الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "مسالخ الأسد" وبداية التاريخ

"مسالخ الأسد" وبداية التاريخ

12.02.2017
منار الرشواني


الغد الاردنية
السبت 11/2/2017
يُتوقع أن يكون بين "الشبيحة الديمقراطيين" العابرين للحدود، قومجياً ويسارياً، شخص واحد حصيف، يحذر من العودة إلى نظرية المؤامرة الكونية، وبالتالي تبني نفي نظام بشار الأسد لتقرير منظمة العفو الدولية الصادر قبل أيام بعنوان "المسلخ البشري: عمليات الشنق الجماعية والإبادة الممنهجة في سجن صيدنايا بسورية". فالمنظمة ستكون مفيدة لهؤلاء بتقاريرها الأخرى؛ للدفاع عن دور إيران في اليمن بالتحالف مع صانع مأساة اليمن الحديث علي عبدالله صالح، كما للتباكي على الفلسطينيين الذين تنكل بهم إسرائيل فيما لا يحرك العرب ساكناً، فيكون من حق نظام الملالي اقتسام الغنيمة مع إسرائيل والتباهي باحتلال عواصم عربية عدة.
ومن ثم، سيبدو الأنسب لـ"الشبيحة الديمقراطيين" الصمت عن "مسلخ صيدنايا"، مع تأكيدهم أنهم لا يؤيدون بشار الأسد أبداً؛ بل هم -كما يخبروننا دوماً- يؤيدون "الدولة السورية". لكن هذه الدولة، التي يجب أن تكون "مدنية ولكل مواطنيها طبعاً"، لا يمكن أن تكون إلا "سورية الأسد". والقول بخلاف ذلك لا بد أن يكون عمالة وخيانة.
لكن الحقيقة أن اجتماع "التشبيح" و"الديمقراطية" معلق حتماً على شرط واحد يتخذ شكلين اثنين، لا ثالث لهما. أولهما، أن يكون "الشبيحة الديمقراطيون" قد ولدوا مع اندلاع الثورة السورية في العام 2011. وعلى الرغم من أنهم لم يعرفوا شيئاً عن "سورية الأسد" قبل يوم ميلادهم، إلا أنهم صاروا منذ ذلك اليوم قادرين على التنظير، وأهم من ذلك أنهم يملكون الحق كاملاً في إصدار صكوك الغفران والحرمان/ التخوين بحق الشعب السوري، وكل الشعوب العربية، بل ووصولاً حتى إلى كوريا الشمالية وفنزويلا.
أما إن لم يكونوا بمثابة "طفل معجزة" قرر بحكم نخبويته عدم النظر إلى الماضي القريب جداً، فإنه لا بد لاستواء منطق "الشبيحة الديمقراطيين" أن يكونوا –رغم أنهم قومجيون، يقرأون ويكتبون- قد اكتشفوا "سورية الأسد" في العام 2011 فقط، والذي لا بد أن يكون هو أيضاً بداية تاريخها. فاستحق الأسد أن يُعطى الفرصة –لأول مرة في حياته- لبناء الدولة الديمقراطية.
لكن إذا كان "الشبيحة الديمقراطيون" يرتضون لأنفسهم أحد الخيارين السابقين، وهم يرتضون فعلاً، فإن عليهم أن يعرفوا أن بقية الشعوب العربية وشعوب العالم كافة تعرف أن تاريخ "سورية الأسد" بدأ قبل العام 2011 بعقود، اختُبر خلالها رسوخ جرائمه وفساده؛ فليس "مسلخ صيدنايا" بضحاياه الثلاثة عشر ألفاً، من ضمنهم أطفال، إلا الأحدث في اكتشافه ضمن مسالخ أخرى كثيرة جداً معروفة ومجهولة. تماماً كما اختبرت طوال الفترة ذاتها خرافة "المقاومة والممانعة". فيما منذ العام 2011 (بداية التاريخ) الذي دشن فيه عهد سيطرة إيران ومليشياتها الطائفية، تم القضاء على أي أساس لكذبة "الدولة" التي يبنيها الأسد؛ مدنية أو حتى عربية.
إزاء كل ذلك، الذي يعرفه الجميع بلا استثناء، يكون بدهياً أن الجميع أيضاً يعرفون أن "الشبيحة الديمقراطيين" ليسوا أكثر من مدافعين مفضوحين عن جرائم الأسد، يحاولون التستر بورقة توت كُتبت عليها كلمة "ديمقراطية"! لكن ما يظل ملغزاً بحق للآن هو: ماذا يريدون فعلاً من وراء التنكيل بالشعوب العربية؛ استبداداً وفساداً واحتلالاً؟