الرئيسة \  واحة اللقاء  \  كيف تُنقَذ درعا من المشاريع الروسية؟ 

كيف تُنقَذ درعا من المشاريع الروسية؟ 

15.07.2021
مالك الحافظ


سوريا تي في 
الاربعاء 14/7/2021 
انقلاباً على "اتفاق التسوية" الذي وقعته روسيا في صيف العام 2018، مع المعارضة العسكرية في درعا، تسعى موسكو لإحداث معادلة جديدة هناك، تقضي بسحب ما تبقى من سلاح فردي لتلك المعارضة، كخطوة استباقية على ما يبدو ضد أي تحرك أميركي مفترض في الجنوب السوري. 
رغم الحديث عن إمكانات التعاون الروسي-الأميركي في سوريا، منذ وصول إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى البيت الأبيض، فإن التضييق الروسي على مناطق مختلفة من محافظة درعا، يأتي لفرض السيطرة المُطبقة عليها، لقطع الطريق على صدام مباشر مع الجانب الأميركي في الجنوب السوري، إذا ما قررت واشنطن الانطلاق من قاعدة "التنف" التي توجد فيها قواتها، والتوجه نحو الجنوب ومحافظة درعا على أساس درء أخطار استمرار النفوذ الإيراني فيها. 
منذ قرابة الشهر تعاني منطقة درعا البلد، من حصار تفرضه عليها قوات النظام السوري بدعم حليفها الروسي، إلى جانب مدينة الصنمين لاحقاً، والتلويح بتصعيد عسكري في أكثر المناطق التي لا تفرض فيها هيمنتها العسكرية والأمنية. 
إن انقلاب موسكو ودمشق على "اتفاق التسوية" يأتي في وقت لم ينفّذ فيه الطرفان أكثر من 10 في المئة من بنود التسوية، سواء من حيث إخراج المعتقلين وكشف مصير المفقودين، وعدم ملاحقة عناصر المعارضة السابقة أو التضييق على عائلاتهم ومناطقهم. 
تبدو الحلول منعدمة في درعا بخاصة في ظل الاستباق الروسي لأي تحرك من "التنف" فضلا عن عدم اكتراث سياسي سوري أو أممي بالأوضاع في درعا، وعدم ملائمة الأجواء السياسية الدولية على ما يبدو لأي تصعيد دبلوماسي بين روسيا والولايات المتحدة، بعد حدوث أولى الخطوات التي يمكن أن تبني مسارا توافقيا بين الولايات المتحدة وروسيا بعد تمديد آلية إدخال المساعدات إلى سوريا لمدة عام في مجلس الأمن الدولي. 
إن سياسة الحصار والضغوط الأمنية في محافظة درعا، ليست الأولى من نوعها، فالمنطقة الجنوبية لم تستقر الأوضاع فيها منذ دخول قوات النظام السوري عليها بمساعدة حليفها الروسي، حتى إن التلويح بالتصعيد العسكري والتوترات الأمنية كانت المسيطرة على المشهد في محافظة درعا لأكثر من 3 أعوام، بالتوازي مع تدهور الأوضاع المعيشية هناك. 
إذا ما كان استقواء النظام في درعا خلال هذه الفترة، ينطلق من مسعى التصعيد العسكري فيها، بناء على الدعم العسكري والسياسي غير المحدود الذي يتلقاه من الجانب الروسي، فإن نتائج ذلك ستكون كارثية على المدنيين. 
من المُلزم على شخصيات المعارضة السورية من محافظة درعا من الذين سعوا لتوقيع "اتفاق التسوية" منذ أكثر من 3 سنوات، الاعتذار لأبناء محافظتهم على ما دفعوهم إليه، لا سيما أنهم لم ولن يستطيعوا فرض تغيير لأي معادلة تريد إحداثها روسيا في الجنوب، خاصة أن التنسيق الأبرز للروس في فترة توقيع اتفاق التسوية كان مع إسرائيل، التي ترى في الوجود الروسي ضماناً لضبط المنطقة أكثر من أي طرف محلي آخر. 
لقد كان التعاطي مع الروس واعتبارهم ضامنين للتسوية في درعا، خطأ كبيراً، وما يسعون إليه حاليا هو فرض السيطرة بأي شكل من الأشكال في المحافظة وإظهارها كمنطقة "تنعم بالسلم والأمان"، لقطع الطريق على أية مشاريع جديدة يمكن أن تطول المنطقة. خاصة في ظل انقطاع عمليات الاغتيال والفوضى الأمنية الكبيرة. 
فشلت المعارضة على أصعدة مختلفة في إحداث ضغط سياسي يؤدي إلى مرحلة انتقالية بسوريا، وكذلك أثبتت فشلها مناطقياً بعد العجز عن الحفاظ على استقرار مناطقها واستسلامها واحدة تلو الأخرى، وصولا إلى درعا التي عجز بعض المعارضين في الدفاع عن أمن أهلها واستقرار منطقتهم وضمان المواثيق التي وقعوا عليها. 
 كذلك فشل "اللواء الثامن" التابع لـ "الفيلق الخامس" في إيجاد دور الوسيط الضامن المحلي لسحب فتيل أي تصعيد أو توتر في محافظة درعا، فتحول إلى أداة روسية بشكل كامل الأركان، ولم يستطع صنع كيان قوي له ينعزل من خلاله عن الإملاءات الروسية، وفي الوقت ذاته يحفظ قوته وتأثيره في المنطقة. كلا الجانبين لم يحققهما "اللواء الثامن" بقيادة أحمد العودة. 
ما يمكن التعويل عليه للحفاظ على استقرار المنطقة الجنوبية، هو الدور الأميركي بمعزل عن الحضور العسكري، وإنما الاستفادة من خطوات التوافق الأولية، وانتظار التعاون بينهما هناك بناء على عامل مشترك متمثل في رفض الوجود الإيراني في الجنوب من قبل واشنطن، وخطر هذا الوجود على المشروع الروسي في سوريا خلال المرحلة المقبلة.