الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ما الذي سيتغير في واشنطن إزاء الشرق الأوسط؟! 

ما الذي سيتغير في واشنطن إزاء الشرق الأوسط؟! 

02.02.2021
د. أحمد القديدي



الشرق القطرية 
الاثنين 1/2/2021 
تسأل الإعلامية الأمريكية (جين غ. جيرالد) الأسبوع الماضي على موقع (ستراتيجيك ألرت) قائلة: "كيف تغير حال الشرق الأوسط من عهد أوباما إلى عهد نائبه بايدن مرورا بسنوات ترامب؟ وتجيب باقتناع: "لم يكن تغييرا بسيطا أو سطحيا أو طبيعيا بل كان تحولا عميقا وانقلابا جذريا من الضد الى الضد وهو ما اضطر بايدن إلى التصريح على هامش خطاب تدشين عهده يوم العشرين من يناير بأنه على وعي تام بالتحولات الكبرى التي طرأت على مناطق حساسة من العالم مثل دور الصين والصراع بين الكوريتين ومعارك فرض التأثير في أوكرانيا وأذربيجان والقرم وكذلك حمى الشرق الأوسط بين إيران ومحاذيرالخليج وتعفن الأوضاع في كل من سوريا واليمن وليبيا والعراق، والمخاطر المحدقة بشمال أفريقيا". 
مضيفا أن هذه التحولات الجغراسياسية تحتم ابتكار سياسات أمريكية جديدة تتلاءم مع هذا العصر وتستجيب لطموحات الأمم ولمصالح الولايات المتحدة". 
هذه التحليلات أعادتها للإعلاميين الناطقة الرسمية باسم البيت الأبيض السيدة (جين كاسي) بعد أيام قليلة من تعيينها وأثناء لقائها الأول بالصحفيين المعتمدين في البيت الأبيض، وبالطبع كانوا تقريبا جميعا يشكون من سنوات ترامب الأربع وفجاجة تعامله مع الإعلام. 
وهذا ما حدا بالسيدة (جين جيرالد) الى استخلاص حقيقة جديدة، وهي أن مواقف بايدن سوف تكون مختلفة بالضرورة عن مواقف أوباما مع الاحتفاظ بنفس العقيدة المحركة لسياسات الرجلين، وقالت إن سيد البيت الأبيض وقع على 40 قرارا في ظرف عشرة أيام، ولعل قرار بايدن بإعادة النظر في عقود بيع الأسلحة والطائرات المتطورة والذخيرة لبعض دول الشرق الأوسط هو قرار يعلن عن بداية مراجعات ضرورية بالنسبة للبنتاغون في تشكيلته الجديدة، لسن مشاريع تسليحية يقول عنها بايدن إنها ستتلاءم أكثر مع خدمة الغايات الإستراتيجية الأمريكية ولا تتناقض مع مصالحنا الكبرى في المنطقة وفي العالم. 
وفي نفس السياق حدد (جاك سوليفان) مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي جو بايدن ملامح علاقة إدارة الرئيس الجديد مع كل من الصين وإيران في المرحلة المقبلة، مشددا على أن على الصين دفع ثمن سلوكها العدواني، وحرص الرئيس بايدن على منع إيران من امتلاك سلاح نووي، وأعلن سوليفان يوم الجمعة الماضي أن على الولايات المتحدة إصلاح ديمقراطيتها لمواجهة الصين على نحو أفضل وجعلها "تدفع عواقب" سلوكها "العدواني" مُحدداً بذلك استراتيجيته في مواجهة القوة المنافسة، وخلال نقاش مع سلفه (روبرت أوبراين) مستشار الرئيس الجمهوري السابق نظمه معهد الولايات المتحدة للسلام قال سوليفان إن "الصين تحاول أن تُظهر أن النموذج الصيني أفضل من النموذج الأمريكي" معتمدةً على "الاختلالات والانقسام في الولايات المتحدة"، واعتبر أن أول الأركان الأربعة للسياسة الأمريكية يجب أن يكون "إصلاح الدعائم الأساسية لديمقراطيتنا"، سواء تعلق الأمر بـ"النظام الديمقراطي نفسه" أو بأوجه "عدم المساواة العنصرية والاقتصادية". 
مضيفا أن "الخطوة الثانية هي الإقرار بأننا سنكون أكثر فاعلية" من خلال العمل "يداً بيَد مع حلفائنا الديمقراطيين" في العالم، وأشار إلى أن الولايات المتحدة تمثل مع حلفائها في أوروبا وآسيا "أكثر بكثير من نصف الاقتصاد العالمي"، وهو ما يمنحها "الثقل اللازم لتحقيق نتائج باهرة والدفاع عن عدد من المبادئ في مواجهة عدوان الصين. 
ولخص مستشار الأمن القومي موقف الرئيس بايدن من أزمة النووي الإيراني فقال: "إن من الأولويات القصوى والمبكرة لإدارة بايدن التعامل مع أزمة متصاعدة وشديدة الحساسية مع إيران، لأننا نعتبر اقترابها من الحصول على ما يكفي من المواد الانشطارية لامتلاك سلاح نووي خطرا لا يهدد المنطقة فحسب بل يهددنا نحن مباشرة، ويهدد الأمن والسلام في العالم. 
وقال سوليفان لبرنامج على شبكة الإنترنت يرعاه المعهد الأمريكي للسلام: "من وجهة نظرنا فإن إحدى الأولويات المبكرة الهامة يجب أن تكون التعامل مع ما نعتبرها أزمة نووية متصاعدة، مع اقتراب إيران خطوة خطوة من الحصول على مواد انشطارية تكفي لإنتاج سلاح نووي"، وبالطبع كما يعلم الرأي العام العالمي تريد إيران إنهاء العقوبات التي سلطها ضدها ترامب، وعودة واشنطن للمعاهدة العادلة التي تم توقيعها من قبل جون كيري والأوروبيين وإيران وانسحب منها ترامب دون الرجوع الى حلفائه، وهو ما أدانه هؤلاء الحلفاء في حينه. 
هذا، وعين بايدن وزيراً للخارجية (أنتوني بلينكن) الذي عمل مع جو بايدن لسنوات وكان بمثابة "المتحدث الرسمي" باسم حملته الرئاسية في الشؤون الخارجية، ويمتلك مع بايدن رؤية متطابقة بشأن ملفات السياسة الخارجية ترتكز على مبادئ، منها إعطاء الأولوية للتحالفات الدولية، والعودة للاتفاق النووي مع إيران، والانخراط مجددا في المعاهدات والمنظمات المتعددة الأطراف، مع العلم أن الملف النووي الإيراني سيظل مفتوحا حتى بعد التحاق بايدن بنص الاتفاق الأصلي، فقد سمعنا منذ يومين الرئيس ماكرون ينادي بإضافة أطراف أخرى للمعاهدة وهو طبعا ما رفضته طهران!. 
 
كاتب تونسي