الرئيسة \  تقارير  \  لوبس: بعد مذبحة تكساس.. 10 حقائق مزعجة عن قصة أميركا مع السلاح

لوبس: بعد مذبحة تكساس.. 10 حقائق مزعجة عن قصة أميركا مع السلاح

28.05.2022
الجزيرة


الجزيرة
الخميس 26/5/2022
قالت مجلة "لوبس" (L’Obs) الفرنسية إن الولايات المتحدة، بعد أن قتل مراهقٌ 19 طالبا واثنين من المدرسين بمدرسة في بلدة أوفالدي أول أمس الثلاثاء، تجد نفسها محاصرة بعشر حقائق مزعجة، يخلفها كل إطلاق نار بعد آخر.
الجمهوريون جبناء
أوضحت المجلة -في تقرير بقلم مراسلها في نيويورك فيليب بوليه جركور- أن الموقف الثابت والمتسق الوحيد للجمهوريين بعد كل مذبحة هو أن "الأمر مأساوي لكنه الثمن الذي ندفعه مقابل حرية حمل السلاح"، ليكشفوا بعد ذلك عن أعذارهم الواهية: المرض العقلي للقتلة، ونقص حماية الأماكن المستهدفة.
وبعد هذه المذبحة التي وقعت في أوفالدي بتكساس، وقُتل فيها 19 طفلا ومعلمان في مدرسة ابتدائية قبل يومين، قال جون ثون عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ساوث داكوتا إن "النقطة المشتركة بين كل هذه المذابح هي أن هؤلاء الناس يعانون من أمراض عقلية"، وتلاه جيم إنهوف من أوكلاهوما ليقول "نحن نتحدث عن ملايين الناس. لا بد أن يكون هناك غرباء لا يمكن التنبؤ بهم، ولا توجد طريقة للتعرف عليهم مسبقا"، ليقول بعدهما دان سوليفان من ألاسكا "بالنسبة لي، يجب أن ينصب التركيز على المرض العقلي وتلك الأنواع من المشكلات".
حماية مسلحة للمباني
وفي كل مرة أيضا -كما يقول الكاتب- يتكرر أننا نحتاج فقط إلى حماية أفضل للمدارس والكنائس ومحلات السوبر ماركت، يقول دان باتريك نائب حاكم تكساس "يجب علينا تعزيز حماية هذه الأماكن حتى لا يتمكن أحد من الدخول إلا من باب واحد"، ويلحق به كين باكستون المدعي العام في تكساس ليقول "يجب أن يكون للمدارس معلمون أو إداريون مدربون ومسلحون"، وبعدهما يضيف تيد كروز عضو مجلس الشيوخ من ولاية تكساس أن "التجربة علمتنا أن الأداة الأكثر فاعلية للحفاظ على سلامة الأطفال هي وجود قوة شرطة مسلحة في الحرم الجامعي".
غير أن بول كروغمان، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد وكاتب لعمود في "نيويورك تايمز" (The New York Times)، يدعو إلى التفكير فيما ستكلفه محاولة تأمين المواقع المعرضة للخطر بحراس مسلحين، إذ إن هناك ما يقرب من 130 ألف مدرسة ابتدائية وثانوية في أميركا و40 ألف سوبر ماركت والعديد من الأماكن الأخرى المعرضة لخطر إطلاق النار الجماعي، وبالتالي فإن "تسليح هذه الأماكن" يتطلب قوة عسكرية أكبر من سلاح مشاة البحرية الذي يضم حوالي 180 ألف فرد.
الديمقراطيون لا يريدون مصادرة الأسلحة
إذا كان "المؤيدون لحمل البنادق" يرددون أن الديمقراطيين يريدون أخذ أسلحتنا ومنعنا من حيازة أدنى مسدس، فمن أين لهم الحق في ذلك؟ فإن الجواب هو أن محاولات الديمقراطيين معقولة تماما، وتستند إلى اقتراحات وافق عليها الأميركيون بأغلبية ساحقة في استطلاعات الرأي، مثل تعميم عمليات التحقق من الخلفية أو الحد من الأسلحة الهجومية شبه الآلية التي لا شيء يبرر استخدام المدنيين لها.
وأشار الكاتب إلى أن هذا التقديس الذي يضفى على "الحق في حمل السلاح" والتعديل الثاني للدستور ليس سوى مناورة تكتيكية لمنع أدنى إصلاح، بحجة أنه سوف يشكل سابقة يندفع الديمقراطيون إليها، رغم تصريحهم بضمان عدم التراجع عن الحق في امتلاك أسلحة، ولكن تحت ظروف وشروط محددة.
كل شيء يعود إلى دكتاتورية الأقلية
ومع أن استطلاعات الرأي لا تترك أي مجال للشك بشأن تأييد الأميركيين بأغلبية ساحقة فرض سيطرة أكثر صرامة على الأسلحة، كما يقول الكاتب، فإن "المماطلة" تمنع أن يترجم هذا التأييد إلى قانون بسبب عرقلة أقلية تتمثل في 40 من أعضاء مجلس الشيوخ المئة، وهي تقف ضد كل مشروع قانون ديمقراطي أو مشترك بين الحزبين منذ مذبحة ساندي هوك في عام 2012، وحتى قبلها.
كما أن مجموعة من الديمقراطيين تمتنع من وقف هذه العرقلة التي لا يتطلب منعها سوى أغلبية بسيطة، كما يرى الكاتب، وبالتالي ستبقى أميركا عالقة في هذه الأزمة.
تواطؤ المحكمة العليا
قد يأتي القرار قريبا، فهل ستجبر المحكمة العليا ولاية نيويورك على السماح لمواطنيها بحمل أسلحة مخفية، بعد أن كان قانون هذه الولاية لا يسمح بحمل الأسلحة المخفية إلا عندما يكون هناك سبب جدي أو مهنة معينة أو تهديد للشخص المعني؟
وقد حدا وجود هذا القانون ببعض السكان المحليين للدعوة إلى التأسي بالولايات الأخرى العديدة التي يكون حمل الأسلحة المخبأة فيها مجانيًا وفي بعض الأحيان لا يتطلب حتى تصريحا، فهاجموا القانون الذي يبحث الآن أمام أعلى محكمة في البلاد، حيث يتمتع القضاة المحافظون بأغلبية.
وأكد المكتب أن قرار المحكمة العليا سيكون لصالح هذه المجموعة لأنها تفسر التعديل الثاني للدستور بأن "وجود مليشيا جيدة التنظيم ضروري لأمن دولة حرة، ويجب عدم انتهاك حق الشعب في الاحتفاظ بالأسلحة وحملها".
أزمة الرابطة الوطنية للأسلحة لا تغير شيئا
بعد أن هزتها الفضائح المتسلسلة، لم تعد الرابطة الوطنية –وهي اللوبي المؤيد لحمل الأسلحة- شيئا يذكر، وستعقد مؤتمرها السنوي في هيوستن من الجمعة إلى الأحد، ولا تشير قائمة المتحدثين إلى منظمة آخذة في الأفول، فهناك الرئيس السابق دونالد ترامب وحاكم تكساس غريغ أبوت وتيد كروز عضو مجلس الشيوخ عن ولاية تكساس.
وإذا كانت هذه الرابطة تميل بشكل متزايد إلى يمينها المتطرف، مثل تنظيم مالكي الأسلحة في أميركا أو الرابطة الوطنية لحقوق السلاح، فإن ذلك أشبه -كما يقول الكاتب- بما يحدث عندما تطيح مجموعات صغيرة بعراب عصابة مخدرات قوي، حيث تتقاتل فيما بينها للسيطرة على إمبراطوريته.
المآسي تجعل الأمور أسوأ
إذا أظهرنا للبلد صور حجرة الدراسة في أوفالدي بعد هذه المجزرة، حيث تتكدس بقايا يصعب التعرف عليها من أجساد صغيرة مزقها الرصاص، -وهو ما لن نفعله احتراما لأسر الضحايا- فمن المحتمل أن ينتهي الأمر بأميركا إلى أن تتحرك، ولكننا نقول ذلك لتوضيح أن حقيقة هذه المآسي ليست واضحة بالنسبة للجمهور.
ومع أن الأميركيين البسطاء متمردون ومروعون مما يحدث للأطفال الصغار مثل أحداث ساندي هوك وأوفالدي، والبلاد تبدو في رغبة حقيقية في الإصلاح، فإن رد الفعل هذا لا يدوم، وينتهي الشعور بالعجز بتبديد السخط، كما يندفع "المؤيدون للسلاح" بعد كل مأساة كبرى وقبل كل احتمال لانتخاب رئيس ديمقراطي إلى المتاجر لدعمها، بحيث اشتروا ما يقرب من 20 مليون بندقية في عام 2021.
يجب أن تتغير وسائل الإعلام
أما في القنوات الإخبارية، فإن التغطية أصبحت لا تطاق، كما يقول الكاتب، خاصة أنها لا تتجاوز من كان القاتل؟ ولماذا تصرف هكذا؟ وما سلاحه؟ ومن هم الضحايا؟ إلى غير ذلك، وليس في ذلك عيب فهذا عملها، وهو جيد للغاية ويتم مع احترام المجتمعات المتضررة وأسر الضحايا، غير أن ما يجب التنبيه إليه -حسب الكاتب- هو غياب أو عدم كفاية التحقيقات أو التقارير المتعلقة بالمسؤوليات السياسية، وبالتالي فإن عالم الإعلام بحاجة إلى إعادة التفكير في الطريقة التي يغطي بها هذه المجازر المتسلسلة.
في عام 2012، كان من الممكن أن نصدق الرئيس باراك أوباما بعد ساندي هوك وهو يقول "يتعين علينا أن نتعاون ونتخذ إجراءات هادفة لمنع المزيد من المآسي"، ولكن بعد 10 سنوات كيف نستمع دون غضب للرئيس جو بايدن وهو يكرر "يجب أن نتحرك" أو إلى نائبته وهي تقول "كفى كفى. كأمة، يجب أن نتحلى بالشجاعة للعمل".
عندما نكون على علم بأن أي مبادرة تشريعية ستقتل على يد اليمين الجمهوري، فيجب أن ندرك أن الوقت قد حان لتغيير الإستراتيجية، فلماذا لا نجعل السيطرة على السلاح أولوية حقيقية في الحملة الانتخابية، من خلال تنظيم الحملة بدقة وإجبار المرشحين الديمقراطيين، إذا كانوا يريدون الحصول على موافقة الحزب، على وضع الموضوع في قائمة الأولويات، وليس فقط بطريقة بلاغية؟
أميركا ربما سئمت هذا الموضوع
بسبب الانسداد التام في واشنطن، يبدو أن غالبية الأميركيين الذين عارضوا هذا الاندفاع الجنوني الغاضب المتهور، محبطون من استحالة تغيير الأشياء، خاصة أن آخر إجراء رقابي مهم تم التصويت عليه لحظر الأسلحة الهجومية تم قبل 28 عاما ولم يدم سوى سنوات.
ومع كل هذه الإحباطات، يختم الكاتب ببارقة أمل، إذ يشير إلى أن القضايا الاجتماعية يحدث التغيير فيها أحيانا في الوقت غير المتوقع، مستدلا بتحرك أميركا لمنع عقوبة الإعدام أو لزواج المثليين (الشاذين جنسيا) بطريقة لم يتوقعها سوى قلة قليلة، آملا أن يحدث مثل ذلك فيما يتعلق بالسيطرة على السلاح، وفقا للكاتب.
المصدر : لوبس