الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ما بال أحفَاد ابن العلقمي؟

ما بال أحفَاد ابن العلقمي؟

06.06.2020
توران قشلاقجي



القدس العربي
الخميس 4/6/2020
تنتشر في الإعلام العربي خلال السنوات الأخيرة أخبار مزيفة ضد تركيا، بدرجة لا يمكن للعقل أن يتخيلها. عناوين مقالات وأنباء كثيرة من قبيل "تركيا تفرض العثمانية الجديدة على الدول العربية"، و"تركيا تنشر الفكر الطوراني بين العرب"، و"تركيا تستعد لارتكاب مجزرة من خلال القواعد العسكرية التي أنشأتها في 5 دول عربية"، و"تركيا تحاول تقسيم لبنان"، و"تركيا تزعزع استقرار المنطقة". عندما تنظرون إلى هوية مطلقي هذه العناوين غير المنصفة والجهات التي يتغذون منها، يمكنكم أن تتعرفوا عليهم بشكل فوري وواضح للغاية. إنهم لا يحبون هذه المنطقة ولا يتمتعون بهوية تخدم الإنسانية.
على سبيل المثال، هل أصبح لبنان في وضع عاجز، بسبب إيران والسعودية وإسرائيل وفرنسا، أم بسبب تركيا؟ هل يتم إفساد استقرار المنطقة من قبل الولايات المتحدة وروسيا وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة وإيران، أم من قبل تركيا؟ من برأيكم يحمي الشعوب من المجازر في حلب وإدلب وليبيا؟ إلى أي حد تصح قراءة اليوم من وجهة نظر ما قبل 100 سنة، في الوقت الذي ماتت فيه فكرة العثمانية والطورانية حتى في تركيا؟ تسبب تقسيم المنطقة في الماضي، بتقسيم الدولة العثمانية أيضًا، واليوم سيؤدي تقسيم المنطقة إلى تقسيم تركيا أيضًا. ونظرًا لأن تركيا تدرك جيدًا هذا الأمر، فإنها تقف ضد خطط التقسيم والفيدرالية. يمكننا أن نطرح العشرات من هذه الأسئلة، ولكن لا أريد أن أخنق المقال بمزيد من الأسئلة في ظل معرفة الجميع للحقيقة.
 
سيؤدي تقسيم المنطقة إلى تقسيم تركيا أيضًا ونظرًا لأن تركيا تدرك جيدًا هذا الأمر، فإنها تقف ضد خطط التقسيم والفيدرالية
 
كلما سكتت تركيا حيال هذه الأخبار، يتم تفسير سكوتها بالعجز، وفي نهاية الأمر وصلت هذه المنشورات بطريقة مضرة إلى درجة مفرطة، لا يستطيع حتى الرأي العام تحملها. إنهم لا يراعون حتى أدنى قواعد اللباقة وقواعد الإعلام. وتقوم الصحف الأوروبية بنشر الأخبار المزيفة المتداولة، من دون مراجعة أو تحقق من المصدر، انطلاقًا من فكرة "بما أن الأحداث تأتي من الشرق، فإنها تجذب القارئ أكثر كلما كانت غير منطقية ومبالغا فيها". وهكذا، فإن الأخبار الملفقة في أي دولة من دول الشرق الأوسط تنتشر إلى العالم بطريقة سريعة.
لا تشير الصحف التي تسمم الرأي العام العالمي بهذه الأخبار، إلى الجهات التي تخدم مصالحها وحساباتها، من خلال نشر هذه الأخبار الكاذبة. إنهم يعطون للآخرين دروسًا في الإعلام، لكنهم يستمرون في نشر أخبارهم المزيفة بكل سرور، وفقًا لمبدأ "من يدفع النقود ينفخ في الصفارة". يتجاهل بعض وسائل الإعلام هذه ممارسات الإمبرياليين منذ 200 سنة، والبعض الآخر يتستر على ما تفعله إيران في المنطقة، وبعضها يدعم بحماس تصميم دولة مثل الإمارات العربية المتحدة للشرق الأوسط، بما يتماشى مع مصالح إسرائيل. ولا أحد في الشرق الأوسط يجهل السبب الذين يقف وراء ما تقوم به وسائل الإعلام هذه. إنه لمن الذل ما تقوم به بعض الصحف والمحطات التلفزيونية التي يعلم الجميع خلفية الجهات التي تمولها، وتتفنن بالفعل في جعل "الحبة قبة"، خاصة في ما يتعلق بإثارة البلبلة والتظاهر بعدم معرفة الحقيقة. يجب أن يكون الشخص محرومًا من جميع أشكال الأحاسيس الإنسانية والديانات حتى يصدق ما تنشره عدة صحف خرقاء جاهلة في منطقة تركيا، من دون النظر في المصائب التي ابتليت بها. لا يمكننا أن نتصور أي مواطن عربي يستطيع أن يتحمل ذل الدول الانفصالية ضد تركيا، التي تعتبره صديقًا لها وتبذل جهودًا حثيثة من أجل ضمان استقلال هذه المنطقة، التي يتم تصميم مستقبلها من جديد على يد الإمبرياليين. إن الشعوب العربية تعلم وترى جيدًا بعض الزعماء العرب الذين يعملون منذ 100 سنة لتقسيم هذه المنطقة إلى دويلات صغيرة.
خلاصة الكلام، يقع على عاتق كل إنسان يفكر بمستقبل هذه المنطقة، ألا يسمح بتكرار الخيانة التي تعرض لها العباسيون على يد أبناء العلقمي (رجل الدولة الذي يقال إنه حرّض المغول على العباسيين)، ويرى الخطر عن كثب، ولا ينخدع للشعوذات. إننا نحيل لأصحاب الإنصاف ما ينبغي قوله لمثل هؤلاء في الوقت الذي تعاني منه منطقة الشرق الأوسط من الأمراض والآلام. ونأمل ألا يقع إخواننا العرب فريسة لإغواء هؤلاء البائسين، وأن يرفضوا بالطريقة الأنسب هذه المحاماة التافهة، التي يتم إظهارها بلا لزوم بدعوى القومية العربية. من المؤكد بالنسبة لنا بأن الذين يحيكون المؤامرات في هذه المنطقة لن يحققوا مبتغاهم على الرغم من أنهم يبدون أقوياء في يومنا. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ تركيا والعالم العربي من شر هؤلاء المفسدين.