إن تركيز بعض الدول -وعلى رأسها الولايات المتحدة- على التعامل مع النتائج التي أفرزتها حرب الأسد على المدنيين منذ 7 سنوات، بدلاً من التعامل مع أصل المشكلة المتمثل في النظام السوري، أدى الى إطالة أمد الحرب، وإلى استمرار الأسد في مجازره، وإلى اطمئنانه إلى بقائه في الحكم، وإفلاته من العقاب، إذا كانت هناك بعض الدول تخشى عودة "داعش"، فإن استمرار المسار على ما هو عليه، سيؤدي بالضرورة إلى إعادة انبعاثها عاجلاً أم آجلاً، وبشكل أسوأ مما كان عليه الأمر سابقاً.
لقد حوّلت القوى الكبرى سوريا إلى حقل تجارب خلال السنوات الماضية، وفضّل الجميع الركون إلى خيار إبقاء الأسد باعتباره الخيار الأقل تكلفة لهم، لكن هذه الجريمة تثبت يوماً تلو الآخر، أن هذا الخيار هو الأعلى تكلفة للمدنيين السوريين، ولمستقبل سوريا شعباً وأرضاً ودولة، ومخاطر تداعياته تتجاوز حدود سوريا إلى البلدان المجاورة، الاعتقاد السائد بأن إبقاء الأسد وإغلاق الحدود، سيمنع انتقال التداعيات الكارثية للأزمة السورية إلى الغرب هو اعتقاد واهم، فالعالم ليس عبارة عن جزر معزولة، وما يسكت عنه المجتمع الدولي في منطقتنا، سيضطر إلى تحمّل تكاليفه لاحقاً، ولن تحميه الحدود، ولا التعامل مع أنظمة مثل الأسد، أو من هم على شاكلته.;