الرئيسة \  تقارير  \  قمة شي وبايدن.. أسئلة بدون إجابات وغياب آلية إدارة الخلافات

قمة شي وبايدن.. أسئلة بدون إجابات وغياب آلية إدارة الخلافات

20.11.2021
محمد المنشاوي


الجزيرة
الخميس 18/11/2021
واشنطن – مثّلت قمة الرئيسين جو بايدن وشي جين بينغ، أمس الثلاثاء، فرصة لمناقشة قضايا وملفات لا يقتصر تأثيرها على أهم قوّتيْن في العالم فحسب، بل على بقية الدول. في حين تشهد العلاقات الأميركية الصينية حالة غير مسبوقة من التدهور، وهي الأسوأ منذ تطبيع العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1979.
وعلى مدار 3 ساعات كاملة، وبحضور كبار مستشاري الرئيسين، بحثت القمة "بشفافية وبطريقة مباشرة، كثيرا من القضايا الخلافية بين الطرفين، وعددا من القضايا المتفق عليها كذلك"، كما ذكر مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، بعد ساعات من انتهاء القمة، في إفادة أمام معهد بروكينغز بواشنطن، حضرتها الجزيرة نت.
ووصف سوليفان القمة بأنها "شديدة الأهمية، فهي الأولى التي تجمع الرئيسين وجها لوجه على الرغم من كونها عبر الإنترنت، حيث تمكّن الرئيسان من رؤية بعضهما بعضا والتواصل بصورة أفضل من المحادثة الهاتفية".
ورغم ذلك، لم تنتج عن القمة آلية جديدة لإدارة العلاقات المتوترة بين الدولتين حول الكثير من الملفات الهامة، واكتفى سوليفان بالقول إن "التواصل سيستمر بين دبلوماسيي الطرفين، وسننسق التحرك في مجلس الأمن وبقية المحافل الدولية".
إطار قمة مختلف
اعتبر سوليفان أن توقيت القمة شديد الأهمية، فقد جاءت بعد 10 أشهر كاملة من وصول بايدن للبيت الأبيض. ورأى أن بايدن استثمر في علاقات بلاده الخارجية بقوة في تأكيد للقيادة الأميركية خارجيا، وفي البنية التحتية الأميركية داخليا، وهو ما وفّر إطارا مغايرا للقمة الأهم حتى الآن خلال رئاسته.
ومن ناحية أخرى، يقول سوليفان إن بايدن عبر تدشينه التحالف الرباعي مع الهند واليابان وأستراليا في سبتمبر/أيلول الماضي، إضافة إلى الإطار الأمني الجديد مع بريطانيا وأستراليا في الشهر ذاته، وجّه رسالة واضحة للصين بأهمية منطقة جنوب شرق آسيا والمحيط الهادي للمصالح الأميركية المباشرة.
وتعتبر واشنطن أن ترميم علاقاتها مع حلف الناتو وأوروبا -وهو ما قام به بايدن خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي- يضيف إلى دورها القيادي عالميا، الذي أداره بايدن بنجاح خلال مشاركته الفعالة في قمة غلاسكو للمناخ مؤخرا.
ومثّل تجديد وإحياء العلاقات التكنولوجية والعسكرية والاقتصادية مع حلفاء واشنطن في شرق آسيا -اليابان وكوريا الجنوبية- رسالة واضحة للصين بجديّتها في عدم السماح لها بالتمدد وبسط النفوذ في مناطق نفوذ تقليدية للولايات المتحدة.
نقاش صريح
يرى خبراء أن هدف القمة الأساسي ارتبط بتحديد شروط المنافسة بين الطرفين، حيث تسعى واشنطن إلى تأكيد حقها في الدفاع عن مصالحها ومصالح حلفائها وشركائها، خاصة في المناطق المجاورة للصين، في حين تسعى الصين لتأكيد وضعها بوصفها قوة صاعدة لها مصالح عالمية، وأنها لا تقبل التدخل في شؤونها الداخلية بأي صورة.
ويمثّل الخلاف حول تايوان أهم بؤر التوتر العسكري بين الجانبين مؤخرا، مع الخلاف حول مستقبل تايوان في ظل تصعيد عسكري صيني، وإشارات أميركية بالتدخل حال إقدام الصين على اتخاذ خطوات عسكرية ضد تايوان.
وأعاد بايدن -خلال القمة- تأكيد الموقف الأميركي تجاه تايوان، وإيمان أميركا بمبدأ "صين واحدة" مع رفضها اللجوء للقوة من أجل تغيير الوضع الحالي لتقرير مصير تايوان.
ولم تتعهد الصين خلال القمة بوقف تحركاتها العسكرية في المناطق القريبة من تايوان، ولا بوقف تهديداتها المتكررة بضم الجزيرة بالقوة حال إعلانها الاستقلال.
كما جاءت قمة شي وبايدن عقب تحذيرات صدرت مؤخرا من البنتاغون تشير إلى أن الصين توسّع قواتها وقدراتها النووية بسرعة، وتعتزم مضاعفة ترسانتها من الرؤوس النووية إلى أكثر من 4 أضعاف مما هي عليه حاليا، لتصل إلى ما لا يقل عن ألف رأس نووية قبل انتهاء هذا العقد.
لم يتمكن بايدن وشي من وضع آليات للحد من التغييرات المناخية التي تسهم الولايات المتحدة والصين في زيادة تأثيراتها عالميا (الأوروبية)
ماذا بعد القمة؟
لم تنتج عن القمة آلية جديدة للتواصل بين الطرفين لمواجهة الخلافات الحالية أو المستقبلية. وعلى النقيض من وجود آلية لنزع السلاح ووقف السباق النووي بين روسيا والولايات المتحدة منذ سنوات الحرب الباردة، لم تتفق واشنطن وبكين على خلق آلية جديدة لضبط خلافاتهما التجارية، أو تلك المتعلقة بسباق التسلح النووي والتكنولوجي.
وغابت عن مخرجات القمة برامج وخطط عمل لتطبيق التعهدات الفضفاضة حول التعاون في مواجهة تغيرات المناخ، أو مواجهة فيروس كورنا المستجد، أو مستقبل أسعار الطاقة. وتعهّد الزعيمان على العمل معا والتنسيق، كي لا تؤثر أزمة ارتفاع أسعار الطاقة على النمو الاقتصادي العالمي.
إلا أن المستشار سوليفان أشار إلى 3 أطر (أمنية واقتصادية وتكنولوجية) سيتم استكمال النقاش حولها مع الصين بين المسؤولين المتخصصين في الدولتين.
وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى، في إفادة صحفية عقب انتهاء القمة، إن بايدن أوضح أنه على الرغم من ترحيبه بـ"المنافسة الشديدة مع الصين، إلا أنه لا يريد الصراع". واعتبر الاجتماع "وسيلة للتأكد من عدم وجود سوء فهم حول هذا الأمر بين الطرفين".
من جانبه، أشار مستشار الأمن القومي الأميركي إلى تأكيد الرئيسين ضرورة تجنب "سوء الحسابات أو التوقعات التي يمكن لها أن تدفع إلى مخاطر إستراتيجية تنزلق سريعا إلى حالة صراع".