الرئيسة \  واحة اللقاء  \  قنابل روسيا الدموية على إدلب: هندسة لخريطة نفوذ جديدة يُعمل على تثبيتها في أستانة

قنابل روسيا الدموية على إدلب: هندسة لخريطة نفوذ جديدة يُعمل على تثبيتها في أستانة

28.07.2019
هبة محمد

 
القدس العربي
السبت 27/7/2019
دمشق ـ "القدس العربي": قتل وجرح أكثر من 20 مدنياً في ريف إدلب، بينهم أطفال، خلال الأربع وعشرين ساعة الفائتة، وقال الدفاع المدني السوري إن النظام وحلفاءه يواصلون سياسة التهجير وتدمير البنى التحتية الممنهجة، لا سيما في المدن الواقعة بمحيط الطريق الدولي الذي يصل حلب بدمشق واللاذقية، وخاصة مدينتي معرة النعمان وخان شيخون وغيرها من البلدات الصغيرة، التي هجّر معظم سكانها المحليين، كما أجبر النازحون إليها على ترك مساكنهم إثر تدميرها.
وتتعمد موسكو مواصلة القصف الهمجي العنيف والكثيف على المواقع المدنية للضغط على نقطة ضعف فصائل المعارضة، عبر استهداف الأهالي وتهجيرهم، وذلك من أجل تقديم تنازلات في ملف وقف إطلاق النار، وتثبت خارطة نفوذ جديدة خلال جولة أستانا المقبلة مطلع شهر آب، وذلك بضم نحو 18 بلدة وموقعاً إلى سيطرة قواتها، بعدما انتزعتهم خلال شهر أيار الفائت.
الهجوم المتعاظم جاء في أعقاب فشل الحلف الروسيالسوريالإيراني، بالتقدم في ريف حماة، أمام ثبات قوات المعارضة التي دعمتها تركيا بالأسلحة وذخائر، ما مكنها التغلب على القوات المهاجمة التي سخرت ترسانة ضخمة من الأسلحة وزجت بآلاف المقاتلين، بينهم قوات خاصة روسية وميليشيات إيرانية "عربية وآسيوية"، فضلاً عن قوات النظام وميليشياته المحلية.
وتضع روسيا كل جهدها الإعلامي لنفي مشاركة قوات خاصة تابعة لها في معركة إدلب، بحسب ما يقول الباحث السياسي عبد الوهاب عاصي، عازياً السبب في حديثه مع "القدس العربي"، إلى أنه "من شأن تأكيد ذلك تقليل هيبة روسيا وقدرتها القتالية والعسكرية، على اعتبار أنّ عسكريين في عداد الجيش الروسي النظامي لم يستطيعوا تحقيق حسم ميداني أمام مجموعات قتالية لا تقارن معها من حيث القدرات والمهارات".
الإعلام الروسي ينفي
ومن بين ما يسرده الإعلام الروسي لنفي مشاركة قوات خاصة "التذرّع بأنّ الحرب في إدلب ومحيطها لا تتصاعد إلى صراع كبير، وأنّ لدى النظام السوري في حال الهجوم وسائل أخرى كافية للسيطرة على المنطقة، منها زج قوة أكبر من صفوف الجيش النظامي، وإدخال القوات الإيرانية الخاصة، وكأنّ النظام لم يزج بكامل قوّته ولم يستنزف بنيته العسكرية في المعركة المستمرة منذ أكثر من 80 يوماً، وكأنّ روسيا استطاعت إقناع إيران بإدخال الميليشيات التابعة لها إلى المعركة وكأنها أصلاً قادرة على الحسم في حال مشاركتها بقوة".
المعارض، الوزير السابق لدى حكومة النظام السوري، رياض نعسان آغا، قال إن روسيا تستخدم قنابل نووية، وهي رؤوس تكتيكية أصغر بكثير من تلك التي استخدمت في هيروشيما، ولكنها كافية لإحداث أثر كبير ومدمر ضد مناطق صغيرة ومحددة، في حربها على المدنيين في إدلب وما حولها.
واعتبر أنه "خارج المنطق وخارج كل القيم، استمرار الهجوم الوحشي ضد الأهالي في الشمال السوري، وبالرغم منذ ذلك يريد الروس أن يثق السوريون بهم، وأن يتفاعلوا بإيجابية مع آستانا ومثيلاتها من الخدع الروسية وهم ينفذون أبشع وأقسى جرائم الإبادة ضد شعبنا"، مضيفاً: "لا تنسوا أن الروس يقدمون أنفسهم ضامنين لخفض التصعيد، ولكنهم يتابعون مع النظام وإيران حرب الإبادة الهمجية ضد المدنيين".
في إدلب وحماة، أسفر القصف المتواصل عم سقوط أكثر من 2700 مدني، بينهم 360 طفلاً، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، وذلك منذُ بدء التصعيد الأعنف على الإطلاق ضمن منطقة "خفض التصعيد" في الـ 30 من شهر نيسان الفائت، وحتى يوم الجمعة الـ 26 من شهر تموز الجاري.
وحسب مدير فريق الخوذ البيضاء، مصطفى الحاج يوسف، فإن القصف العنيف والمستمر أسفر عن قتل 99 مدنياً وإصابة 208 آخرين في مدينة خان شيخون وحدها، كما أسفر القصف العنيف عن مقتل ثلاثة متطوعين من الدفاع المدني السوري وإصابة خمسة آخرين أثناء عملهم في المدينة.
الاستهداف بجميع أنواع القذائف الصاروخية والمدفعية، بحسب بيان "للخوذ البيضاء"، دمر المرافق الحيوية في المدينة من أسواق ومخابز ومساجد ومدارس ونقاط طبية ومراكز دفاع مدني، ما غيّب كل مظاهر الحياة، كما ترافق القصف مع تحليق طائرات الاستطلاع الذي قطع الطرقات الرئيسية في المدينة ومنع حركة المدنيين بإخراج أمتعتهم من المنازل، ما أثر أيضاً على عمل فرق الإنقاذ وحركة سيارات الإسعاف، فضلاً عن استهداف فرق الدفاع المدني أثناء عملها بالغارات المزدوجة والآليات الخاصة بهم، بهدف حرمان الأهالي من الخدمات التي تقدمها.
وقال المرصد السوري إن نحو 290 ضربة جوية وبرية استهدفت، الجمعة، مناطق التهدئة المفترضة في أرياف إدلب وحماة.
قصف متواصل
وخلال اليوم الـ 88 من التصعيد الأعنف، استمرت طائرات النظام و"الضامن" الروسي في قصف مناطق متفرقة شمال غربي سوريا، حيث ارتفع عدد الغارات التي نفذتها طائرات حربية تابعة للنظام السوري إلى 24 غارة مستهدفة أماكن في معرة النعمان وأطرافها وبلدة سراقب بريف إدلب الشرقي، ومنطقة الايكاردا والنخيل والبرقوم بريف حلب الجنوبي، بالإضافة إلى مورك والزكاة واللطامنة ولطمين والجبين وتل ملح شمال وشمال غرب حماة. كما ارتفع عدد الغارات الروسية إلى 15، استهدفت مناطق في قريتي تل ملح والجبين في ريف حماة الشمالي الغربي، وكفرزيتا واللطامنة في ريف حماة الشمالي، فيما ألقى الطيران المروحي براميل متفجرة على قرية حصرايا بريف حماة الشمالي، فيما وثق المرصد أكثر من 250 قذيفة صاروخية أطلقتها قوات النظام منذ ما بعد منتصف ليل أمس على كل مناطق في ريفي حماة الشمالي والشمالي الغربي وريف إدلب الجنوبي بالإضافة لجبال الساحل وريف حلب الجنوبي.
وانتهت إحصائية اليومين الفائتين بتوثيق مقتل 8 مدنيين ونحو 20 مصاباً، في غارات جوية عنيفة استهدفت محافظة إدلب. وقالت مفوضية حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه، الجمعة، إن ضربات جوية نفذتها قوات النظام السوري وحلفاؤه على مدارس ومستشفيات وأسواق ومخابز في إدلب، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 103 مدنيين في الأيام العشرة الماضية بينهم 26 طفلاً.
وأضافت أن "هذه أهداف مدنية، وفي ضوء النمط المستمر لمثل هذه الهجمات، يبدو من غير المرجح بشدة أن يكون قصفها حدث بطريق الخطأ، مشيرة إلى أن ارتفاع حصيلة القتلى تقابله" لامبالاة دولية واضحة.
وكانت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" قد كشفت، الثلاثاء الفائت، عن حصيلة الانتهاكات في منطقة خفض التصعيد الرابعة على يد الحلف السوري الروسي، لافتة إلى توثيق عشرات المجازر التي قتل فيها 747 مدنياً خلال مدة لا تتعدى ثلاثة أشهر.
ووفق الشبكة، فقد سجلت منذ بدء حملة التصعيد العسكرية لقوات الحلف السوري الروسي على منطقة خفض التصعيد الرابعة في 26/ نيسان وحتى 23/ تموز2019، مقتل ما لا يقل عن 747 مدنياً، بينهم 192 طفلاً، و131 سيدة، وإصابة ما لا يقل عن 2783 مدنياً بجراح. ومنذ 26 نيسان من هذا العام، تواصل قوات النظام وروسيا حملتها العسكرية الجوية والبرية على المناطق المدنية في منطقة خفض التصعيد الرابعة في الشمال السوري، التي تشمل أرياف حماة وإدلب وحلب واللاذقية، مسجلة مقتل المئات من المدنيين وتدمير البنى التحتية وتهجير أكثر من نصف مليون إنسان.