الرئيسة \  تقارير  \  قمة المناخ في غلاسكو حققت النجاح مُسبقا.. لكن الوقت ينفد

قمة المناخ في غلاسكو حققت النجاح مُسبقا.. لكن الوقت ينفد

14.11.2021
جون إف كيري


جون إف كيري* – (الواشنطن بوست) 3/11/2021
الغد الاردنية
السبت 13/11/2021
دخل العالم فعلياً العقد الحاسم في مواجهة أزمة المناخ. وقد ساعد مؤتمر المناخ العالمي الذي انعقد بداية هذا الشهر في غلاسكو، اسكتلندا، بالفعل، على حشد المزيد من الطموح لمواجهة هذه الحالة الطارئة أكثر مما شهده العالم في أي وقت من قبل. وفي هذا الصدد، حققت القمة نجاحا بالفعل. وما يزال بإمكاننا تجنب وقوع كارثة، لكن الوقت ينفد.
على الجانب الإيجابي، ارتقت البلدان التي تمثل ما يقرب من 65 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى تحمل مسؤولية العمل على تحقيق الهدف المتمثل في منع ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية منذ عصور ما قبل الصناعة -وهو ما يخبرنا العلم بأنه سيمنع الآثار الأكثر تدميراً التي يمكن أن يخلفها الاحترار العالمي. ومن بين تلك الدول، ثمة الدول السبع والعشرون التي تشكل الاتحاد الأوروبي، وبريطانيا، وكندا، وكوريا الجنوبية، واليابان، وجنوب إفريقيا.
ومن جهتها، تهدف الهند إلى بناء ما مقداره 450 غيغاوات من قدرات الطاقة المتجددة بحلول العام 2030، وقد وافقت الولايات المتحدة على الشراكة معها في هذا الجهد. ويعلن كبار منتجي النفط، بما في ذلك روسيا والمملكة العربية السعودية، عن خطوات وأهداف أقوى نحو تحقيق انبعاثات صفرية. كما انضمت أكثر من 100 دولة تمثل 70 في المائة من الاقتصاد العالمي إلى التعهد الذي بدأناه مع الاتحاد الأوروبي للحد بشكل كبير من انبعاثات غاز الميثان، وهو غاز دفيئة أقوى بكثير من ثاني أكسيد الكربون. ويعد تقليل انبعاثات غاز الميثان أسرع خيار لدينا لإبطاء وتيرة الاحترار.
ومن جانبها، عادت الولايات المتحدة للانضمام إلى اتفاقية باريس للمناخ في اليوم الأول لاستلام الرئيس بايدن مقاليد منصبه. وفي ربيع هذا العام، ذهب الرئيس أبعد من ذلك، حيث تعهد بتخفيض انبعاثاتنا بما يتماشى مع حد 1.5 درجة، ووضَع الولايات المتحدة على المسار الصحيح للوفاء بالموعد النهائي لتحقيق الانبعاثات الصفرية.
وللوصول إلى هناك، وضع الرئيس أجندة المناخ الأكثر طموحًا في تاريخنا. وهي تخطط لاعتماد نظام طاقة خالٍ من الكربون بحلول العام 2035، وتضاعِف بمقدار أربع مرات حجم التمويل المخصص لأبحاث التكنولوجيا النظيفة وتطويرها وعرضها. وهي تستثمر في غاباتنا وأنظمتنا البيئية الهشة، وتحمي كنوزنا الطبيعية مع ضمان استعداد كل واحد من مجتمعاتنا لمواجهة تحديات المناخ.
قبل خمسين عامًا، حدد الانطلاق نحو القمر سباق الفضاء. واليوم، ستنظم الانطلاقات الأرضية المتعلقة بالطاقة التي تنفذها إدارة بايدن طبيعة الابتكار والاستثمار في الجيل التالي من التقنيات في اتجاه ثورة الطاقة النظيفة.
ولكن، بينما أحرزنا تقدمًا في طريق تجنب الاحترار الجامح، ما يزال يتعين علينا القيام بالمزيد. ما تزال هناك فجوة كبيرة في خفض انبعاثات الكربون العالمية بنسبة 45 في المائة بحلول العام 2030، وهو أمر بالغ الأهمية لوضع العالم على مسار واقعي للوصول إلى هدف صافي الانبعاثات الصفرية بحلول العام 2050 وتجنب الكوارث.
هناك الكثير من البلدان التي ما تزال لا تفعل ما يكفي. ولسوء الحظ، لا يمكن لأي بلد أو منطقة أن تتغلب على أزمة المناخ بمفردها. وقد شهدنا تقدمًا ملحوظًا في غضون أشهر قليلة، ولكن يجب علينا جميعًا تسريع جهودنا.
تمثل التحولات التكنولوجية الهائلة التي نحتاجها لإنقاذ الأرواح وتحسين الصحة وحماية مياهنا وأرضنا وهوائنا أكبر فرصة اقتصادية منذ الثورة الصناعية. ويمضي القطاع الخاص مُسبقاً في هذا الطريق. في العام الماضي، شكلت طاقة الرياح والطاقة الشمسية 90 في المائة من قدرة الكهرباء الجديدة في العالم، وهي الآن في كثير من الأحيان أرخص مصادر الطاقة المتاحة. وتقوم شركة السيارات الأعلى قيمة في العالم بتصنيع السيارات الكهربائية فقط، ويتسابق العديد من منافسيها لمواكبة ذلك. وحتى مصنِّعو الصلب والأسمنت يحذون حذوها. ويراهن المستثمرون بنصف تريليون دولار على التحول إلى الطاقة النظيفة. وسوف يلتزم العديد من أكبر البنوك الأميركية بأكثر من 4 تريليونات دولار لهذا الاقتصاد الجديد خلال العقد المقبل. وهناك جيل جديد من الوظائف ينتظر البلدان التي تلبي الطلب العالمي على التقنيات النظيفة.
بعد “غلاسكو”، يجب علينا جميعًا أن نظل ملتزمين بتحقيق الأهداف الطموحة والإجراءات الملموسة المطلوبة خلال هذا العقد الحاسم. يجب على البلدان إعادة النظر في خططها للتأكد من أنها تتماشى مع هدف 1.5 درجة العالمي. ويجب على القطاع الخاص أن يضاعف جهوده لإعادة ابتكار اقتصادنا العالمي.
ويحتاج كل شخص مفرد منا إلى القيام بدوره. تسوَّق المناخ بوعي. تأكد من أن صاحب عملك يستثمر في الاستدامة. تحدث إلى أصدقائك وجيرانك حول هذه المسألة، وادعم السياسيين الذين سيتعاملون مع هذه الأزمة بشكل مباشر. هذه معركة حياتنا، وكل شيء فيها يهُم.
*John F. Kerry: المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص للمناخ. شغل منصب وزير الخارجية الأميركية من العام 2013 إلى العام 2017.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: The Glasgow climate summit has already achieved success. But time is running short.