اخر تحديث
الأحد-05/05/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ مذبحة الجامع الأموي للتاريخ
مذبحة الجامع الأموي للتاريخ
10.09.2017
يحيى حاج يحيى
يقال إن مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا في نهضتها الشامخة زار سورية عام 1956 م فأعجب بها و قال لمن حوله : متى نرى ماليزيا تصل إلى ما وصل إليه هذا البلد ؟!!
أما الأديب السعودي عبد الله بن خميس الذي زار سورية عام 1955 م فقد أدهشه ما كانت عليه سورية آنذاك في عهد الدستور و الحرية و سيادة القانون و تكافؤ الفرص و احترام المواطنة !
فقال في مقدمة كتابه ( شهر في سورية ) يخاطب شباب الجزيرة العربية : ( إلى شباب يجدون في أعمال الأمم الحية ما يلهب شعورهم ، و يحفز هممهم ، و يذكي فيهم روح التضحية و العمل ، و يلهمهم أن هذه الأمجاد من صنع بشر مثلهم آمنوا بأن الحياة كفاح و تضحية و عمل ، فراحوا يصارعون الأهوال ، و يتخطون المصاعب حتى خلقوا العجائب ، و قهروا الأحداث .
إلى شباب الجزيرة العربية أهدي هذا الكتاب ، ليشاهدوا فيه ما صنعته أيدي إخوان لهم في اللغة و الدين و الجوار و الآمال ، و الآلام ..عسى أن يكون لهم في هؤلاء أسوة ، و أن يكونوا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ) .
و قد ضم الكتاب فصولا عديدة ، رأينا أن نقف عند فصل ( الجامع الأموي) فقد تحدث الكاتب عن بناء الوليد بن عبد الملك له ، و أطنب في وصف جماله ، و أنه أعجوبة من عجائب الدنيا !!
هذا المسجد الذي لم يتجرأ المحتلون على أن يمسوه بأذى ، حتى جاء نظام البعث بعد سيطرة عساكره على الحكم ، فلقي منهم الأذى بعلمائه و مصليه و بنائه ... و من المناسب هنا أن نعرج على ما كتبه الدكتور عبد الرحمن بن حسن حبنكة الميداني في كتابه ( الوالد الداعية المربي ) عن المجزرة التي أقامها صبيان النظام و عساكره للمسجد و المصلين في عام 1965 م يقول الشيخ ( و كانت السلطة قد انتدبت كتيبة عسكرية مدججة بالأسلحة النارية ، سريعة الطلقات بقيادة سليم حاطوم ، و معه أسلحة مدرعة ، لتطويق جامع بني أمية الكبير ، بغية الإيهام أن الموجودين في الجامع قد اجتمعوا للقيام بفتنة مسلحة في البلاد ، ثم الانقضاض عليهم بالأسلحة النارية حصدا ، دون تمييز بين مشارك في المظاهرة و مصل ٍ، و شيخ عجوز عاكف في المسجد يتلو كتاب الله ... و في الساعة التي ظن فيها مدبرو المكيدة أن النصاب المقصود تجميعه في الفخ ، قد اكتمل هجم الجنود بأسلحتهم ، و تقدمت دبابة فكسرت باب المسجد ، و دخله الجنود بغارة وحشية يقتلون المسلمين فيه تقتيلا حاقدا برصاص الأسلحة النارية سريعة الطلقات و كانت مذبحة رهيبة حقا ، داخل رابع مسجد عظيم من مساجد العالم الإسلامي ، قتل فيها خلق كثير ، و فيهم شيوخ عجزة من ملازمي الجامع الأموي للصلاة و تلاوة القرآن. و هذه المذبحة الشنيعة لم يحدث نظيرها في كل عهود الاستعمار الغربي !؟
و إن يكن حدث نظيرها في هجمات المغول على الديار الإسلامية ، و هجمات القرامطة صنائع اليهود على البيت الحرام و حجاج المسلمين ، فكم من راكع في صلاته و ساجد سقط صريعا برصاص هؤلاء الجنود الذين دخلوا كالوحوش الضواري الجياع على زريبة أغنام ؟!!!
و استاق جنود الكتيبة الطاغية من بقي حيا إلى السيارات العسكرية الشاحنة تحت ضربات البنادق و التعذيب الوحشي الشنيع القذر الدنيء إلى سجن المزة من ملحقات دمشق الحالية .
و تم في الوقت نفسه تشكيل محكمة عسكرية تحكم بسرعة و تنفذ أحكامها دون مراجعة ولا استئناف ، فحكمت بالقتل على فريق ممن استاقتهم إلى السجن ، و أصدرت أحكام سجن على آخرين .
و قد تبين فيما بعد أن السلطة نفسها هي التي أوحت بهذا الاجتماع و دبرته ، و اشتركت بعض أجهزتها السرية بالدعوة إليه ، ليكون بمثابة فخ تحصد فيه قادة المعارضة لها من علماء المسلمين ، بتهمة قيامهم بثورة مسلحة ، و أنهم سقطوا ضمن المقاومة ، فلا مسؤولية على الدولة في مقتلهم ؟!
و تحققت فراسة الوالد الإمام عليه رحمة الله و رضوانه ( أي : الشيخ حسن حبنكة ) فقد كان الأمر كما قدر ؟!
و يضيف الشيخ عبد الرحمن : كانت الاتصالات الهاتفية من الجامع الأموي تتوالى تستحثه للحضور هو و من عنده من العلماء ، و كان المستحث رجلا متعمما محسوبا على طلاب العلم ، و هو في الحقيقة من مخابرات الدولة و أنجى الله قادة الدعوة يومئذ من المكيدة الدنيئة بعنايته و حفظه !
و لكنهم ظلوا يتعرضون للمضايقات و الاستدعاء إلى المحاكمات المتعنتة الوقحة ، و انقلب جو المحاكمة إلى محاكمة للنظام وأزلامه على تصرفاته ، و كان مما قاله الشيخ حسن حبنكة لهم : كم بريء قتلتم ظلما؟! و كم إنسان حكمتم عليه بالإعدام بغير حق ؟!!!
و أما الشاعر العربي انتماء ، و السوري مولدا الأستاذ بدوي الجبل فيصف هؤلاء المتسلقين على الحكم ، و المتسلطين على رقاب الشعب ، و ليس لهم أهلية سوى الإجرام و سفك الدماء ، و معاداة الله و رسوله و المؤمنين فيصف اشتراكيتهم و سلوكهم في الحكم :
اشتراكية تعاليمها الإثرا ء و الظلم و الخنا و الفجور
و ينتقل إلى ما فعلوه في المساجد و المصلين في وقت مبكر
عام 1965 م ، و ما قاموا به من أعمال ، سبقوا بها غيرهم من الجزارين و الطغاة :
هتكوا حرمة المسا جد لا جنكيز باراهم و لا تيمور
قحموها على المصلين بالنا ر فشلو يعلو و شلو يغور
أمعنوا في مصاحف الله تمزيقا ويبدو على الوجوه السرور
فقئت أعين المصلين تعذيـ با و ديست مناكب و صدور
و كان القتل عن عمد لا خطأ و لا دفاعا عن النفس ، بل تنفيذ لمخطط إجرامي حاقد موتور ؟! أين منه سفاحو التتار و مجرمو الحروب الصليبية :
المصلون في حمى الله يرديـ هم مدل بجنده مغرور
وأما الجامع فهو جامع بني أمية الكبير الذي عقدت فيه رايات الفتح ، و دوت في جنابته دعوات الجهاد ! و كأن هؤلاء جاؤوا للثأر منه بعد هذا التاريخ الحافل المجيد ، و قد عجز عن ذلك التتار و الإفرنج ، فأتى هؤلاء و لهم ألسنة العرب و قلوب الفرنجة :
جامع شاده على النور فحل أموي معرق منصور
لم ترع فيه قبل حكم الطوا غيت طيور و لا استبيحت وكور
و صدق قول الله تعالى فيهم و في أمثالهم (( و من أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ، و سعى في خرابها ، أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين ، لهم في الدنيا خزي ، و لهم في الآخرة عذاب عظيم))
1 - كتاب الوالد الداعية المربي " الشيخ حسن حبنكة الميداني " ص 234 و ما بعد.
2 - قصيدة من وحي الهزيمة للشاعر (بدوي الجبل )/ رابطة أدباء الشام .
3 - سورة البقرة الأية 114 .
4 - للتعرف على مكانة هذا الجامع يراجع كتاب الشيخ علي الطنطاوي ( الجامع الأموي)