الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ماذا حدث في سوريا، وما الذي فعلت تركيا؟

ماذا حدث في سوريا، وما الذي فعلت تركيا؟

29.12.2016
كمال أوزتورك


الشرق القطرية
الاربعاء 28/12/2016
استعادة نظام الأسد السيطرة على مدينة حلب، بدعم من روسيا وإيران، كان أكبر حدث وقع منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا. سقوط حلب، يعني انتهاء الحرب بين المعارضة ونظام الأسد. المعارضة خسرت هذه الحرب. علينا رؤية هذه الحقيقة المرّة.
تركيا، التي هي البلد الأكثر تضررًا منذ بداية الحرب في سوريا، بدأت بانتهاج سياسة جديدة في سوريا خلال الحرب الأهلية. عقد قمة ثلاثية مع روسيا وإيران. ضمنت تلك القمة الثلاثية، تسليم حلب للأسد، وخروج المعارضة من المدينة، وضمان حماية وحدة الأراضي السورية. وتخلت تركيا بذلك عن بعض أطروحاتها التي استمرت خلال الحرب الأهلية في سوريا.
لماذا وقعت تركيا هذا القرار؟
في الواقع، تركيا لم تستطع وحدها تحويل الوضع في سوريا. الولايات المتحدة الأمريكية، ترأس الإطاحة بالأسد، لكنها تركت تركيا في منتصف الطريق. ومما زاد الطين بلة، سعت واشنطن لدعم إقامة دولة لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية المعادية لتركيا شمالي سوريا، وقدمت لتلك المنظمة الدعم بالسلاح والدعم اللوجستي. رأت تركيا في ذلك خيانة ترتكب من "حليف".
حلف الشمال الأطلسي (الناتو)، سحب أنظمة الدفاعات الجوية من تركيا، في الوقت الذي كانت تلقي فيه صواريخ بشكل مستمر نحو هذا البلد انطلاقًا من الأراضي السورية. الأمر الذي ترك تركيا هائمة على وجهها في هذه المرحلة الحرجة.
في الوقت الذي كانت فيه تركيا تخوض مخاضًا عسيرًا بسبب الأزمة السورية، صعّد الاتحاد الأوروبي من دعمه المكثف لمنظمة "بي كا كا " الإرهابية، واتخذ خطوات فعلية تسببت في تشويه صورة تركيا لدى الرأي العام الأوروبي وتدهور الاقتصاد. كما شكلت مأوى لأعضاء منظمتي "فتح الله كولن" و"بي كا كا" الإرهابيتين، اللتين نفذتا عمليات إرهابية داخل تركيا.
الدول الإسلامية، لم تتبع سياسة موحدة. كل بلد دعم فصيلا مختلفًا داخل المعارضة. تلك الفصائل والجماعات اشتبكت فيما بعد مع بعضها البعض. وهكذا، لم تتوحد أو تتجمع المعارضة تحت سقف واحد، وبالتالي ضعفت قوتها. تركيا بدورها لم تتمكن من توحيد الفصائل المعارضة التي تقاتل ضد الأسد، كما لم تتمكن من السيطرة عليهم.
من ناحية أخرى، قامت روسيا التي عملت جاهدة من أجل تحسين علاقاتها مع تركيا، بقصف حلب واستباحتها. قصفت المدارس والمستشفيات والمخابز والمناطق السكنية، قصفًا لا رحمة فيه ولا هوادة، دافعين المعارضين لتسليم حلب. في نهاية المطاف، تم تسليم حلب بعد عدد لا يحصى من الضربات الجوية الروسية، والهجمات البرية التي شنتها الميليشيات الشيعية الإيرانية. لقد انتهت الحرب فعليًا.
خسرت القوى المناهضة لإيران في العالم الإسلامي كله، والولايات المتحدة وأوروبا، أمام حلف دمشق وإيران وروسيا والصين، وسَلَّمت سوريا لهم.
الحرب وضعت أوزارها لكن ما مصير المشاكل التي خلفتها؟
ورغم انتهاء الحرب بنسبة كبيرة، هناك العديد من المسائل العالقة، فما مصير قوات المعارضة والشعب السنّي في سوريا؟
هؤلاء الآن محصورون في مناطق أطمة وأعزاز وشمالي محافظة إدلب، ومن المتوقع أنّ عددهم يقارب المليونين. لم يتضح وضع ومصير هؤلاء حتّى الآن، علاوة على وجود بعض مناطقهم تحت سيطرة منظمة "بي كا كا" الإرهابية.
أوشكت المنظمة الإرهابية المذكورة أن تعلن عن دولتها في مناطق واقعة بشمال سوريا مثل عين العرب (كوباني) ومنبج وعفرين والحسكة، غير أنّ هذا المشروع باء بالفشل نتيجة الحملة العسكرية التركية على مدينة جرابلس.
منظمة "بي كا كا" الإرهابية عملت على تهجير كافة الشرائح الكردية والعربية والتركمانية التي تعارض أهدافها وتمتنع عن دعمها من المناطق الخاضعة لسيطرتها، وأُرغم سكان هذه المناطق على الرحيل إلى إقليم شمال العراق، فيما فضّل آخرون اللجوء إلى تركيا.
مصير هذه المناطق والذين هجّروا منها عنوةً ليس معروفاً إلى الآن، إضافة إلى أنّ وجود "بي كا كا" التي سيطرت على الأراضي أيضاً غير معروف، ومن المسائل المجهولة أيضاً، هي مصير تنظيم داعش الإرهابي في كل من محافظة الرقة ومدينة الباب بريف حلب الشرقي.
تركيا عرضت على الولايات المتحدة الأمريكية إجراء حملة عسكرية مشتركة على هاتين المدينتين، إلّا أنّ واشنطن رفضت ذلك، الأمر الذي دفع بأنقرة إلى القيام بحملة عسكرية على الباب بمفردها.
فالدول ال 35 التي ادعت أنها أتت إلى الشرق الأوسط من بينها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا لمحاربة تنظيم داعش، امتنعت عن تقديم الدعم لتركيا في محاربة داعش، لكن الجميع يتوقع بأنّ داعش والنظام السوري وإيران سيقعون في مواجهة حقيقة، وأعتقد أنّهم ينتظرون الآن ويقولون "لندع تركيا تتصارع مع داعش وتفقد قوتها".