الرئيسة \  مشاركات  \  ماكرون ولغة القوة

ماكرون ولغة القوة

02.11.2020
محمد حمادة



- في معرض هجومه العاصف في وجه أمة الإسلام وجدنا ماكرون فجأة على شاشة الجزيرة يعلن تغيير وجهة شراع سفينته بعد أن أطلق لها العنان نحو أمتنا يوم أنْ أعلن دون سابق إنذار بأنّ الإسلام يمرّ في أزمة!. متراجعاً عن الكثير من أقواله التي تشدّق بها، زاعماً أنّ كلامه قد شُوِّه!. مدّعياً أنّ (صحيفة شارلي ايبدو) صحيفة خاصة لا علاقة للحكومة بها في ظل دولة تحترم حرية التعبير التي سيظل يدافع عنها!.
- انقلاب في موقف رئيس الإليزيه بزاوية مائة وثمانين درجة مبتعداً بها عن كافة التصريحات النارية التي كان يطلقها كالسم الزعاف في كل اتجاه!.
- لا أدري هل يخدع رأس النظام الفرنسي نفسه أو يخدعنا؟.
- ألا يعلم أنّ تصريحاته وخطاباته الفاسدة الجاهلة الحاقدة لم تصل إلينا عبر واسطة ثالثة كي نحسن الظنّ في كلامه، ونصدقه في أنّه تم التلاعب بها،
 وإنّما تلقيناها من فمه عبر الهواء مباشرة؟.
- لقد تبرّأ ماكرون بالأمس من الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم!.
- فهل يتمنى أن يصادف في المسلمين سذاجة تصدق كذبه وخداعه وتلونه؟!.
- ألم يقل بلسانه وعلى الملأ إنّه سيعيد نشر الرسوم المسيئة،ولن يتراجع عنها؟.
- أليس هو نفسه من شجع كل مؤسسة في فرنسا تعيد نشر الرسوم المسيئة.؟.
- ألم يرحب بإعادة نشر (صحيفة شارلي ايبدو) لها، حين كان جزءاً من تفجير الفتنة التي انطلقت على يديه في فرنسا؟.
- ألم يتولَّ كبرَ هذه الجريمة النكراء عندما أمر بإعادة نشر تلك الرسوم على شاشة إلكترونية ضخمة في أكبر ساحة من ساحات باريس، لأجل أن تتكرر الإساءة على مدار الساعة لألفي مليون مسلم تقريبا؟.
- قبل أيام كان يحاضر بوقاحة وتجنٍّ على الإسلام واصفاً إيّاه بأنه راديكالي،مندداً بما أسماه- زوراً وبهتاناً- الفاشية الإسلامية، وأنّه سيعمل على إيقاف الزحف الإسلامي في فرنسا ويتعهد بمواجهته!.
 أما على قناة الجزيرة الفضائية الناطقة بالعربية والتي من المفترض أنّ جمهورها عربي فقد كذّب نفسه بنفسه، وسخر من عقولنا بزعمه، عندما قال: إنّ ما يمارس باسم الإسلام لا يمثل الإسلام؟.
- هل أدرك أخيراً أن الإسلام أقوى من جبروته وطغيانه وقوته،ومن الدول التي تقف وراء فرنسا حتى ولو لم تكن للإسلام إمبراطورية تحميه على غرار ما كان عليه الحال زمن الأندلسيين والأمويين والعباسيين والعثمانيين؟.
- هل وصل ماكرون إلى حقيقة أن أمة الإسلام قد تسامح في شتيمةٍ تنال أيّ فرد من أفرادها المعاصرين، لكنها لا تتهاون في رموزها، وفي مقدمة ذلك عرض نبيها عليه السلام؟.
هل تأكد من حبّ وعشق وارتباط هذه الأمة بخاتم رسل الله محمد صلى الله عليه وسلم حتى بعد خمسة عشر قرناً، بالرغم من كل ما أنفقته أوربا والصهيونية العالمية لسلخ هذه الأمة عن دينها وتاريخها وعقيدتها وثوابتها وثقافتها ونبيها؟.
- هل أدرك أنه إنما كان يغامر بمستقبله السياسي عندما أقحم أحقاده في لعبته الانتخابية القذرة التي اقترب أجلها؟!.
وأنه يمكن أن يخسرها بسبب حساباته غير الدقيقة مع أمة الإسلام،وما ستلحقه بالشركات الفرنسية من خسائر بسبب المقاطعة التي هي واجب كل مسلمٍ صادق غيورٍ؟.
- ألا يدرك أننا لا نصدقه،
وأنّ سلاح المقاطعة سيظل على وضعه ماضياً حتى يخرج غير مأسوف عليه من قصر الإليزيه أو يعتذر؟.
- ترى هل أوجعته مقاطعتنا لبضائعه؟.
- ترى هل أدرك المغفلون أخيراً- ممن يقللون من أهمية المقاطعة- قوة سلاح المقاطعة، وتأثيره ومضائه بالنسبة لملياري مسلم ؟.
- كان يسع ماكرون ما وسع من جاء قبله من الرؤساء عندما تعايشوا مع الجالية المسلمة الفرنسية فاطمأنوا جميعاً معاً.
- كان يسعه ما وسع بلجيكا عندما أعاد أحد أساتذة المدارس فيها قبل أيام تلك الرسوم المسيئة فيها ففصلته السلطات من مهنة التدريس تأديباً، وإخماداً لنار الفتنة،و ردعاً لغيره من أن يقع في مثل غيّه.
- كان يسعه ما وسع الحكومة الكندية عندما صرحت على لسان مسؤوليها بأنّ الرسوم المسيئة لا تدخل في إطار حرية التعبير في الغرب.
لقد أراد أن يدغدغ ساحة المسامحة الواسعة في قلوبنا الطيبة عندما زعم أنّ الرسوم ليست مشروعاً رسمياً لحكومته، وفي المقابل فإنّنا سندغدغ ساحة الخبث في قلبه ونقول له:
وأيضاً نحن مشروع مقاطعة بضائعكم ليس مشروعاً لحكوماتنا، ولا سلطان لها عليه، وإنما هي غضبة شعوبنا قررت بكامل حريتها أن تنزل بكم القصاص، وأن تثأر لنبيها صلى الله عليه وسلم، وأن تجعلك عبرة لمن يعتبر.
- وفي الختام أقول:
ما أجمل البيان الإلهي في القرآن الكريم من قوله تعالى:
(لكم دينكم ولي دين)،
أي لكم عقيدتكم وثقافتكم المنبثقة عن تلك العقيدة، ولنا عقيدتنا وثقافتنا المنبثقة عن تلك العقيدة، لكنّ ماكرون ومن وراءه في الغرب الأوربي والأمريكي مصرّون على أنّ له دينه وليس لنا ديننا ، وعلى أن تفرضوا علينا ثقافتهم بعجرها وبجرها وسوآتها باسم حرية التعبير ، وعلى أن يرفضوا خصوصيتنا بديننا وثقافتنا بعد أن انتزعوا منا بإرهاب ديكتاتورياتهم حرية التعبير منا، وهو ما أشار إلى جانب من هذه الفكرة العلامة القرضاوي حفظه الله، ورعاه وشافاه.
___________
كتبه محمد حمادة
مدير مركز البيت الشامي للدعوة والدراسات.