الرئيسة \  مشاركات  \  محمد مرسي شهيد صفقة القرن

محمد مرسي شهيد صفقة القرن

20.06.2019
د. محمد أحمد الزعبي




كنت أتابع قبل قليل أحد البرامج على شاشة إحدى الفضائيات حين فاجأني خبر عاجل يشير ، نقلا عن التلفاز المصري ، إلى وفاة الرئيس محمد مرسي في قاعة المحكمة خلال محاكمته في قضية التخابر ( الإثنين 17.06.2019 ) .
لم أكن كمتابع لما جري ويجري في الوطن العربي عامة ، و في مصر منذ انقلاب عبد الفتاح السيسي على رئيسه المنتخب محمد ومرسي ، بتاريخ الثالث من شهر يوليو2013 خاصة ، بحاجة الى كثير من التفكير والتدبير ، لكي يتبين لي على الفور ، إننا أمام جريمة سياسية مكتملة الأركان ، القاتل فيها هو الرئيس ( غير المنتخب )الجنرال عبد الفتاح السيسي ، وزير الدفاع في حكومة محمد مرسي ، والمقتول هو ( الرئيس المنتخب ) محمد مرسي ، وإن خماسي صفقة القرن وورشة المنامة ، هم من يقف وراء التخطيط والتنفيذ لهذه الجريمة اللاأخلاقية البشعة .
في تأكيده لطبيعة وأبعاد هذه الجريمة ، يذكر السيد (كريسبن بلانت ) رئيس الجنة البرلمانية البريطانية التي كلفها البرلمان البريطاني بالتحقيق في ظروف اعتقال وسجن الرئيس محمد مرسي ، الذي كان يقبع في سجون الجنرال السيسي منذ انقلاب السيسي عليه في الثالث من يوليو تموز 2013 ، ودون أن ترشح أية معلومات عن ظروف سجنه ، حيث كان معزولا عن العالم في سجن إنفرادي ،لايعرف أحد عنه ولا منه شيئاً .
لقد رفض السيسي السماح لهذه اللجنة البرلمانية البريطانية بزيارة محمد مرسي ومقابلته ، والإطلاع بالتالي على حالته الصحية وعلى ظروف سجنه ، تنفيذاً للمهمة التي كلفها البرلمان البريطاني بها ، مما اضطرها الى اللجوء إلى أساليب مختلفة من التحقيق ، الذي توصلت من خلالها إلى أن الرئيس محمد مرسي مسجون في ظروف لاتتوافق مع المعايير الدولية ويمكن أن يؤدي ذلك إذا مااستمر إلى وفاته بشكل مبكر( وهو ماحصل هذا اليوم فعلاً ) .
من جهتنا ، فإننا نرى أن الزمان الذي اختير لتنفيذ هذه الجريمة ( أسبوع واحد عن ورشة المنامة ) ، إنما يسمح لنا منطقياً وعملياً بربطها بما بات معروفاً بصفقة القرن ، والتي هي عملياً صفقة الخماسي الذي مر ذكره ، بل وصفقة التخلي عن القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، لصالح الكيان الصهيوني ، والتي افتتحها ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس الشرقية ، خلافا لنص قرار مجلس الأمن رقم 242 لعام 1967 . وبما أن غالبية الشعب المصري الساحقة ، لا توافق الجنرال على هذا الموقف غير الوطني وغير الأخلاقي ، فقد تملكه الخوف - على مايبدو - من إمكانية أن يكون الشعب المصري مايزال يفكر بنتائج انتخابات 2012 التي جاءت بمحمد مرسي إلى السلطة في جمهورية مصر العربية ، فقرر – على مايبدو - دفن هذه النتائج ، ودفن محمد مرسي معها ، وبطبيعة الحال ، بالإستفادة من خبرة (أبو منشار) في مثل هذه العمليات من القتل والتقطيع والدفن وإخفاء الحقيقة عن الناس .
لم يعد محمد مرسي بيننا الآن ، لافي السجن ولا خارجه ، أما القيم السياسية والإجتماعية ، التي كان فيما لو بقي رئيساً سيناضل من أجلها ، مصرياً وعربياً وإسلامياً ، ولا سيما مناصرة الضعفاء والمظلومين ، فستبقى كطائر العنقاء ، تحوم ليس فوق رؤوس الشعب المصري فحسب ، وإنما فوق رؤوس الشعب العربي كله ، من المحيط إلى الخليج ، مطالبة بعودة الربيع العربي ، كيما تورق الأشجار اليابسة ثانية ، وتعم الديموقراطية ، وتستريح الأمة العربية من كوابيس الفساد والاستبداد والقبلية والطائفية ، التي أرهقتها ، والتي ماتزال تنهش في جسدها ، منذ سايكس بيكو ووعد بلفور، في مطلع القرن العشرين ، وحتى يومنا هذا . فليرحم الله محمد مرسي . وإنا لله وإنا إليه راجعون .