الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لعبة الدُمى والمسرح السوري

لعبة الدُمى والمسرح السوري

07.11.2018
مصطفى طه باشا


العربي الجديد
الثلاثاء 6/11/2018
في لعبة الدُمى المشهورة عالميًا، توجد أيدٍ خفية تجعلها تتحرك كيفما تشاء، لتلك الأيدي الخفيةهدف معين، وهو خداع الجمهور والمتابعين؛ لإيصال فكرتها، والظفر ببعض المكاسب والمصالح.
في سورية، تنفذ هذه اللعبة أيدٍ خفية تحرك الدمى الموجودة في مسرح الصراع، سواء في مناطق النظام أم في مناطق المعارضة، ولهذه الدمى صلاحيات محددة من الداعمين لها، ولا يمكنها التحرك والعمل خارج تلك المخططات والقرارات التي أُعطيت لها، لكن القرار النهائي في اللعبة هو للأيدي الخفية التي تُدير المنطقة حسب مصالحها، فالخطط التي تحيكها وترسمها تنفذها الدُمى بصدرٍ رحب، فهذه الدمى تُدرك أن مُهمتها تنفيذ الأوامر من دون الاعتراض عليها.
الدُمى في سورية كثيرة، تمّ تنصيبها بالتدريج، حسب معطيات وسير الأحداث في المنطقة، ففي كل مُعضلة أو حادثة اعترضت وواجهت الأيدِ الخفية، زرعت يد جديدة، وألبستها حُلة جديدة، لتكون عملة ذات وجهين، لتسيير مصالحها، ولفرض سياستها وتنفيذ أفكارها، الرامية إلى إبقاء الصراع في سورية واستمراره.
لم يعد خافيًا على أحد أن الأيدي الخفية التي تُحرك دُمى الصراع هي الدول الغربية التي تحاول موازنة الصراع في المنطقة؛ كي لا ينتصر طرفٌ على آخر، فهي تُدرك أن الصراع إذا انتهى ستفقد في المقابل مكاسبها ومصالحها، التي حصدتها طوال سنوات الصراع في سورية، وأن السبيل لاستمرار سيطرتها، هي استمرار الصراع والقتل والدمار الذي تقوده الدمى، والتي نصبتها وعينتها لتكون الناطق باسم الشعب، وأداة تنفيذ مخططاتها ومشاريعها في المنطقة.
لم تظهر شخصياتٌ تمثل الشعب، ففي كل الأزمنة، يتم وضع وزرع شخصيات، تسعى لصالح الغرب، وليس لصالح الشعب، فالشعب ملّ وكره من الوضع، بسبب تفاقم الأزمة ووصولها إلى درجاتٍ من الانحطاط والضياع والفوضى وانعدام الأمن، ولا أحد يبالي أو يُحرك ساكنًا، لتخفيف هموم هذا الشعب ومعاناته وآلامه، فالكل يسعى إلى مصالحه، وخصوصا دُمى الصراع، قادة وولاة الأمر، فهدفهم مكاسبهم الشخصية وإرضاء الغرب. أما الشعب، فقد أصبح من أكثر الشعوب معاناةً وألمًا على مر التاريخ، وإن بقي الوضع على ما هو عليه؛ سيصل به المطاف، ليصبح أكثر الشعوب؛ فقرًا وموتًا ودمارًا وضياعًا عبر كل الأزمنة والعصور.