الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ماذا لو صحت اتهامات "سي آي اي" لموسكو؟

ماذا لو صحت اتهامات "سي آي اي" لموسكو؟

04.01.2017
سمير السعداوي


الحياة
الثلاثاء 3/1/2017
يصرّ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب على التشكيك في الاتهامات التي وجهتها وكالة الاستخبارات المركزية (سي أي آي) إلى روسيا بالتدخل في مجرى الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة عبر قرصنة موقع إلكتروني للمرشحة الديموقراطية السابقة هيلاري كلينتون وسرقة معلومات لاستخدامها لاحقاً في تسريبات ضد وزيرة الخارجية السابقة.
ويذهب ترامب في دحض الاتهامات إلى حد التذكير بأن الأجهزة الأميركية أخطأت عندما أكدت أن العراق امتلك أسلحة دمار شامل، في ذريعة قادت إلى "كارثة" التدخل الأميركي هناك عام 2003.
لم يمنع تشكيك ترامب إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما من طرد 35 ديبلوماسياً روسياً يعملون في سفارة بلادهم في واشنطن وقنصليتها في سان فرانسيسكو ووضع الاستخبارات العسكرية الروسية وجهاز الأمن الفيديرالي الروسي الذي تتهمه واشنطن بالتورط مباشرة في القرصنة، على لائحة عقوبات، شملت أيضاً أربعة ضباط استخبارات بارزين.
فور إعلان واشنطن إجراءاتها العقابية ضد الروس يوم الجمعة الماضي، أعدت الخارجية الروسية لائحة بأسماء 31 ديبلوماسياً أميركياً في روسيا، تمهيداً لإعلان طردهم باعتبارهم "أشخاصاً غير مرغوبين".
لكن الكرملين سرعان ما أصدر بياناً نقل فيه عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوله: "لن نثير مشاكل للديبلوماسيين الأميركيين على أراضينا، ولن نطرد أياً منهم، ولن ننحدر إلى مستوى ديبلوماسية غير مسؤولة". واعتبر العقوبات الأميركية "استفزازية، تهدف إلى مزيد من التقويض للعلاقات بين البلدين".
وفي خطوة لا تخلو من دلالات اختتم البيان بالقول إن "روسيا تحتفظ لنفسها بحق اتخاذ إجراءات رد، وستتخذ خطواتها المقبلة وفق سياسات إدارة الرئيس الأميركي المنتخب ترامب"، بذلك رمى بوتين الكرة في ملعب سيد البيت الأبيض المقبل الذي سيتولى مهمات منصبه في 20 الجاري، كما أن الرئيس الروسي التف بذلك على محاولة إدارة أوباما "حشر" ترامب في "عداوة" مع موسكو.
ترامب أشاد ب "الذكاء الشديد" للرئيس الروسي في رفضه مبدأ "المعاملة بالمثل" رداً على قرار طرد ديبلوماسيين.
وإلى جانب الرئيس الأميركي المنتخب فإن معلقين كثيرين رأوا أن الرئيس الروسي أظهر دهاء وحنكة نابعين من قناعته كرجل استخبارات سابق امتلك خبرة في عمله في "كي جي بي"، انه هو من يختار مكان المواجهة وزمانها، ولا يسمح لنفسه بأن يُستَفز أو يستدرج إلى مواقف هي عبارة عن ردود فعل.
حتى ان ثمة قناعة لدى عدد من الخبراء الروس بأن الكرملين يمتنع عمداً عن إعلان أن "عملاً تخريبياً" وراء سقوط طائرة ال "توبوليف - 154" الروسية في البحر ما أدى إلى مقتل 92 على متنها من بينهم اعضاء فرقة موسيقية كانوا متجهين الى قاعدة حميميم في سورية في 25 الشهر الماضي. وذهب احد الخبراء الروس إلى تقديم فرضية تعرض الطائرة إلى هجوم "راديو إلكتروني" في تلميح إلى دور محتمل للأجهزة الأميركية في الحادث، خصوصاً أن آخر ما تسرب عن التحقيقات الروسية يظهر أن أجهزة الطائرة توقفت عن العمل في شكل مفاجىء وغير مبرر، ما تسبب في سقوطها.
وإذا كانت فرضية التعتيم على أسباب سقوط الطائرة يمكن أن تكون نسج خيال او مبالغة، فإن ما عدا ذلك من طرد لديبلوماسيين واتهامات بالقرصنة والتلاعب بنتائج الانتخابات، هو بلا شك خروج عن المألوف ومساس بالخطوط الحمر، وتجاوز من جانب واشنطن، اذا لم تكن الاتهامات صحيحة، او من جانب موسكو اذا ثبتت صحتها، وهو في الحالين "كارثة" في العلاقات بين الدول.