الرئيسة \  تقارير  \  كيف تستفيد روسيا من أزمة الطاقة الأوروبية؟

كيف تستفيد روسيا من أزمة الطاقة الأوروبية؟

13.10.2021
فايننشال تايمز


فايننشال تايمز
وكالات الأنباء
الثلاثاء 12/10/2021
كان الأسبوع الماضى سيئا بالنسبة لمستهلكى الطاقة فى أوروبا، لكنه كان أسبوعا مرضيا لفلاديمير بوتين لأن أسعار الغاز الأوروبية القياسية يوم الجمعة كانت أعلى 6 مرات مما كانت عليه قبل عام – لكنها تراجعت عن أعلى مستوى لها على الإطلاق فى منتصف الأسبوع بعد أن أشار الرئيس الروسى إلى أن موسكو قد تكون مستعدة لبث الاستقرار فى الأسعار.
كان السياسيون يواسون أنفسهم فى وقت من الأوقات بأن روسيا لا تستطيع أبدا قطع الغاز عن أوروبا لأن ذلك سيؤدى إلى انهيار اقتصادها، وأظهرت الأسابيع الماضية أن موسكو ليست بحاجة إلى إغلاق الصنابير: فى أزمة الإمدادات، أظهرت أنها يمكنها امتلاك نفوذ كبير حتى مع الاستمرار فى الوفاء بجميع التزاماتها التعاقدية طويلة الأجل، ببساطة عن طريق حجب أى غاز إضافى.
وتعد ضغوط الطاقة التى ألقت بظلالها على التوقعات الاقتصادية وجعلت الأسواق فى حالة تأهب هى مسألة عالمية، ويواجه انتعاش النشاط عقبات ما بعد الوباء، وأدى فيروس كورونا والشتاء الطويل إلى تأخير ملء مخزونات الطاقة وتراكم أعمال الصيانة فى بعض حقول النفط والغاز والفحم، وتعانى الهند والصين من نقص أيضا.
أدى الابتعاد عن الفحم، وفى بعض الدول عن الطاقة النووية، إلى جعل الغاز أكثر أهمية كوقود صناعى، ولتوليد الكهرباء (SE:5110) رغم التقدم الذى أحرزته مصادر الطاقة المتجددة، وعانت أوروبا أيضا من إغلاق جزئى لحقل جرونينجن الغازى العملاق بسبب الزلازل فى هولندا وتحول إمدادات الغاز الطبيعى المسال إلى آسيا.
ومع ذلك، حتى إذا لم تكن روسيا العقل المدبر لهذه الضغوط، فقد استفادت منها، كما يقول المتداولون، من خلال رفض إرسال إمدادات إضافية إلى السوق الفورية لتهدئة الأمور كما فعلت فى الماضى، ويقول رئيس وكالة الطاقة الدولية إن لدى روسيا القدرة على إرسال المزيد من الغاز إلى أوروبا، وفى مواجهة مقاومة من قبل العملاء لخفض انبعاثات الكربون، فإن روسيا، مثل أوبك فيما يخص البترول، تميل بلا شك إلى تعظيم الإيرادات من الغاز الذى لا يزال بإمكانها بيعه – وإرسال رسالة غير دقيقة حول مخاطر التحول الأخضر السريع.
تستغل موسكو الموقف أيضا للضغط على المنظمين فى برلين للموافقة على خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2” الذى تم بناؤه حديثًا تحت بحر البلطيق إلى ألمانيا، وأكد وزير الطاقة الروسى الأسبوع الجارى مرة أخرى أن الموافقة السريعة على خط الأنابيب (SE:2360) “يمكن أن تهدئ إلى حد ما الوضع الحالى”.
قد يزداد نفوذ روسيا: مع انخفاض مخزون الغاز الأوروبى بشكل غير عادى، ويخشى العاملون فى القطاع أن تؤدى البرودة الطفيفة فى الشتاء إلى تقلبات شديدة فى الأسعار، وستظل الموافقة على “ نورد ستريم 2”، وهو مشروع سياسى فى الأساس لتجاوز خط أنابيب النقل فى أوكرانيا، تواجه مقاومة قوية.
فمن شأن المشروع أن يذل كييف، ومع ذلك، فإنه لن يزيد الاعتماد على روسيا إلا إذا قامت حكومات الاتحاد الأوروبى وعقود العمل بتلقى غاز إضافى من خلالها، بدلاً من مجرد استبدال النقل عبر أوكرانيا، وقد يرفض الكثيرون تقييد أنفسهم أكثر بمورد أظهر أنه مستعد لاستخدام الطاقة كأداة جيوسياسية.
فى الواقع، يجب أن تكون استجابة الاتحاد الأوروبى هى تكثيف التحركات لتنويع مصادر الطاقة والموردين، ويجب أن يسرع، لا أن يبطئ، التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، وأن يوسع بنيته التحتية للغاز الطبيعى المسال، وتتعاقد على المزيد من الغاز من النرويج والجزائر وقطر والولايات المتحدة.
كما سخر بوتين من “الأذكياء” فى بروكسل الذين قال إنهم فاقموا مشاكل اليوم من خلال الضغط من أجل التسعير “القائم على السوق” فى محاولة لتعزيز المنافسة فى سوق الغاز، ومع ذلك، فى الوقت الذى تكون فيه على استعداد لحماية الفئات الأكثر ضعفاً من التقلبات الحادة فى أسعار الشتاء، يجب على دول الاتحاد الأوروبى ألا تتراجع عن آليات السوق بل تسعى إلى تعزيزها وإكمالها.
ويجب عليهم الإصرار على شفافية التسعير وفصل عمليات الطاقة والتوليد عن شبكات النقل ووصول الأطراف الثالثة إلى شبكات خطوط الأنابيب، بما فى ذلك روسيا، وسيجعل المزيد من الاستثمار فى التكنولوجيا الجديدة، وسوق أفضل للطاقة وأكثر تنوعا، الاتحاد الأوروبى أكثر مرونة فى مواجهة الضغوط المستقبلية، ويجعل من الصعب على موسكو استغلالها لصالحها.