الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ما الذي تريده روسيا؟

ما الذي تريده روسيا؟

07.02.2017
أحمد سلوم


العربي الجديد
الاثنين 6/2/2017
الأهداف المحتملة التي تريدها روسيا من تجميع المعارضة في إدلب يحتمل خيارين: الأول، وهو الأكثر تداولاً في ظنون الناس، وبات جلياً لكلّ عاقل قد حلّل منطقياً مجريات الأحداث الأخيرة من تسويات سياسية أو عمليات عسكرية على حد سواء، هو أنّ النظام وروسيا يهدفان من هذا التجميع إحداث "هولوكوست" ثانية، عن طريق إبادة جماعية لكلّ هذه المعارضة المسلحة، والذي أعتقد، ومن خلال التصوّرات الأخيرة والمتسارعة الأحداث على الصعيدين العسكري والسياسي، أنّه بات احتمالاً ضعيفًا.
الاحتمال الآخر أنّ هذا التجميع تحضير لتسوية كبرى، بعد أن يتم توحيد هذه المعارضة تحت قيادة موحدة، حيث يمكن أن يتم التفاوض مع مجلس عسكري أو قيادة عسكرية تأتمر بإمرتها أكبر عدد ممكن تجميعه من المسلحين الذين يتم إقصاؤهم إلى إدلب، وذلك ما بات جليا لي، بعد اتصالات كثيرة بأشخاص من قلب الحدث في محافظة إدلب، إذ أفادوني بأنّ الاقتتال الذي حدث، أخيراً، بين الفصائل سيتم إيقافه بأقصى مدة زمنية.
وبعيدا عن هذا الجانب، وبالتوازي معه، الآن يتم تحضير ما يسمى "الجيش السياسي الموحد" ولا أعتقد أنّ هذه التسمية التي تضم عبارتي جيش وسياسي جاءت من فراغ، وذلك ما يشير إلى أنّ العمليات العسكرية أو الحل العسكري للأزمة السورية مستحيل. لذلك، ما يجري العمل عليه الآن: أولاً هو تجميع المعارضة المسلحة بخندق واحد تمهيدا لتوحيد قرارها، وهذا ما تسعى إليه روسيا بوسائل كثيرة لتكون قادرة في المراحل التالية من أن تجمع طرفين متقابلين على طاولة واحدة. ولذلك، قامت الأخيرة بدعوة رسمية لممثلي المعارضة المسلحة في أستانة إلى روسيا، والذي تم الإعلان عنه عبر لسان وزير خارجيتها، سيرغي لافروف، يوم 25 يناير/ كانون الثاني الماضي.
وهنا تكون روسيا قد وضعت قدميها في طرفي النزاع السوري لتحفظ مصالحها الاستراتيجية والعسكرية والاقتصادية في ساحتي النزاع. وفي حال التوصل إلى حلّ نهائي للصراع السوري، تكون روسيا قد بلغت هدفاً أكبر من حفظ مصالحها، والتي ضمنتها، في المراحل الأولى، وذلك بظهورها أمام العالم "صانعة السلام"، وقوية إلى الحدّ الذي جعلتها تنهي مأساة القرن، ما يجعلها تضرب بعرض الحائط نظرية سياسة القطب الواحد في العالم، لتجعل العالم ذا قطبين، وتكون أقواهما، وهذا جلّ ما تطمح إليه القيادة الروسية.