الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ما الجديد في الغارات الإسرائيلية الأخيرة على محيط دمشق؟ 

ما الجديد في الغارات الإسرائيلية الأخيرة على محيط دمشق؟ 

23.07.2020
تيم الحاج


إسطنبول - تيم الحاج 
سوريا تي في 
الاربعاء 22/7/2020 
مجدداً تُعيد إسرائيل الكرّة، وتقصف مساء 20 من تموز، مواقع في العاصمة دمشق ومحافظة القنيطرة وجنوب سوريا، وبات معروفاً أن هذا القصف يمثل حلقة من سلسلة طويلة من الاستهدافات، بدأتها إسرائيل قبل سنوات، وتقول إنها مستمرة بها حتى تكف إيران عن تنفيذ مشروعها في سوريا. 
لا اختلاف يطفو على السطح حتى الآن، يميز هذه الغارات عن سابقاتها، إلا أن النظر في توقيتها وما يجري في موازاتها من أحداث يدعو للتوقف عندها، ويشرعن السؤال عما إذا كانت هذه الغارات تحمل رسائل معينة، خاصة في ظل الحديث عن مقتل جنرال إيراني نتيجة هذا القصف، وما أشيع عن إفشال إسرائيل لمخطط هجومي للميليشيات الإيرانية عليها. 
ما الجديد؟ 
بشكل غير مفاجئ ولعله بات مملاً لمتابعي إعلام نظام الأسد الرسمي، خرج الأخير بخبر بصيغة عاجل، جاء فيه أن الدفاعات الجوية تصدت لهجوم إسرائيلي جديد في سماء العاصمة دمشق، ودون أن يخوض تلفزيون النظام بالتفاصيل، امتلأت وسائل الإعلام المحلية والعالمية بعناوين شبه موحدة تفيد غرضاً واحداً وهو غارة إسرائيلية جديدة على مواقع إيرانية في سوريا. 
ويتابع التلفزيون الرسمي أن الدفاعات الجوية "تتصدى لعدوان إسرائيلي من فوق منطقة مجدل شمس بالجولان السوري المحتل"، مشيراً إلى إصابة سبعة جنود بجروح، وحدوث خسائر مادية. 
من جهة أخرى، قال سكان في العاصمة إنهم سمعوا الانفجارات، وإنها هزت النوافذ بعدة أحياء داخل المدينة، وانتشر تسجيل مصور على مواقع التواصل الاجتماعي، يؤكد ما شعر به السكان. 
مدير وحدة المعلومات في مركز "عمران للدراسات"، نوار شعبان، يرى في حديث لموقع تلفزيون سوريا، أن هذه الغارات تشبه سابقاتها، لجهة استهدافها ذات المواقع التي تضم ميليشيات إيرانية أو ميليشيا "حزب الله" أو "الحرس الثوري الإيراني"، مستدركاً بالقول إن جميع الغارات الإسرائيلية تتمتع بصفة مميزة واحدة، وهي الحد من انتشار الميليشيات الإيرانية. 
وبحسب ما رصده شعبان فإن غارات، أمس، طالت "الفرقة الأولى" وأشرفية صحنايا ومنطقة السيدة زينب، ومزارع داريا، وحي المزة ومطارها، وأهداف في القنيطرة يوجد فيها "حزب الله"، مشيراً  إلى أن جميع هذه المواقع تم استهدافها أكثر من مرة من قبل إسرائيل. 
واعتبر أن ما يميز هذه الغارات عن سابقاتها أنها جاءت بكثافة، بمعدل استهدافين في كل موقع، مشيراً إلى أن هذا الرقم يعد في سياسة إسرائيل المعتادة في القصف كبيرا. 
وقال إن الأهداف تمثلت في مستودعات للذخيرة وحواجز ومقرات القنيطرة، لافتاً إلى احتمال وقوع قتلى من "الحرس الثوري". 
وكان موقع " i24news" الإسرائيلي أورد عقب الغارات خبراً يتحدث عن "مقتل جنرال إيراني في غارة استهدفت غرفة عمليات لضباط إيرانيين وحزب الله". إلا أن إيران لم تعترف حتى الآن بوقوع قتلى من قياداتها.  
وأضاف شعبان أن الغارات الإسرائيلية عموماً في سوريا وخاصة تلك التي جاءت بعد عام 2020 الحالي، حدّت من تحرك الميليشيات الإيرانية، وجعلتها تتحرك ضمن نطاق ضيق، وشلت حركاتها التوسعية، ما دفعها للتفكير في إيجاد بدائل للتخلص من هذه القيود. 
وضرب شعبان مثلاُ على البدائل، كـإعادة دمج وتحويل التشكيلات الأجنبية ومنحها صفة محلية، حتى يسهل نقلها من مكان إلى آخر. 
ومما يميز الغارات الإسرائيلية أيضاً، أنها باتت تسير ضمن خط واحد، وفق شعبان، هدفه استهداف ذات المواقع للميليشيات الإيرانية، التي لم تعد قادرة على إخراج أسلحتها الثقيلة من قواعدها. 
 رد على الاتفاقية 
تأتي الغارات الإسرائيلية بعد نحو أسبوعين من توقيع اتفاقية عسكرية شاملة بين إيران ونظام الأسد، بهدف تعزيز التعاون العسكري والأمني في شتى المجالات. 
وخلال توقيع الاتفاقية قال رئيس الأركان الإيراني، محمد باقري إن إيران ستعزز أنظمة الدفاع الجوية السورية، في إطار توطيد العلاقات العسكرية بين البلدين، بحسب وكالة “فارس” الإيرانية. 
وأضاف أن "الاتفاقية الموقّعة تعزز إرادتنا وتصميمنا على التعاون المشترك في مواجهة الضغوط الأميركية". 
وفي هذا السياق، استبعد الصحفي في موقع "عرب 48" المهتم بالشأن الإسرائيلي، أحمد دراوشة، أن تكون الغارات رداً على مجرّد اتفاق "وصفه بـ "حبر على ورق"، متوقعاً أن تكون إسرائيل استهدفت شحنة من الأسلحة أرسلتها إيران، ويعزّز هذه الفرضية، وفق درواشة، أن القصف جاء من فوق طبرية لا من الأراضي اللبنانيّة أو السورية، مشيراً إلى أنه يصعب التأكد من هذه المعلومات إلا بتصريحات رسميّة أو تسريبات عسكرية. 
ويرى دراوشة، أن مايميز هذه الغارات، توقيتها العام، إذ إنها جاءت في أوج التّصعيد الإسرائيلي – الأميركي – الإيراني، ووصفها بـ"حملة لتصفية حسابات قد تكون سريعة قبل الانتخابات الأميركية". 
وأضاف أن ما يميّزها هو "التوقيت العينيّ"، لأنها جاءت عند موعد مبكر نسبياً (قبل العاشرة مساءً)، وعادةً ما تقصف إسرائيل في وقت متأخر أكثر. ما يترك انطباعاً أنها إما قصفت لإحباط هجوم ضدّها، أو أن ما تدّعي قصفه كان في طريقه إلى خارج سوريا، خصوصًا لبنان، حيث لا تتمتّع إسرائيل بحرية القصف هناك كما في سوريا، وفق تقديره. 
ومن العناصر اللافتة في الغارات "الكثافة"، بحسب درواشة، الذي أشار إلى أنها طالت  دمشق والقنيطرة، ووصلت إلى شماليّ الأردن، إضافة أن القصف وصل مواقع قرب مطار دمشق الدولي، ما يشير إلى أنّ إيران قد تكون عزفت عن استخدام الطريق البرّي مروراً بالعراق فدير الزور، بعدما قصفت إسرائيل القوافل أكثر من مرة، أو أن نوع المعدات مختلف لجهة الحجم والقدرة على نقله. 
وأشار إلى إعلان إسرائيل إغلاق المجال الجوي فوق الجولان حتى نهاية الشّهر الجاري، وقال إنه يشير أيضاً إلى توقعات برد إيراني، ما يعني بالضرورة تحولاً في استراتيجية إيران بعد اغتيال قاسم سليماني، الذي ثبت قبل اغتياله معادلة الرد الفوري تقريباً على كل غارة إسرائيلية في سوريا. 
رسائل مبطنة 
يعتقد دراوشة أن الغارات تمثل تسريعاً لاستراتيجيّة مشتركة مع أميركا، كانت أكثر بطئاً خلال العام الماضي، وهي تقوم على أساسين: إحباط طموحات إيران العسكرية، خاصة النووية، واغتيال القيادات النافذة في "الحرس الثوري" مثل قاسم سليماني. 
وأضاف أن جميع التحليلات تجمع على أن إسرائيل مقبلة على تصعيد ضد إيران استباقاً لخسارة محتملة للرئيس الأميركي دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية.