الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مآرب الوجود الأميركي في الشرق الأوسط والمثال السوري

مآرب الوجود الأميركي في الشرق الأوسط والمثال السوري

12.11.2019
عادل عبد الله المطيري


العرب القطرية
الاثنين 11/11/2019
أعلنت وزارة الدفاع الأميركية الخميس الماضي، أن الولايات المتحدة لا تسرق نفط سوريا، وأن التعزيزات العسكرية الأميركية التي أُرسلت إلى الشرق السوري هي لحماية حقول النفط، إذ قال المتحدث باسم البنتاجون جوناثان هوفمان، إن "الولايات المتحدة لا تنتفع من كل ذلك، إن المنافع تعود على قوات سوريا الديمقراطية"، التي شاركت إلى جانب القوى الغربية في الحرب على تنظيم داعش، وأن الهدف هو "منح أكراد المنطقة، قوات سوريا الديموقراطية، مصدر إيرادات وإمكانية تعزيز حملتهم العسكرية على داعش "الذي انتهى بنهاية زعيمه وآخر جيوبه في سوريا"!
والحقيقة التي ربما لم ولن تقولها الإدارة الأميركية، أنها تريد حصتها من النفط "الغنائم"، ولكن رئيسها ترمب المغرم بالتصريحات والتباهي بالمكاسب المالية لا السياسية والاستراتيجية، فإنه لا يتورع عن الإعلان صراحةً بالقول: "إننا نريد حصتنا من نفط سوريا"!
وبعد أيام من تصريح الرئيس ترمب، انتشرت القوات الخاصة الأميركية في معبر "تل كوجر" الحدودي مع العراق، إضافة إلى عدد من آبار النفط والغاز في "الرميلان"، كجزء من خطط واشنطن الجديدة لإعادة تموضع قواتها في شمال شرق سوريا.
مما اضطر البنتاجون إلى التصريح بأن من حق القوات الأميركية الدفاع في مواجهة أي قوات تهدد حقول النفط في شمال شرقي سوريا!! والسؤال: من هي القوات التي تهدد الحقول؟ هل هو النظام السوري أم قوات المعارضة وكلاهما يتنازعان الشرعية، وليس للولايات المتحدة شأن في ذلك، إلا إن أرادت تغليب طرف على آخر فقط.
الروس بدورهم، أبدوا انتقادات حادة للخطط الأميركية بالإبقاء على الوجود العسكري الأميركي في شرق سوريا وتعزيزه، ووصفوا الأمر بأنه "لصوصية عالمية برعاية دولة"، فالوجود الأميركي برأيهم، يوفر الحماية لمهربي النفط وليس من منطلق مخاوف أمنية حقيقية.
السياسة الأميركية في سوريا هي المثال الصارخ لسياساتها في الشرق الأوسط، والتي لا تهدف إلا لحماية إسرائيل والنفط سابقاً والأموال حالياً!!
الأوضاع في سوريا والتفاهمات الروسية الإسرائيلية تخدم أمن إسرائيل، فلا وجود لقوى وطنية سورية بجانب الحدود الإسرائيلية، ولم يتخذ الروس أي إجراءات ضد إسرائيل عند إعلانها ضم الجولان لها، وسُمح للقوات الإسرائيلية التي تعارض التواجد الإيراني الدائم في سوريا وأقامت قواعد دائمة فيها، بأن تتصرف بما يخدم مصالحها، بل وقصفها دون تدخل من الروس.
إذن المصالح الاستراتيجية الأميركية متحققة في سوريا، وهي: "أمن إسرائيل - المنافع المالية والاقتصادية"، أما أمن الحلفاء فهو بحدّه الأدنى وبتكلفة عالية جداً، وهي عوائد البترول في مناطق نفوذهم.
ختاماً: الإدارة الأميركية الحالية تريد تحقيق أعلى المكاسب مقابل أقل تكاليف، وكأنها إدارة شركة خاصة، بينما الدولة العظمى يجب أن تقيّم التهديدات الخارجية وتحدد الأولويات في نشر الموارد لمواجهتها، فهي الخطوة الأولى في تحديد المصالح الأميركية التي يمكن أن تتضرر جراء بعض الأحداث في الخارج.
في المنظور الأميركي الجديد، المنطقة بدأت تفقد أهميتها الاستراتيجية، ولك أن تتصور أن أغلب السفارات الأميركية بالمنطقة لا يوجد بها سفراء معتمدون، وتصريح ترمب الشهير بأننا غير مهتمين بنفط الخليج، خصوصاً وهو يأخذ عوائده على شكل صفقات أسلحة، عن طريق تأجيج الخلافات والصراعات السياسية بالمنطقة.