الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لماذا لن تشارك تركيا في التحالف ضد الإرهاب؟

لماذا لن تشارك تركيا في التحالف ضد الإرهاب؟

21.09.2014
د. محمد نور الدين



الشرق القطرية
السبت 20-9-2014
شاركت تركيا في مؤتمر الرياض لتشكيل التحالف الدولي ضد الإرهاب المتمثل رسميا في تنظيم "داعش". غير أن وزير خارجيتها مولود تشاووش أوغلو لم يوقع على بيان المؤتمر ما يعني عدم موافقة تركيا على أن تكون جزءا من هذا التحالف.
وبعد ذلك زار وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أنقرة واجتمع مع المسؤولين الأتراك. ومجددا لم يفلح الوزير الأمريكي في إقناع الأتراك بالمشاركة.
تركيا قد لا تكون ضرورية جدا لواشنطن في الحملة ضد الإرهاب إذا كان ذلك سيقتصر على الضربات الجوية. لكن مشاركة تركيا لها تأثير معنوي على الأوضاع وهي دولة عضو في حلف شمال الأطلسي وعدم مشاركتها سيعطي انطباعا أن الحلف غير جاد في هذه الحرب.
لكن لماذا لا تشارك تركيا في التحالف رغم أنها، كما يصرح مسؤولوها هي متضررة من تصاعد موجات الإرهاب المتعدد الأشكال؟
يمكن أن نقسم الإجابة إلى عنوانين: الأول ظرفي والثاني استراتيجي.
في العنوان الأول هناك أربعة أسباب:
1- إن الحرب المحتملة ضد "داعش" ستسبب موجات هجرة سكانية جديدة لعشرات الآلاف بل إن تركيا تقدر أعداد اللاجئين الجدد المحتملين بأربعة ملايين هم الذين سيهربون من المناطق التي ستطالها المعارك والقصف الجوي. ولا تريد تركيا المزيد من المشكلات الناتجة عن المزيد من اللاجئين الجدد.
2- إن لتركيا حدودا طويلة مع سوريا والعراق، وداعش تسيطر على جانب كبير منها. وفي حال انضمت تركيا إلى التحالف فستعتبر "داعش" ذلك استفزازا وستواجه تركيا حينها خطر انفلات الوضع الأمني على الحدود وامتداد نيران الاضطرابات والحرب إلى داخلها.
3- أن هناك العديد من الذين قد يصلون إلى ثلاثة آلاف مقاتل تركي في صفوف "داعش" وهذا قد ينعكس غضبا في بعض الدوائر المؤيدة لهم في الداخل التركي في حال خاضت تركيا حربا ضد داعش وما يعنيه ذلك من اهتزاز للاستقرار الداخلي.
4- وهذا الأهم في الأسباب الظرفية احتجاز "داعش" لـ 49 من دبلوماسيي وموظفي القنصلية التركية في الموصل وأي مشاركة تركيا سيعرض حياة هؤلاء الموظفين للخطر وهذا ما لا تستطيع الحكومة التركية تحمله ويعتبر فشلا لرئيسها الجديد أحمد داود أوغلو.
أما في العنوان الاستراتيجي فيمكن أن نرتب الأسباب كما يلي:
1- ترى تركيا أن أهداف التحالف الدولي ليست واضحة. وأن اقتصار الحرب على الضربات الجوية دون حرب برية يشارك فيها الجميع لن يوصل إلى نتيجة. كما أن اقتصار الضربات على العراق دون سوريا لن ينهي "داعش".
2- تريد تركيا أن يكون هدف الحرب ضد الإرهاب مزدوجا. من جهة ضد داعش ومن جهة أخرى ضد النظام في سوريا. إذ لا تزال تركيا ترى أن داعش هي نتيجة وليست سببا. وهذا ما كرره للمرة الأخيرة نائب رئيس الحكومة نعمان قورتولموش.
3- إن أي مشاركة تركية في التحالف الدولي ضد الإرهاب يعني أن تجد تركيا نفسها في الصفوف نفسها التي يتواجد فيها مقاتلو حزب العمال الكردستاني الذين أسهموا بشكل مؤثر في الدفاع عن اربيل بوجه داعش ولا يزال لهم دور كبير في محاربة داعش. وفي هذه الحال فإن مشاركة تركيا سوف تعطي شرعية لحزب العمال الكردستاني المصنف في تركيا تنظيما إرهابيا منذ العام 1984 ويخوض حربا ضد الدولة وإن عرفت هذه الحرب استرخاء منذ سنة ونصف السنة.
4- إن غالبية الدول المشاركة في التحالف هي من مجلس التعاون الخليجي. وباستثناء قطر فإن علاقات تركيا مع السعودية والإمارات تحديدا متوترة منذ تباين الموقف من التطورات في مصر بعد الإطاحة بالإخوان المسلمين. ولا يمكن لتركيا أن تجد نفسها على الأقل في هذه المرحلة في تحالف يضم خصومها مثل السعودية والإمارات ومصر.
مع ذلك فإن تركيا لم تغلق باب التعاون مع التحالف الدولي خصوصا أنها لا تريد أن تقطع شعرة معاوية مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في هذه القضية. إذ قررت الدولة التركية في اجتماعات متلاحقة بين أركانها التعاون استخباراتيا مع واشنطن كما مع الدول الأخرى المشاركة.