الرئيسة \  تقارير  \  مترجم: اجتماعات التهدئة.. ما الذي أحرزته المحادثات بين روسيا والناتو حتى الآن؟

مترجم: اجتماعات التهدئة.. ما الذي أحرزته المحادثات بين روسيا والناتو حتى الآن؟

17.01.2022
ساسة بوست


عبدالرحمن النجار
ساسة بوست
الاحد 16/1/2022
أعد ستيفن إرلانجر، كبير المراسلين الدبلوماسيين في أوروبا لصحيفة “نيويورك تايمز”، وأنتون ترويانوفسكي، مدير مكتب الصحيفة الأمريكية في موسكو، تقريرًا نشرته الصحيفة، قالا في مستهله إنه بعد أربع ساعات من المحادثات مع روسيا، أعلن قادة حلف شمال الأطلسي (الناتو) استعدادهم للانخراط في دبلوماسية جادة مع موسكو بشأن الحد من التسلح ونشر الصواريخ في أوروبا، لكنهم رفضوا المطالب الروسية الصريحة بإيقاف الحلف لتوسعه وسحب قواته من الدول الأعضاء قرب حدود روسيا وعدم انضمام أوكرانيا للحلف أبدًا.
أشار التقرير إلى ما قاله الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبرج، بعد الاجتماع، بأن الخلافات الكبيرة ما زالت قائمة بين الناتو وروسيا، ولن يكون من السهل تجاوزها. وأضاف ستولتنبرج: “هناك خطر حقيقي بحدوث نزاع مسلح جديد في أوروبا”، وهو خطر سيكلف موسكو تكاليف اقتصادية باهظة، وسيؤدي إلى انتشار عسكري جديد في الدول الأعضاء بالقرب من روسيا.
روسيا تطلب والناتو يرفض
وأوضح الكاتبان أن الولايات المتحدة وحلفاءها في الناتو والاتحاد الأوروبي يضغطون على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتخلي عن غزو أوكرانيا، وسحب قواته والانخراط في دبلوماسية متبادلة بشأن المخاوف الأمنية لروسيا، والناتو.
وشدد ستولتنبرج على أن حلفاء الناتو حثوا روسيا على التهدئة الفورية للوضع في أوكرانيا، حيث احتشد ما يقرب من 100 ألف جندي روسي بالقرب من الحدود، واحترام سيادة جيرانها وسلامتهم الإقليمية. وقال مسؤولون إن ممثلي روسيا لم يلتزموا بسحب القوات، كما لم يرفضوا الطلب.
وقد أعاد حلفاء الناتو التأكيد على رفضهم قبول المطالب الروسية بوقف التوسع مع الدول التي ترغب في الانضمام إلى الحلف وسحب جميع قوات الحلف من أعضاء الناتو المتاخمين لروسيا. تكررت هذه المطالب بعد المحادثات التي أجراها نائب وزير الخارجية الروسي، ألكسندر جروشكو، الممثل الدائم السابق لدى الناتو من 2012 إلى 2018.
قال جروشكو: “هذا موقف قائم على المبدأ، ولن نتحرك عنه”، لكنه وصف الاجتماع بأنه “نزيه ومباشر وعميق وشامل”، مضيفًا: “لكن في الوقت نفسه، أظهر قدرًا كبيرًا من الخلاف حول الأسئلة الأساسية”. ونقل التقرير عن جروشكو قوله: “كانت مناقشة صريحة. وأعتقد أننا تمكنا من إبلاغ أعضاء التحالف بأن الوضع أصبح لا يطاق”. وكشف أنها كانت فرصة لتذكير الناتو بأن روسيا أيضًا قد يكون لها رأي في مستقبل الأمن الأوروبي، الأمر الذي قد ينطوي على مخاطر، مؤكدًا أنهم يؤيدون الحلول السلمية القائمة على التوازن.
موقف روسي غامض
يشير الكاتبان إلى أن تعليقات السيد جروشكو لا تغلق الباب أمام مزيد من الدبلوماسية، على الرغم من أنها لم تتعهد بإجراء محادثات بعد هذا الأسبوع. وقال مسؤولون روس في وقت سابق إنهم ينتظرون انتهاء أسبوع كامل من المحادثات – التي بدأت بعشاء غير رسمي في جنيف يوم الأحد الماضي واختتمت يوم الخميس في فيينا – لاتخاذ قرار بشأن كيفية الاستمرار.
ينكر المسؤولون الروس أن البلاد تخطط لغزو أوكرانيا، لكن بوتين حذر من رد عسكري – تقني لم يُسمِّه إذا لم يوافق الغرب على مطالب روسيا، وكرر جروشكو ذلك التحذير، دون مزيد من التوضيح، قائلًا: “إذا انتقل الناتو إلى سياسة الاحتواء، فستكون هناك سياسة احتواء مضاد من جانبنا. وإذا كان هناك ردع، فسيكون هناك ردع مضاد”.
وينقل التقرير عن ويندي ر. شيرمان، نائبة وزيرة الخارجية التي قادت الوفد الأمريكي إلى المحادثات، التي وصفت بعض مطالب روسيا بأنها “بداية غير مشجعة”، مؤكدة على عروض الناتو بالانخراط في محادثات دبلوماسية مع روسيا. وأوضحت شيرمان في إحاطة للصحافيين في بروكسل: “حدد مسؤولو الناتو الجوانب التي يمكننا العمل عليها مع الجانب الروسي، وإحراز تقدم حقيقي”، بما في ذلك الحد من التسلح، ونشر الصواريخ، وتقليل المخاطر، وزيادة الشفافية في التدريبات العسكرية.
وأكد ستولتنبرج أن حلفاء الناتو عرضوا على روسيا سلسلة من الاجتماعات الإضافية حول قضايا أوسع تتعلق بالأمن الأوروبي، بما في ذلك القضايا التي أثارتها شيرمان. لكنه قال إنه بينما كان الوفد الروسي إيجابيًا بشكل عام، فإنه لم يلتزم، أو لا يمكنه الالتزام، باجتماع جديد. وهذا مؤشر آخر على أنه حتى كبار الدبلوماسيين الروس قد لا يعرفون حقيقة نوايا بوتين، بحسب التقرير.
أعربت شيرمان عن أملها أنه بعد هذا الأسبوع الطويل من المناقشات مع كبار الممثلين الروس “أن يعودوا إلى موسكو ليطلعوا رئيس روسيا، ويدركوا جميعًا أن الدبلوماسية هي الطريق الصحيح”.
تهديدات أمريكية
نقل الكاتبان عن شيرمان قولها إن القرار يعود إلى بوتين “إذا غادرت روسيا، فسيكون من الواضح تمامًا أنهم لم يكونوا جادين قط في الاستمرار بالمسار الدبلوماسي”.
وأضافت أن واشنطن وحلفاءها يعدون بـ”تكاليف وعواقب وخيمة” إذا غزت روسيا أوكرانيا مرة أخرى، وفرض “ثمن باهظ على اقتصاد روسيا ونظامها المالي”. وكررت شيرمان أن اختيار موسكو سيكون مهمًا بالنسبة لمصير خط أنابيب نورد ستريم 2، الذي يهدف إلى نقل الغاز الطبيعي من روسيا إلى ألمانيا في المستقبل، موضحة: “من وجهة نظرنا من الصعب جدًا رؤية تدفق الغاز عبر خط الأنابيب أو تشغيله إذا جددت روسيا عدوانها على أوكرانيا”. وقالت شيرمان إن خط الأنابيب، الذي لم يبدأ تشغيله بعد، هو مشروع جيوسياسي روسي يقوض أمن “جزء كبير من المجتمع الأوروبي الأطلسي”.
ينوه الكاتبان إلى أن الاجتماع في مقر حلف شمال الأطلسي ببروكسل يعتبر المحطة الثانية في الجولة الدبلوماسية التي تركز على الكرملين، وذلك بعد محادثات في جنيف يوم الاثنين بين مسؤولين روس وأمريكيين. كما عُقد اجتماع آخر يوم الخميس في فيينا مع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي تضم 57 دولة، بما في ذلك أوكرانيا، على مستوى دبلوماسي أدنى – مع السفراء وليس وزراء الخارجية وغيرهم من كبار المسؤولين.
وبحسب التقرير فإذا قررت روسيا متابعة أهدافها دبلوماسيًا بدلًا عن الذهاب إلى الحرب مرة أخرى في أوكرانيا، فإن مفاوضات بشأن الأمن الأوروبي المستقبلي ستجرى تحت رعاية مكتب الأمن والتعاون في أوروبا.
لحظة الحقيقة بين روسيا والناتو!     
ترأس الوفد الروسي في الاجتماع الذي تم في مقر الناتو السيد جروشكو ونائب وزير الدفاع ألكسندر فومين. وقد تحدثا مطولًا في بداية الاجتماع، وشرحا مطالب روسيا ومخاوفها. في المناقشات اللاحقة تحدث جميع أعضاء الناتو الثلاثين بطريقة وصفتها شيرمان بـ”الوحدة المذهلة” بشأن القيم الأساسية للناتو، والتي تشمل انفتاحه على أية دولة ترغب في الانضمام وهي مؤهلة لذلك.
وأضاف التقرير أنه قبل اجتماع يوم الأربعاء، قال السيد جروشكو للصحافيين: “لحظة الحقيقة في علاقتنا مع الحلف قادمة”، وذلك بحسب وكالات الأنباء الروسية. وينقل الكاتبان قول ستولتنبرج: “لم تكن هذه مناقشة سهلة، ولكن هذا هو بالضبط سبب أهمية هذا الاجتماع”، مضيفًا أن حلفاء الناتو وروسيا أجروا “نقاشا جادًا ومباشرًا بشأن الوضع في أوكرانيا وحولها، والآثار المترتبة على ذلك، من أجل الأمن الأوروبي”.
تأمل الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو أن يقرر بوتين التفاوض، حيث يواجه الآن تهديدات بالعقوبات الاقتصادية وعمليات الانتشار الجديدة لقوات الناتو في الدول المتاخمة لروسيا، مثل بولندا ودول البلطيق. ومن جانبها، قالت رئيسة وزراء إستونيا، كاجا كالاس، لرويترز إن مسألة عمليات الانتشار الجديدة هي مناقشة مباشرة، موضحة: “بالطبع، نحن نناقش مع حلفائنا زيادة وجودهم هنا ليكونوا بمثابة رادع. إذا نظرت إلى الخريطة، فإن دول البلطيق هي شبه جزيرة تابعة لحلف شمال الأطلسي، وبالتالي لدينا مخاوفنا”.
وأشار الكاتبان إلى أن المسؤولين البولنديين سعداء بردود الفعل الأمريكية وحلف شمال الأطلسي على مطالب موسكو. وقال لوكاس جاسينا المتحدث باسم وزير الخارجية البولندي “موقفنا واضح. الناتو والدول الأعضاء فقط هم من يتخذون القرارات فيما يخص شؤون الناتو، وليس أحد آخر”.
وقال نائب وزير الخارجية البولندي مارسين برزيداتش إن روسيا جارة، لكن لا يمكن السماح لها بالضغط على الآخرين، موضحًا: “ما تبقى لروسيا هو التخويف، ولكن بصفتها هذا الشريك الأصغر، مع دور متضائل في العالم، فإن الحجة القائلة إنه إذا لم تستمع إلينا، فسنغزو الزميل الأصغر لا يمكن أن تؤخذ في الاعتبار”.
بعد محادثات يوم الاثنين حذر سيرجي ريابكوف، الذي قاد الجانب الروسي، من أنه إذا لم يوافق الغرب على مطالب روسيا بسحب وجود الناتو في أوروبا الشرقية ورفض أية عضوية مستقبلية لأوكرانيا، فسيواجه عواقب غير محددة من شأنها أن تضع أمن القارة الأوروبية بأكملها في خطر.
يقول الأمريكيون والروس إنهم سيناقشون بعد هذا الأسبوع ما إذا كانوا سيستمرون في المحادثات، سيكون هذا هو الحال إذا لم يتخذ بوتين حجة مقادها أن واشنطن وحلفاءها لا يأخذون مطالب روسيا على محمل الجد – ويختار استخدام نتائج هذا الأسبوع كذريعة لخوض الحرب.