الرئيسة \  واحة اللقاء  \  كيف تستفيد روسيا من العقوبات الأمريكية على إيران؟

كيف تستفيد روسيا من العقوبات الأمريكية على إيران؟

15.05.2019
علي حسين باكير


سوريا تي في
الثلاثاء 14/5/2019
قامت الولايات المتّحدة بداية الشهر الحالي بإنهاء الاستثناءات التي كانت ممنوحة لعدّة دول لاستيراد النفط الإيراني، كما فرضت سلسلة جديدة من العقوبات المؤلمة على إيران طالت قطاع التعدين بالتحديد وذلك في سياق سعيها لتشديد الضغط على إقتصاد البلاد وحرمان طهران من الحصول على مزيد من الدولارات المخصصة لسياساتها التوسعيّة في المنطقة.
الهدف المعلن لهذه السياسة الأمريكية هو إجبار إيران على الجلوس إلى طاولة المفاوضات للتوصل الى اتفاق نووي جديد وتغيير سلوكها الإقليمي.
تعارض روسيا بصفتها شريكة للجانب الإيراني الخطوات الأمريكية الأحادية الجانب لاسيما تلك المتعلقة بالانسحاب من الاتفاق النووي والعقوبات المفروضة على إيران.
وبالرغم من سيل التصريحات التي تؤكّد على هذا الموقف، إلاّ أنّ روسيا تبقى واحدة من الدول القليلة التي لا تؤذي العقوبات الأمريكية على إيران مصالحها بالضرورة بل ربما على العكس من ذلك تصبّ في صالحها أيضاً إقتصادياً وسياسياً.
أدّت الجولة الأولى من العقوبات على إيران إلى تخفيض صادراتها من النفط بحدود النصف تقريباً من حوالي ٢.٨ مليون برميل في الوم إلى حوالي ١.٤ مليون برميل. ومن المتوقع أنّ يؤدي إنهاء الإستثناءات هذا الشهر إلى تخفيض أكبر في صادرات إيران من النفط.
الهدف المعلن لهذه السياسة الأمريكية هو إجبار إيران على الجلوس إلى طاولة المفاوضات للتوصل الى اتفاق نووي جديد
في العادة يترك مثل هذا التخفيض تأثيراً على إمدادات النفط في السوق العالمية وعلى الأسعار، ويخلق تنافساً بين كبار مصدّري النفط في العالم للإستيلاء على حصّة إيران في السوق. وبوصفها واحدة من كبار المنتجين والمصدّرين، فإن روسيا ستستفيد حتماً من هذا الوضع، ليس لناحية الحصص فقط، بل لناحية ارتفاع أسعار النفط كذلك.
على الصعيد الاقتصادي، يؤدي عزل إيران إلى تخفيض حجم تجارتها الخارجية نظراً لصعوبة إجراء تبادل تجاري مع معظم دول العالم من دون المرور بالقنوات المالية العالمية والنظام المصرفي الدولي الذي تسيطر عليه الولايات المتّحدة الأمريكية.
تضطر إيران في هذه الحالة إلى اللجوء الى وسائل أخرى وإلى الاعتماد على عدد محدود من الدول التي تستطيع إجراء تبادل سلعي معها أو القيام بتعاملات تجارية بالعملات المحلّية وتعدّ روسيا واحدة من هذه الدول.
يبلغ حجم التبادل التجاري بين موسكو وطهران حوالي ٢ مليار دولار، جلّها لصالح روسيا، وفي هذا الصدد، من المتوقّع أن تزيد العقوبات على إيران من الفجوة التجارية لصالح روسيا.
وفقاً لتصريحات المسؤولين الأمريكيين، فقد نجحت الجولة الأولى من العقوبات على النفط الإيراني بحرمان طهران بشكل مباشر من عائدات تزيد عن ١٠ مليار دولار خلال بضعة أشهر.
ويؤدي إنكماش الاقتصاد الإيراني على وقع تزايد الضغط الأمريكي إلى تراجع في الدعم المقدّم لأذرعها وحلفائها في المنطقة. ظهر ذلك بشكل جلي مؤخراً على وضع حزب الله اللبناني وكذلك على وضع نظام الأسد الذي يعاني من أزمة طاقة خانقة منذ بداية العام الحالي نتيجة لتشديد العقوبات على إيران.
روسيا مؤهّلة من دون شك لتعويض احتياجات نظام الأسد من الطاقة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق، لماذا لم تفعل روسيا ذلك حتى الآن؟
وباستثناء حوالي مليون برميل يُقال أنّها وصلت مؤخراً من إيران إلى نظام الأسد، لم ترسل طهران أي دعم نفطي لحليفها منذ بداية العام. تكلّف فاتورة استيراد الطاقة نظام الأسد حوالي ملياري دولار. ومع التوقعات بانقطاع الدعم المالي والنفطي بشكل تام عن النظام السوري، بقي للأخير خيارين وحيدين لتفادي تفاقم أزمة الطاقة التي يعيشها. إمّا القيام بعملية عسكرية لإستعادة آبار النفط التي تقع شرق البلاد والتي تسيطر عليها الميليشيات الكردية المدعومة أمريكيا، وإمّا الإعتماد على روسيا لتعويض النقص في الحصول على إمدادات الطاقة والمال.
في كلتا الحالتين، يبدو نظام الأسد بحاجة أكبر إلى الدعم الروسي. فيما يتعلق بالخيار الأول، لا تستطيع روسيا دعم عملية عسكرية للأسد ضد قوات تحظى بغطاء أمريكي، لكنّها قد تستطيع في مرحلة ما ضمان تفاهمات بين الجانبين.
أمّا فيما يتعلّق بالخيار الثاني، فروسيا مؤهّلة من دون شك لتعويض احتياجات نظام الأسد من الطاقة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق، لماذا لم تفعل روسيا ذلك حتى الآن؟ هناك عدّة إحتمالات للإجابة على هذا التساؤل لعل أبرزها أنّ روسيا التي تحظى بمكانة مهمة في قطاع الطاقة السوري ليست مستعجلة على إنقاذ الأسد من أزمة الطاقة، وأنّها في الوقت الذي ستقوم بالتدخل فيه ستكون قد حضّرت لائحة من الشروط السياسية لعل أبرزها ضمان اليد العليا لها في السيطرة والتأثير على نظام الأسد في مقابل السيطرة والتأثير الإيراني.