الرئيسة \  تقارير  \  قمة جدة.. واقع جديد وتحديات جسام ربما لن تفلح معها الوعود

قمة جدة.. واقع جديد وتحديات جسام ربما لن تفلح معها الوعود

18.07.2022
القدس العربي


القدس العربي
الاحد 17/7/2022
القاهرة: في ختام جولة استمرت أربعة أيام، وصفتها صحيفة واشنطن بوست بالمثيرة للجدل، شارك الرئيس الأمريكي جو بايدن في قمة عربية أمريكية بمدينة جدة السعودية جمعت دول مجلس التعاون الخليجي، ومصر، والعراق، والأردن تحت شعار الأمن والتنمية.
وشهد اليوم الأخير من الجولة الأولى لبايدن في المنطقة منذ توليه السلطة عدة لقاءات ثنائية للرئيس الأمريكي، حيث اجتمع مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي. وفي كلمته أمام قمة جدة لم يخف الرئيس الأمريكي الهدف الرئيسي من جولته، التي استهلها بإسرائيل والأراضي الفلسطينية، وهو محاولة الحفاظ على دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وقطع الطريق أمام أي محاولة من قبل القوى الإقليمية المتنافسة للاستحواذ على هذا الدور، لا سيما في ظل الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا منذ شهر شباط/ فبراير الماضي والتي تتخذ بعدا إقليميا بامتياز.
وأكد بايدن أن بلاده ستظل منخرطة بشكل كامل في الشرق الأوسط ولن تترك الساحة لقوى عالمية أخرى كي تمارس نفوذها، وسمى تلك القوى قائلا في خطابه أمام القمة: “لن نغادر ونترك فراغا تملؤه الصين أو روسيا أو إيران”.
ورغم حديث بايدن عن التزام الولايات المتحدة بحماية شركائها ودورها في حماية ممرات التجارة البحرية والدفاع عن أمن “الحلفاء” والتعريج على التصدي لـ”تهديدات” إيران وكبح طموحاتها النووية ، فضلا عن تقديم واشنطن مليار دولار للمساعدة في تعزيز الأمن الغذائي للدول المتضررة من تداعيات الحرب في أوكرانيا، أكد مراقبون أنه لم يحصل في المقابل على ما جاء من أجله ، ألا وهو تعهد بزيادة إنتاج النفط من قبل دول الخليج بهدف خفض أسعار النفط المرتفعة.
ورأت صحيفة نيويورك تايمز أنه على الرغم من تغاضي أو غض بايدن الطرف عن قضايا كانت له مواقف معينة حيالها، لم يحقق المراد من وراء ذلك، مشيرة إلى أنه أثار على استحياء خلال لقائه ولي العهد السعودي قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي، كما لم يطرح مسألة حقوق الإنسان أثناء محادثاته مع الرئيس المصري.
وأشارت صحيفة الغارديان إلى ما وصفته بـ”خطأ في التقدير” من قبل البيت الأبيض، مستدعية ما أعلنته الإدارة الأمريكية عشية بدء بايدن جولته، عن اعتزام الرئيس الأمريكي تجنب المصافحة باليد خلال لقائه ولي العهد السعودي، وإرجاعها ذلك لوجود موجة جديدة للإصابات بفيروس كورونا، وهو ما اعتبر تبريرا مسبقا لتلافي الوقوف في وضع مرتبك والتقاط صورة أمام الصحافيين مع محمد بن سلمان.
وذكرت الصحيفة أن صورة بايدن وبن سلمان وهما يتبادلان السلام بقبضتي اليد، عبرت عن حالة ربما من الارتياح والحميمية. وكان التعامل من منطق الند للند حاضرا بحسب مراقبين دللوا على ذلك بمواجهة الرياض لواشنطن بـ”أخطاء” ارتكبتها ردا على الإلحاح على إثارة قضية خاشقجي، وأكد المسؤولون السعوديون أن الضالعين في هذه القضية تمت محاسبتهم وأن العدالة أخذت مجراها.
ومع نفي وزير الخارجية السعودي في مؤتمر صحافي عقب قمة جدة، وجود أي مقترح لتشكيل “ناتو عربي” في مواجهة نفوذ إيران وتفنيده لمناقشة القمة إقامة أي تعاون عسكري مع إسرائيل، يرى محللون أن جولة بايدن لم تحقق المبتغى منها والذي حددته صحيفة نيويورك تايمز بمعالجة الأزمات الداخلية الأمريكية، واستقطاب محور عربي خليجي مهم في إطار صراع غير مباشر في ظاهره مع روسيا، لكن تداعياته واضحة ليس على الولايات المتحدة فحسب بل على المجتمع الأوروبي والعالم بشكل عام.
من جهتها، رأت صحيفة الغارديان أن الشرق الأوسط ليس أولوية بالنسبة لإدارة بايدن، وأن “أوكرانيا والصين وانتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة كلها قضايا أكثر إلحاحاً بالنسبة له”. وكانت صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية قد قللت من سقف التوقعات الخاصة بنتائج الزيارة ، وقالت إنها “لن تؤدي إلى خفض أسعار البنزين في الولايات المتحدة”، لتظل أسعار الطاقة المرتفعة أزمة تقض مضاجع ساكن البيت الأبيض ورفاقه.
ويرى محللون أن النتائج التي آلت إليها جولة بايدن دليل على إساءة تقدير من جانب واشنطن، معتبرين أنها فرضت الحرب على موسكو ودفعتها إليها، لكنها كانت بمثابة صندوق الشرور الذي جاء بنتائج سلبية أثرت على الولايات المتحدة وحلفائها الذين يعانون اقتصاديا كمعظم دول العالم مع بلوغ الركود ومعدلات التضخم مستويات قياسية، وأزمة غذاء يحاول العالم تداركها تجنبا لوضع كارثي ، بحسب تحذيرات من مؤسسات دولية.