الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ما بعد "أستانا"

ما بعد "أستانا"

29.01.2017
د. محمد نور الدين


الشرق القطرية
السبت 28/1/2017
انتهى اجتماع أستانا حول الأزمة السورية إلى ما كان متوقعا سلفا إلى حد كبير.
المؤتمر لم يكن ليجترح المعجزات لكنه كان خطوة مهمة من أجل بلورة مرحلة أكثر تقدما للحل السياسي في سوريا. وهذا إنجاز بحد ذاته.
الإنجاز الأول أنه للمرة الأولى تشارك معظم الفصائل المسلحة للمعارضة في اجتماع وجها لوجه، ولو في الجلسة الافتتاحية فقط، مع وفد الحكومة السورية. وهذا كان يفيد بالضرورة أن الهدف الأساسي للاجتماع هو ميداني وتثبيت وقف النار بين الحكومة والمعارضة.
الإنجاز الثاني هو الاتفاق على وقف إطلاق النار لمدة عام مما يعطي الأطراف فرصة كافية للتحاور خارج وطأة التهديد باستئناف الحرب في وقت قريب.
الإنجاز الثالث كان الاتفاق على استئناف المفاوضات لكن السياسية والعسكرية معا في جنيف في الثامن من فبراير المقبل. وهي فترة زمنية سريعة قد لا تكون كافية إلى حينها للأطراف لتحضير نفسها.
طوى اجتماع أستانا بند تثبيت وقف النار الذي استغرق معظم المفاوضات. لذا فإن الدخول مباشرة في بند الحل السياسي سيكون في رأس جدول أعمال جنيف المقبل. أي سيكون المفاوضون أمام المرحلة الأكثر جدية من مسار حل الأزمة السورية.
كما ثبّت الاجتماع ثلاثية جديدة تركية - روسية - إيرانية بعدما كانت تركية - روسية فقط. وبقدر ما تزيد مشاركة القوى المعنية مباشرة بالأزمة السورية يمكن الاقتراب من الحل.
لكن اجتماع أستانا يحتاج إلى ترميمات أساسية لكي يمكن لجنيف المقبل أن ينعقد في ظروف أكثر تفاؤلا.
من ذلك إكمال النصاب السياسي. إذ إن قوى أساسية معنية مباشرة بالحرب في سوريا كانت غائبة عن الاجتماع. من ذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي اكتفت بمشاركة شكلية. كذلك لم تكن حاضرة الدول الخليجية مباشرة وإن قيل إن تركيا يمكن أن تنوب عنها وهذا ليس دقيقا.
أيضا غاب الاتحاد الأوروبي الذي له دور مهم ومساعد في حل الأزمة السورية.
إلى ذلك ينبغي أن يكتمل النصاب العسكري في جنيف عبر ضرورة مشاركة الفصائل التي لم تحضر أستانا خارج تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة".
في حال تدارك ثغرات أستانا فإن الأمل سيتضاعف في وضع الحجر الأول في حل الأزمة السورية سلميا ونهائيا.
من ناحية أخرى فقد عكس اجتماع أستانا تزايد التأثير التركي في الأزمة السورية. فبعدما تعرضت تركيا لنكسات كبيرة ميدانية وسياسية، فقد عوّم لقاء أستانا الدور التركي الوسيط الذي اشتهرت به قبل الأزمة السورية في قضايا المنطقة.
كذلك فإن مشاركة تركيا في مراقبة وقف النار مع إيران وروسيا.