الرئيسة \  واحة اللقاء  \  كيف يمكن الإيقاع بين روسيا وإيران في سوريا؟

كيف يمكن الإيقاع بين روسيا وإيران في سوريا؟

04.01.2017
علي حسين باكير


العرب
الثلاثاء 3/1/2017
تسعى روسيا في الآونة الأخيرة إلى استغلال التقدّم العسكري الذي أنجزته لمعسكرها في حلب، للمضي قدماً في المسار السياسي، لكنّ تحقيق هذا الغرض يتطلّب من روسيا ليونةً في بعض المواقف، وأن تجد شريكاً من الطرف الآخر قادراً على تمثيل المعارضة، ولديه مصلحة كذلك في حل سياسي.
هذه المعادلة تخلق ما يمكن تسميته تضارباً في المصالح بين موسكو من جهة وبين النظام وطهران من جهة أخرى، لاسيما أنّها اقتضت من روسيا أن تفرض إرادتها على النظام، وأن تؤكّد تزّعمها لهذا المعسكر، وهو الأمر الذي يخلق مشكلة مع الجانب الإيراني الذي دخل إلى أرض المعركة في سوريا قبل روسيا بسنوات، وذلك بغرض القضاء على معارضي نظام الأسد وليس التوصل إلى حل سياسي معهم. من غير الواضح حتى هذه اللحظة إذا ما كانت روسيا تؤمن بما تقوم به فعلاً أو أنّها ترواغ. إذا كانت تراوغ فهذا يعني أنّ التضارب الظاهر في المصالح مع الجانب الإيراني سيكون تكتيكياً ولفترة محدودة بهدف جلب المعارضة إلى طاولة التفاوض وإملاء الشروط عليها انطلاقاً من الأمر الواقع على الأرض. أمّا إذا كانت روسيا جديّة في المسار الحالي، فهذا يعني أن هناك إمكانية حقيقية لافتعال إشكال بينها وبين النظام الإيراني استناداً إلى التناقض الناشئ في المصالح.
روسيا حليف قوي لإيران، لكنّها أثبتت مرارا أنّ مصالحها فوق أي إعتبار آخر، وإن تطلب الأمر لي ذراع حلفائها فستفعل في الوقت المناسب، ولذلك من المهم بمكان عدم انتظار الوقت لمعرفة النتيجة، إذ إنّ هناك مصلحة في أن يتم خلق هذا الشرخ بين روسيا وإيران في أسرع وقت ممكن، وأن يتم البناء عليه بحيث يصبح غير قابل للحل، وبما يؤدي في نهاية المطاف إلى تقويض الأجندة الإيرانية في سوريا.
حاليا، توجد مصلحة روسية في التعامل مع تركيا، وتشير كل التوقعات الحالية إلى أن إدارة ترمب ستكون قريبة جداً من بوتن، وإذا أضفنا ذلك إلى حقيقة أنّ نفس الإدارة ستمتلك المزيد من الحوافز للتعامل مع تركيا والسعودية ضد إيران بشكل معاكس لما فعلته إدارة أوباما، فهذا يعني أنّ استمالة موسكو مقابل إيقاف إيران عند حدّها في سوريا لن تكون أمراً مستحيلاً.
هناك لاعب إقليمي آخر ستكون لديه مصلحة في تحقيق نفس الهدف أيضاً، لا بل ربما يكون صاحب الكلمة الأكثر تأثيراً في هذه المعادلة، نظراً لعلاقاته الممتازة بكل من إدارة ترمب من جهة وبوتن من جهة أخرى. من مصلحة إسرائيل بقاء الأسد الذي حمى حدودها لعقود طويلة، لكن ليس من مصلحتها وجود إيران على حدودها، إذ لطالما استغل نظام الملالي الوضع الجيوبوليتكي والترويج لظاهرة العداء ضد إسرائيل لتحقيق مكاسب إقليمية له، وهذا أمر لا يناسب تل أبيب في سياق التنافس الإقليمي.
اذاً، ستكون هناك مصلحة أميركية وتركية وسعودية وإسرائيلية في وضع حد لإيران، وإذا ما وحّدت هذه الأطراف أجندتها حول هذه النقطة بالتحديد، فمن السهل إقناع روسيا حينها بالتخلي عن إيران بناءً على معيار المصالح المشتركة، فمصالح موسكو مع هذه الدول مجتمعة أكبر من أي مصلحة آنية لها مع نظام الملالي، عدا عن حقيقة أن موسكو ليس من مصلحتها أن تخوض معركة نظام الملالي الخاصة به في سوريا.;