الرئيسة \  واحة اللقاء  \  قراءة في العقوبات الأمريكية على إيران

قراءة في العقوبات الأمريكية على إيران

08.11.2018
عباس شريفة


نداء سوريا
الاربعاء 7/11/2018
في ضوء العقوبات الأمريكية على إيران هناك مسألة يجب أن تُقرأ في عمق ما يحصل اليوم، بالنسبة للملف الإيراني بالضبط وحقيقة استهداف إيران، فالظاهر أن هناك تياراً معادياً لإيران يتمثل بإسرائيل والسعودية والإمارات ومن ورائهم الولايات المتحدة الأمريكية.
وفريق ثانٍ يظهر عند البعض أنه صديق لإيران، يتمثل بحماس وتركيا وقطر، هذا من حيث الظاهر لكن في الحقيقة هناك فريق لا يريد استهداف رأس النظام الإيراني، وإنما يريد تعديل سلوكه في عددٍ من قضايا المنطقة، والدليل أن الحراك الثوري للشعب الإيراني لم يحظَ بأيّ دعم ولو إعلامي من هذه الدول التي تدَّعي العداء لإيران، وقد سمعنا أكثر من تصريح للمسؤولين الأمريكان أنهم لا يستهدفون النظام الإيراني، وعليه فإن المتضرر من العقوبات على إيران اليوم هو الشعب الإيراني بنسبة 80%، بينما ضرر النظام الإيراني لن يتعدى الـ20% على أكبر تقدير.
في المقابل ينظر الفريق المتهم بالتماهي مع إيران وهم حماس وقطر وتركيا هنا أن استهداف إيران، إن لم يكن لصالح تحول ديمقراطي في إيران يستهدف رأس النظام الإيراني فلا ناقة لهم في هذه الحرب ولا جمل، فهي بالنهاية تعزز الهيمنة الإسرائيلية على الشرق الأوسط وتبقي إيران في دور المثير للمشاكل، وفي المقابل لن تقبل السعودية والإمارات بأيّ تحول ديمقراطي في إيران يتحول إلى ربيع إيراني مُلهِم للمنطقة، وإن بقاء إيران تحت حكم الملالي هو أقل خطراً من قيام نظام مدني ديمقراطي حر.
إيران اليوم تُشَكل ضرورة وجودية للأنظمة الخليجية التي تعاني أزمة شرعية سياسية في داخلها، وفي ظل اهتزاز الشرعية السياسية للاستمرار في السلطة، فإن الخطر الإيراني هو مسألة مفيدة لمد عُمْر السلطة بشرعية الخوف من الخطر الإيراني إذا اهتز النظام الإقليمي، إيران تدرك هذا الدور وتلعب بالمساحة فوق المسموحة بها، وهي تدرك أن رأس نظامها غير مستهدف وهو ضروري في المنظومة الإقليمية؛ لذلك الخلاف في جوهره على رسم حدود الملعب وليس على قواعد اللعبة.
العقوبات الأمريكية تأتي اليوم وهي في حقيقتها عقوبة تستهدف الشعب الإيراني الثائر على نظامه، وتُشَكِّل مكافأة للنظام الإيراني ليضمن استمرار حكمه باعتباره مستهدفاً من الغرب الحاقد.
ولأن الأنظمة الشمولية الأيديولوجية لا تسقط بمجرد الحصار الاقتصادي مهما كان الحصار مُحْكَماً، فصدام حسين عندما حوصر العراق ١٣ سنة لم يتأثر النظام العراقي ولولا الاحتلال الأمريكي لما سقط أبداً.
إيران تستثمر اليوم بسلاح الفوضى الخلاقة، والصراع الطائفي في المنطقة هو في حقيقته فلسفة سياسية أمريكية بامتياز، وإيران تقوم بالمهمة التنفيذية في اليمن والعراق وسوريا على أتم وجهٍ.
دور النظام الإيراني أشبه ما يكون اليوم بدور القاعدة وداعش، ففي بداية الثورة السورية كنا نظن أن الإرهاب وداعش هو المستهدف فعلاً من النظام الدولي، وكان هذا ظننا إلى اليوم الذي اكتشفنا أن رأس الثورة هو المطلوب، والسياف الذي سيأتي برأسها هو الإرهاب.
لذلك أقول: إن رأس المنطقة كله مطلوب لإسرائيل، وإيران هي السياف الذي سيأتي برأس الجميع إلى إسرائيل كعربون شراكة، بين يدي بناء النظام الإقليمي الذي تتقاسم فيه إسرائيل النفوذ مع إيران.