الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ما هو مصير اللاجئين السوريين في إسطنبول… وهل يمتلك إمام أوغلو صلاحية طردهم؟

ما هو مصير اللاجئين السوريين في إسطنبول… وهل يمتلك إمام أوغلو صلاحية طردهم؟

26.06.2019
إسماعيل جمال


القدس العربي
الثلاثاء 25/6/2019
إسطنبول ـ "القدس العربي": بالتزامن مع إعلان اللجنة العليا للانتخابات فوز أكرم إمام أوغلو مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض برئاسة بلدية إسطنبول الكبرى، وعلى الرغم من تزاحم الأحداث، تصدر وسم "ليغرب السوريون من بلدنا" قائمة أكثر الوسوم انتشاراً على موقع "تويتر" باللغة التركية، الأمر الذي زاد من هواجس اللاجئين السوريين الذين باتوا يعيشون حالة غير مسبوقة من القلق والخوف على مصيرهم.
ويعيش في تركيا قرابة 4 ملايين لاجئ سوري، مسجل قرابة 600 ألف منهم رسمياً في محافظة إسطنبول لكن الإحصائيات غير الرسمية تقول إن أكثر من مليون لاجئ سوري يقطنون في إسطنبول ويمارسون أنشطة مختلفة، لتكون بذلك أكبر محافظة تركية تضم لاجئين سوريين في البلاد.
وعلى الرغم من أن الجولة الأولى من الانتخابات المحلية التي جرت في آذار/مارس الماضي شهدت سلسلة طويلة من التهديدات تتوعد اللاجئين السوريين، إلا أن الحملة التي سبقت انتخابات الإعادة التي جرت، الأحد، شهدت تهديدات أوسع امتدت لتشمل مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم بن علي يلدريم.
وتدريجياً تحول ملف اللاجئين السوريين إلى أحد أبرز الملفات التي تتصدر أجندة اهتمامات الناخب التركي، وركزت المعارضة بشكل غير مسبوق على ضرورة إعادتهم إلى بلادهم في أقرب وقت ممكن، واتهمت اللاجئين بأهم أحد أبرز أسباب المصاعب الاقتصادية التي تمر بها البلاد وارتفاع نسب البطالة، بالإضافة إلى اتهامهم بافتعال مشاكل أمنية واجتماعية كبيرة. وتتركز مخاوف اللاجئين السوريين في الوقت الحالي حول الخطوات المتوقع أن يبدأ رئيس البلدية الجديد أكرم إمام أوغلو باتخاذها ضدهم فور تسلمه منصبه بشكل رسمي في الأيام المقبلة، وحول ما إذا كان من صلاحياته اتخاذ قرار بطردهم إلى سوريا أو توزيعهم على محافظات تركية أخرى.
هيكلياً، تعتبر وزارة الداخلية التركية المسؤولة بالدرجة الأولى عن كل ما يتعلق باللاجئين السوريين، وهي صاحبة القرار الفعلي فيما يتعلق بالإبقاء على أو ترحيل أي لاجيء وذلك سواء من خلال الأجهزة الأمنية التابعة للوزارة بشكل مباشر، أو من خلال دائرة شؤون الهجرة التابعة لها، وبالتالي لا توجد لرئيس البلدية أي صلاحيات يمكن أن تخوله باتخاذ أي قرار يتعلق بمصير اللاجئين. لكن في المقابل، للبلدية صلاحيات أخرى تتعلق بإمكانية التسهيل أو التضييق على الحياة اليومية والأنشطة الاجتماعية والتجارية التي يمارسها اللاجئين، حيث تمتلك البلديات صلاحيات تتعلق بمنح تراخيص العمل وحرية ممارسة الأنشطة الاقتصادية والتجارية والأمور المتعلقة بالسكن والخدمات المقدمة للمساكن وأماكن العمل كالماء والكهرباء والغاز وغيرها.
وفي هذا الإطار، وفي حال قرر رئيس البلدية الجديد البدء باستخدام كافة الصلاحيات الممكنة من أجل التضييق على اللاجئين السوريين فإنه يستطيع اتخاذ قرارات من قبيل وقف منح تراخيص أماكن العمل، والتضييق على مد الخدمات لها، وتصعيب إجراءات تأجير المساكن للاجئين، تشديد عمل دائرة الضرائب التابعة للبلديات على أماكن العمل الخاصة باللاجئين التي يعمل جانب كبير منها بشكل غير مرخص ويخالف القوانين التركية الصعبة، إلى جانب منع الكتابات العربية على أماكن العمل الخاصة بهم.
حالة غير مسبوقة من الخوف والقلق تنتابهم عقب فوز المعارضة
كما يمكن أن تلجأ رئاسة البلديات الكبرى أو البلديات الفرعية تدريجياً باتخاذ قرارات تتعلق بحرية دخول اللاجئين لبعض الأماكن أو تنقلاتهم على غرار ما قام به رؤساء بلديات تابعين للمعارضة في بورصة وأنطاليا كمنع منح تراخيص عمل في بلدياتهم، ومنع دخول اللاجئين إلى بعض المناطق والشواطئ وأماكن الترفيه وغيرها.
لكن القرارات السابقة لن تكون سهلة على رئيس البلدية الجديد في حال قرر اتخاذها، وستنقسم إلى قرارات يمكنه اتخاذها بشكل مباشر باستخدام صلاحياته كرئيس للبلدية، وقرارات أخرى سوف يضطر لاتخاذها بعد التصويت عليها في مجلس البلدية الذي يمتلك حزب العدالة والتنمية أغلبية مريحة فيه، ويسيطر على رئاسة كافة لجانه الرئيسية، بالإضافة إلى أن المعارضة تسيطر فعلياً على رئاسة بلديات قرابة 10 أقضية فقط، من أصل 39 قضاء في إسطنبول، أي أن حزب العدالة والتنمية ما زال يمتلك نفوذاً مهماً في رئاسة بلديات أغلب أقضية إسطنبول وأغلبية مريحة في مجلسها الذي يتخذ أغلب القرارات المهمة.
لكن كل ما سبق، ما هو إلا جزء بسيط من المخاوف التي تحيط بمصير اللاجئين، الذين باتوا يعون جيداً ما وصلت إليه الأمور في تركيا مع صعود المعارضة واستغلالها لملف اللاجئين وتزايد الامتعاض الشعبي منهم وصولاً لبدء تغير موقف حزب العدالة والتنمية منهم في محاولة منه لوقف نزيف رصيده الشعبي.
وقبل يوم من انتخابات الأحد، أطلق يلدريم تصريحات وصفت على نطاق واسع بـ"الصادمة"، حيث شدد على أن اللاجئين السوريين موجودين في البلاد بموجب بند "الحماية المؤقتة" وأنهم سوف يعودون حتماً إلى بلادهم، معتبراً أنهم باتوا تدريجياً يشكلون مشكلة اجتماعية وأمنية في إسطنبول، ووعد بأنه لن يبقى متفرجاً وسيعمل بالتنسيق مع الحكومة في أنقرة من أجل القيام بخطوات سريعة من أجل توزيع السوريين من الأحياء التي يتواجدون فيها بكثافة في إسطنبول إلى مناطق جنوب تركيا قبل ترحيلهم إلى سوريا.
وسبق ذلك أن طلب وزير الداخلية التركي سليمان صويلو من أهالي إسطنبول مهلة لمدة 6 أشهر من أجل القيام بخطوات عملية للتقليل من تواجد السوريين في إسطنبول ووضع حد للتجاوزات الأمنية والمشاكل التي تسبب بها تواجدهم فيها، متوعداً بانه لن يتهاون مع أي لاجئ لا يلتزم بالقانون.
هذا الخطاب المتشدد جاء على لسان وزير الداخلية الذي اعتبر طوال السنوات الماضية من أبرز المدافعين عن اللاجئين وتحدث مراراً عن الدوافع الدينية والتاريخية والقومية التي تدفع الحكومة لاحتضان اللاجئين وخدمتهم، وهو مؤشر مهم على حجم الضغط الشعبي الذي أجبر الحكومة على تغيير موقفها من اللاجئين.
وفي إطار حملة الإصلاحات المتوقع أن يبدأ بها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان عقب الهزيمة القاسية في انتخابات إسطنبول وما سبقها من بلديات كبرى أخرى في انتخابات آذار/مارس، يتوقع أن يتم اتخاذ إجراءات قاسية اتجاه اللاجئين يمكن أن تبدأ بشكل تدريجي وصولاً لإعادة جزء كبير منهم إلى سوريا. ومن الإجراءات التي يمكن أن تتبعها الحكومة وليس البلدية، تشديد التعامل مع المخالفين والمخلين بالأمن وترحيلهم بشكل فوري، ومن ثم القيام بعملية إعادة توزيع للاجئين من الأحيان التي يتواجدون فيها بكثاثة إلى محافظات أخرى، وصولاً إلى تشجيع عودتهم إلى سوريا طوعاً بإغراءات ربما تتعلق بتوفير مساكن وغيرها من الخدمات، حيث يهدف أردوغان لشطب ورقة اللاجئين بشكل نهائي من أجندة الناخب التركي قبيل موعد الانتخابات المقبلة عام 2023.