الرئيسة \  مشاركات  \  كرامة المرء ، هي فيما يقول ويفعل ، لا بأقوال الناس وأفعالهم !

كرامة المرء ، هي فيما يقول ويفعل ، لا بأقوال الناس وأفعالهم !

09.11.2019
عبدالله عيسى السلامة




الحديث عن الكرامة كثير، واعتداد الناس بكراماتهم ، معروف ، متنوّع الأشكال ، في كلّ عصر ومصر! وأحياناً ، يكون أقلّ الناس كرامة ، وأشدّهم جهلاً ، بالكرامة ، أو بمعانيها الصحيحة .. أكثر الناس حديثاً عنها ، وتشدّقا بها ! وضوابط الكرامة وتعريفاتها ، تختلف ، بين بيئة وبيئة ، وبين عصر وعصر، وأحياناً ، بين شخص وآخر!
ومعلوم ، لدى العقلاء ، أن كرامة الإنسان ، مرتبطة بما يقوله الإنسان ، نفسه، وبما يفعله ، هو، نفسه ، من خير أو شرّ ، ومن حُسن أو سوء ، ومن صلاح أو فساد .. ضمن مقاييس ، رسّختها الرسالات السماوية ، وتعارف عليها عقلاء البشر، من أقدم العصور! ولو ارتبطت كرامة الإنسان ، بأقوال الآخرين وأفعالهم ، لما بقي ، عند أحد كرامة ؛ لأن أكثر الناس ، يتناول بعضهم بعضاً ، بالسوء ، ويستمتعون بغيبة الآخرين ، لأسباب مختلفة ، حتى لو كان الآخرون، أصدقاء لهم ! أمّا الأعداء ، فأكلُ بعضهم لحومَ بعض ، يُعدّ مسوَّغاً ومشروعاً ، لدى الكثيرين ، ولو اتّهم آكلو اللحوم ، أعداءهم ، تهماً باطلة ، بل لو كان أصحاب اللحوم المأكولة ، خيراً من آكلي لحومهم ، وأنبل ، وأكرم !
 من المعروف ، مثلاً ، أن الكذب والغشّ والسرقة ، ونقض العهود ، وإخلاف الوعود ، واتّهام الناس بالباطل ، وشتم الآخرين وتجريحهم ، بغير وجه حقّ .. من المعروف ، أن هذا كلّه ، من الأمور السيّئة ، التي تنقص من كرامة الإنسان ، أو تجرحها ، أو تسقطها ..!
لكن الناس ، في بعض البيئات والعصور، يخترعون لأنفسهم قيَماً خاصّة ، تنافي القيَم الصحيحة الأصيلة ، فيمجّدون بعض الأفعال السيّئة ، ويَعيبون أفعالاً حسنة ، أو عادية ، أو ممّا تقتضيه ضرورات الحياة الإنسانية !
نماذج :
كان الناس ، في بعض البيئات ، يمجّدون السارق ، ويَعدّونه بطلاً ، أو شجاعاً ، وفي الوقت ذاته ، يعيّرون مَن يغصّ ، على مائدة طعام ، بل يعيّرون أبناءه ، وأحفاده ، بذلك !
كان الناس ، في بعض البيئات ، ينظرون ، إلى مَن يُسقط أحدٌ عقاله ، من فوق رأسه ، نظرة اردراء ، لأن إسقاط العقال ، من فوق الرأس ، يَخدش الكرامة ! وفي الوقت ، ذاته ، يَرون مَن يُظهر بطولات زائفة ، تجاه الآخرين ، فيعتدي عليهم ، ويهينهم ، بلا وجه حقّ.. يرونه شجاعاً ، أو بطلاً !
كان المسيح يسير، في أحد الشوارع ، وبعض سفهاء يهود ، يُسمعونه كلاماً سيّئاً ، فيَردّ عليهم ، بكلام حسن ! فقيل له : عجبنا لك ، يانبيّ الله ؛ يقولون لك كلاماً سيّئاً ، فتردّ عليهم، بكلام حسن ! فقال المسيح : كلٌّ يُنفق ممّا عندَه !  
  قال أحدهم ، للحسن البصري : لأقولنّ فيك كلاماً ، يَنزل في قبرك ! فقال الحسن : بلْ ، في قبرك ، أنت ، يا ابن أخي !
  كان أحدهم ، في مجلس عامّ ، يتّهم إحدى المؤسّسات ، بأنها ظلمته ؛ إذ أكلتْ حقّه ، فقيل له : لمَ لاتكتب لإدارة المؤسّسة كتاباً ، توضح فيه حقّك ، وتطالب به ؟ فقال : كرامتي تأبى ، أن أكتب ! فقيل له : هل تأبى كرامتك إرسال كتاب ، إلى مؤسّستك ، تطالب فيه بحقّك ، ولا تأبى كرامتك ، النيل من المؤسّسة ورجالها ، في مجالس عامّة ؟ فسكت !