الرئيسة \  تقارير  \  مترجم: إسرائيل ساهمت في إقناع بوش بغزو العراق.. وتُكرر الأمر الآن ضد إيران

مترجم: إسرائيل ساهمت في إقناع بوش بغزو العراق.. وتُكرر الأمر الآن ضد إيران

28.06.2022
ساسة بوست


ساسة بوست
الاثنين 27/6/2022
الأصوات المتشددة في واشنطن التي تدعو إلى سياسات الضغط على إيران تخاطر أكثر بالتصعيد الذي قد يورِّط الولايات المتحدة في حرب أخرى “إلى الأبد”، وذلك وفق ما جاء في تقرير للدكتورة عسل راد نشره موقع “ميدل إيست آي” البريطاني.
تشير مديرة الأبحاث في المجلس الوطني الإيراني الأمريكي أنه في سبتمبر (أيلول) 2002، أدلى رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق آنذاك بنيامين نتنياهو بشهادته أمام الكونجرس لدعم مساعي إدارة بوش لغزو الولايات المتحدة للعراق.
وفي ذلك الوقت، ادَّعى نتنياهو أنه ليس هناك ثمة شك في أن العراق كان يطوِّر أسلحة نووية وأطلق زعمًا خاطئًا أنه: “إذا قضيتم على صدام، فأنا أضمن لكم أن هذا سيكون له أصداء إيجابية هائلة على المنطقة”.
وبعد ستة أشهر، غزَت الولايات المتحدة العراق غزوًا غير مشروع، ولم تعثر واشنطن على أسلحة دمار شامل، وأطلقت العنان لعقود من العنف والحرب في المنطقة.
تكرار الخطأ
وتلفت الكاتبة إلى أن إسرائيل تستخدم الآن قواعد اللعبة ذاتها للضغط من أجل حشد عسكري ضد إيران، بقيادة الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، تضغط الأصوات المتشددة في الولايات المتحدة على الرئيس جو بايدن للتراجع عن الوعد الذي قطعه أثناء حملته الانتخابية بمحاسبة السعودية والسعي إلى اتفاقيات أمنية أكبر مشروطة بـ”تطبيع” العلاقات مع إسرائيل. ومع ذلك، تتجاهل هذه الإستراتيجية الحاجة إلى إشراك إيران، وهي قوة مركزية في المنطقة، في هيكلها الأمني وتتجاهل الحوار المستمر المهم بين هذه الجهات الفاعلة الحكومية والتقدم المُحرَز.
وبدلًا من السعي إلى سلامٍ فعلي، نجد أن هذه الدعوات لتنفيذ سياسات الضغط على إيران تخاطر بمزيد من التصعيد الذي قد يورِّط الولايات المتحدة في حرب أخرى من الحروب “الأبدية”.
وبعد مرور ما يقرب من 20 عامًا على غزو العراق، بات من المسلَّم به عمومًا أن تلك الخطوة كانت خطأً تاريخيًّا في السياسة الخارجية الأمريكية. ومع ذلك، لسنا بحاجة إلى إدراك متأخر لفهم أن الحرب مع إيران ستكون خطأ فادحًا، ليس فقط بسبب تداعياتها ولكن أيضًا بسبب وجود بديل سلمي واضح.
تأجيج المخاوف
وتضيف الكاتبة أن الصقور (عدد من المسؤولين المتشددين المتبنين لفكرة ضرورة شن الحرب) في الولايات المتحدة وإسرائيل، وكما حدث في حالة العراق، حاولوا تأجيج المخاوف من الأسلحة النووية الإيرانية من أجل تبرير حرب محتملة.
والواقع أنه على مدار عقود قيل للجمهور إن إيران على وشك امتلاك أسلحة نووية. ومع ذلك، جاء حل التهديد المفترض بتطوير إيران لأسلحة نووية من خلال الدبلوماسية في نهاية المطاف.
وعلى الرغم من المعارضة القوية من إسرائيل وأنصار الحرب في الولايات المتحدة، توصَّلت الولايات المتحدة وإيران، إلى جانب المجتمع الدولي، في ظل إدارة أوباما، إلى اتفاق تاريخي في عام 2015 يُعرف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة أو الاتفاق النووي الإيراني.
وقدَّمت خطة العمل الشاملة المشتركة إشرافًا دوليًّا غير مسبوق وإمكانية الوصول إلى برنامج إيران النووي وفرضت قيودًا صارمة لضمان عدم تمكن إيران من تطوير برنامجها النووي، مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران.
ولم تكتفِ الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالإبلاغ مرارًا عن امتثال إيران للاتفاق، حتى بعد انسحاب إدارة ترامب من الصفقة في مايو (أيار) 2018 وانتهاك واشنطن للصفقة بإعادة فرض العقوبات، لكن الرئيس بايدن شهد أيضًا على مزايا الصفقة عندما كان مرشحًا في عام 2020 وأكد أن ترامب هو الذي انسحب من الصفقة، وليس إيران.
وعلى الرغم من هذا الاعتراف والسنوات التي قضاها بايدن في انتقاد سياسة الإدارة السابقة الفاشلة تجاه إيران، حافظت إدارته بالأساس على سياسات سلفه، بما في ذلك العقوبات التي لا تزال تعوق تدفق السلع الإنسانية لإيران في وقت الجائحة وإدراج الحرس الثوري الإيراني على القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية الأجنبية.
حرب كارثية أخرى
وتتابع الكاتبة: وفي حين وعَد بايدن أثناء حملته الانتخابية بإصلاح خطة العمل الشاملة المشتركة، أهدرت إدارته فرصة مبكرة لاستعادة الاتفاق قبل انتخابات إيران في يونيو (حزيران) 2021، والتي بشرت ببزوغ إدارة متشددة جديدة في إيران وبقيت الولايات المتحدة خارج الاتفاق.
ومع فشل بايدن في استعادة الصفقة التاريخية، واصلت إيران تطوير برنامجها النووي من خلال تخصيب اليورانيوم وإنتاج مخزون يتجاوز بكثير الحدود التي حافظت عليها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة.
ومن المفارقات أن الجماعات والأفراد الذين عملوا على تقويض الصفقة استخدموها في الأسابيع الأخيرة بوصفها مقياسًا لتوسُّع إيران. وعلى الرغم من أن معارضي الصفقة غالبًا ما زعموا أنهم يريدون “صفقة أفضل”، يبدو أن الضغط من أجل حرب كارثية أخرى في الشرق الأوسط هو النية الحقيقية لهذه الأصوات المتشددة.
وتشدد تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخيرة على إلحاح الحالة الراهنة التي تفيد أن إيران تملك الآن، ولأول مرة، ما يكفي من المواد الانشطارية المتوسطة المستوى لإنتاج قنبلة نووية. ومن المهم الإشارة إلى أنه سيتعين على إيران أن تتخذ القرار السياسي بالسعي إلى الحصول على سلاح وأن هذه العملية بحد ذاتها ستستغرق عامًا أو عامين.
ومع ذلك، من المرجَّح أن تؤدي الظروف الحالية إلى تضخيم الدعوات إلى العمل العسكري، خاصة بمجرد استبعاد الدبلوماسية من على الطاولة. وبالنظر إلى هذا الاحتمال، نجد أن سياسة بايدن تجاه إيران وموقف إدارته من خطة العمل الشاملة المشتركة قصيرة النظر على نحو خطير.
التأمل في الحرب الروسية
ودَعَت الكاتبة إلى التأمل في الحرب الحالية في أوكرانيا. وفي حين استخدم المسؤولون الأمريكيون خطاب القانون الدولي باستمرار للنيل من الحملة الروسية غير القانونية، فإن التصعيد إلى الصراع العسكري أو قصف إيران من شأنه أن ينتهك النظام ذاته القائم على القواعد ويستحضر ذكرى الضربة الاستباقية ضد العراق.
وأضافت الكاتبة أن مشاهدة الموت والدمار في أوكرانيا والمخاوف بشأن التصعيد النووي مع روسيا تستدعي جميعها الأهمية البالغة لتقييم عواقب الحرب. هذا وناهيك عن التأثير العالمي لمثل هذه الصراعات، كما يتضح من ارتفاع تكاليف الغذاء والطاقة وأزمة الغذاء العالمية التي تلوح في الأفق والتي ستُجوِّع كثيرين من الذين يواجهون بالفعل انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم، والتضخم في الولايات المتحدة الذي يؤثر بشدة في حياة العمال الأمريكيين.
وترجِّح الكاتبة أن تؤدي الحرب مع إيران إلى تفاقم هذه الظروف، لا سيما التدفق الكبير للنفط عبر مضيق هرمز في الخليج. وفي ظل هذه الظروف العصيبة، فإن آخر شيء يمكننا تحمله الآن هو التصعيد أو الحرب ضد إيران.
خطأ تاريخي
وتنوِّه الكاتبة إلى أن الرأي العام الأمريكي يعارض بالفعل المزيد من الحروب، ولهذا وعَدَت إدارتا بايدن وترامب بـ”إنهاء حروب أمريكا الأبدية”، والذي أصبح شعارًا شائعًا في الخطاب السياسي الأمريكي.
هل سيؤيد الأمريكيون انقلاب عسكري؟ 40% منهم يقولون نعم الآن
وهذا الرفض ليس بالأمر المفاجئ، وذلك في ضوء إخفاقات السياسة العسكرية الأمريكية، وعلى الأخص استيلاء طالبان السريع على أفغانستان بعد 20 عامًا من الحرب، والتكلفة الهائلة لهذه الصراعات على دافعي الضرائب الأمريكيين، حيث يعاني كثيرون في الداخل.
وترى الكاتبة أن الحرب ضد إيران، وهي دولة ذات عدد سكان أكبر من العراق وأفغانستان مجتمعَيْن ولديها موقع أقوى في المنطقة في أعقاب الحروب الأمريكية، ستكون خطأً تاريخيًّا فادحًا آخر وسيأتي بنتائج أسوأ بكثير مما رأيناه بالفعل.
وأضافت أن مزايا خطة العمل الشاملة المشتركة ومزايا حظر الانتشار النووي تتحدث عن نفسها. ومع ذلك، فإن تكاليف الفشل في استعادة الصفقة واحتمال نشوب صراع تتجاوز القيود المفروضة على برنامج إيران النووي.
إرث مشين
ولفتت الكاتبة إلى أن زلة لسان ساخرة للرئيس السابق جورج دبليو بوش في خطاب ألقاه مؤخرًا حول الحرب في أوكرانيا كشفت حقيقة إرثه: “… قرار رجل واحد بشن غزو وحشي وغير مبرر تمامًا للعراق”.
وعلى الرغم من أنه استدرك على الفور ليقول “أوكرانيا”، فإنه أضاف بصوت مهموس “العراق أيضًا”، الأمر الذي أثار ضحك الجمهور. وإذا لم يصحح بايدن مساره الحالي بشأن إيران قريبًا، الذي يقوض نجاحات الإدارة التي شغل فيها منصب نائب الرئيس، فقد يكون إرثه أيضًا حربًا من صنع يديه، وفق ما تختم به الكاتبة.