الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لماذا ما زالت الثورة السورية في قائمة "الأوزان الصفرية"؟!

لماذا ما زالت الثورة السورية في قائمة "الأوزان الصفرية"؟!

13.05.2019
إبراهيم رضوان


الدرر الشامية
الاحد 12/5/2019
ما برحت الثورة السورية وعبر سنواتها السابقة أن ترتاح يومًا من أمواج بحار القوى المتصارعة الدولية منها والإقليمية، والتي لا تزال تتقاذفها وتلطم سفينتها أمواج مصالحهم ورغباتهم، فلما لا وهم لا يخسرون شيئًا فيها ويوظفونها لأجل أطماعهم وتحقيق رغباتهم ومصالحهم.
وإن غياب تأثير الثوار والقوى الثورية الفاعلة على المصالح المرتبطة بالقوى المتصارعة دوليًّا في ميدان أرض الشام يجعل من الوزن السياسي لوجودنا في الحسابات الدولية وزنًا "صفريًّا" .
وللوصول إلى مواقع التأثير والقوة في ميدان التأثير السياسي الدولي والخوض بها على أقل تقدير يلزمه امتلاكنا لأوراق الضغط التي ممكن أن تقلب المعادلة لصالحنا، وتلك الأوراق لا بد لها أن  تتمثل على أقل تقدير بالتأثير بمصالح المتصارعين والقوى ذات الصلة أو المرتبطين بجغرافيا ثورتنا على أقل تقدير إيجابًا كان لمن يتوافق معها، بالإضافة لمواجهة مصالح القوى الفاعلة والمعادية لقضيتنا .
إن المجتمع الدولي والقوى الإقليمية والأقطاب الدولية جميعها لا تقدم القيم الإنسانية ولا الأخلاق الحميدة، التي مع الأسف كنا نعتقد أنها ممكن أن تخلق تعاطفًا دوليًّا مع قضيتنا، ولكن ذلك التاثير بالخطاب المعتاد عبر سنوات الثورة سرعان ما فقد تأثيره بدخول القوى الدولية الباحثة عن مصالحها على حسابنا بغض النظر عن قضيتنا العادلة والإنسانية والأخلاقية بكل المقاييس، إلا أن هذه المعايير ليست ضمن قائمة الأسس التي تتخذ بها تلك القوى قراراتها ولا تقدمها على مكاسبها ومصالحها، وجميع القوى ترتبط فيما بينها بالمصالح والمكاسب وبحجم تحقيقها يكون التوازن فيما بينها، كما أن ذلك هو ميزان العلاقة السياسية فيما بينهم، فتحمل صفة التوافقية في حالة تلاقيها وتتحول إلى المواجهة في حالة تضاربها، والأمثلة كثيرة.
ما يجب علينا فعله وبعد ما يزيد عن ثماني سنوات هو البحث مليًا بمقدراتنا وإمكانياتنا لإيجاد سبل فاعلة للضغط والتأثير بمصالح من يخوضون حربهم في ميداننا، وكذلك منعهم وإيقافهم عن استخدام دمائنا مدادًا وحبرًا في اتفاقياتهم ومصالحهم، واستخدامنا لأوراق ضغط جديدة تخولنا من تمرير ما نريد، ولا بد من امتلاكنا لها لتحقيق الندية التي نفتقدها نسبيًّا لعوامل لا يتسع المقام لذكرها، وليست هي محور حديثي ها هنا الآن، إلا أن جزءًا منها معلوم لمن هو متابع للتفاصيل ومهتم بتحليل المجريات وتتابعها .
إن غياب تأثيرنا في المصالح الدولية يجعلنا من أصحاب الوزن الصفري في المعادلة الدولية، والتي حتما لا نعوّل عليها في نصرة قضيتنا، لكنها مؤثرة في الواقع لكوننا ندفع ثمن ذلك لاعتبار اعتقاد  المتصارعين في ميداننا أنهم أصحاب القرار وينظرون إلينا على أننا أدوات ضغط لتحقيق مشاريعهم ومصالحهم، ولا يدعون مناسبة دولية أو مشروعًا سياسيًّا إلا ويلوحون بذلك سواء ممن يدعي صداقتنا أو من أعدائنا، ونحن نعلم أننا لسنا كما يظنون ولسنا أدوات ولا بياقد لهم، إلا أن غياب التأثير في مصالحهم جعلهم يعتقدون ذلك.
كل المجريات التي نمر بها والأحداث الماضية وإلى يومنا هذا وأكثر..  ناتج طبيعي بسبب غياب وزننا في التأثير بمصالح بين من أسلفنا ذكرهم من قوى متصارعة يزاودون لأجل مصالحهم في قضيتنا، كما أنهم توسعوا في ذلك وانطلقوا بمشاريعهم وعبر أدواتهم التي طفت على السطح بسبب ضعفنا المتعدد الأسباب، فانتقلوا عبرها يتوغلون فكريًّا في أبناء أمتنا المكلومة ويطلقون العديد من منصات قيادة الرأي العام وينفقون لأجل نجاحها الكثير لعلمهم بما يمكن أن يجنوه بذلك، كما أنهم مستمرين وإلى الآن بزج ما يمكنهم واستثمار أي حدث على أرضنا مهما كان صغيرًا بما يخدم مشاريعهم.
حقيقة الأمر أن لدينا خيارات التأثير ميدانيًّا بشكلٍ نسبي، وكذلك أيضًا يمكننا الانتقال للتأثير عبر بناء علاقات أولية يمكن أن تكون إستراتيجية، خصوصًا ممن يحمل نفس أهدافنا أو ما يوافقها ممن سبقنا في الخوض بما يماثل حالتنا وممن انتقل أيضًا إلى دور التأثير بعدما كان يعيش حالة التأثير الصفرية والمشابه لحالتنا في الثورة السورية، وإن تمعن أصحاب القرار أكثر وأكثر وخرجوا بتفكيرهم خارج صندوق التفرد بصناعة القرار ونمطية التفكير الوجودي وحقيقة الاتكال على الله واستثمروا تسخير الله عز وجل لنا الظروف المحيطة لوجدوا أننا يمكن أن نمتلك أدوات التأثير وأوراق الضغط التي لا بد لها بعون الله أن تحقق أهدافنا وآمال شعبنا، كما أن من يحمل همنا ويشاركنا ما تعانيه قضيتنا بصدق عليهم أيضًا مد يد العون لتحقيق ما يمكن من ضغط كل منهم بميدانه فالمؤمن قوي بأخيه ولا بد من العمل والتفكير بطرق إبداعية لوضع إستراتيجية ثورية جديدة تحقق الأهداف المنشودة ولو بعد حين .