الرئيسة \  واحة اللقاء  \  عين موسكو وغاراتها تتركز على ريف إدلب الجنوبي والجيش التركي يثبِّت ردعه أمام الحلف الروسي السوري

عين موسكو وغاراتها تتركز على ريف إدلب الجنوبي والجيش التركي يثبِّت ردعه أمام الحلف الروسي السوري

26.02.2020
هبة محمد



القدس العربي
الثلاثاء 25/2/2020
دمشق – "القدس العربي": نفذت مقاتلات النظام السوري وروسيا عشرات الغارات الجوية في الشمال السوري، عقب تقدمها إلى بعض المواقع على حساب المعارضة في ريف إدلب، في حين استهدفت غارات جوية مواقع للجيش التركي في ريف إدلب الشرقي، وسط انباء عن وقوع جرحى.
منطقة جبل الزاوية، وعموم ريف إدلب الجنوبي، دخلت بدورها مرحلة الحرب الواسعة من قبل النظام السوري المدعوم بميليشيات روسية "غير رسمية" في الميدان، ومقاتلات حربية روسية من الأجواء، حيث أظهرت المعارك والمناطق التي سيطرت عليها القوات المهاجمة، هدفاً روسياً بالسيطرة الكاملة على ريف إدلب الجنوبي، والطريق الدولي إم- 4 الرابط بين محافظتي حلب ودمشق، علاوة على ما يمثله جبل الزاوية من منطقة جغرافية استراتيجية وتحكمية كبيرة على أكثر من 35 بلدة وقرية إضافة إلى إطلالته على سهل الغاب وجبال اللاذقية في الساحل السوري.
وشملت الغارات الروسية – السورية، أكثر من 18 نقطة مأهولة بالسكان في منطقة خفض التصعيد بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا، ما أسفر عن مقتل 6 مدنيين في حصيلة أولية للمرصد السوري لحقوق الإنسان، كما أجبرت مَن تبقّى من أهالي المنطقة على النزوح إلى الحدود السورية – التركية هرباً من القصف والعمليات العسكرية.
قوات النظام السوري، واصلت تقدمها جنوب مدينة إدلب بغطاء جوي روسي، وتمكنت وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، من قضم مزيد من المناطق، ليرتفع تعداد المناطق التي سيطرت عليها خلال الساعات الفائتة إلى 7، وهي: "الشيخ دامس وحنتوتين والركايا وتل النار وكفرسجنة والشيخ مصطفى والنقير"، وبذلك يرتفع تعداد المناطق التي سيطرت عليها قوات النظام في محافظة إدلب منذ بدء العملية العسكرية في الـ 24 من الشهر الفائت إلى 109.
معادلة الردع
أما على صعيد التحركات التركية، فقد بدأت أنقرة بتوسيع انتشارها في جبل الزاوية، وهي المنطقة الاستراتيجية الأبرز التي تخطط روسيا للسيطرة عليها، ومن ثم ريف إدلب الجنوبي كاملاً، حيث عمد الجيش التركي، خلال الساعات الماضية إلى إنشاء 4 نقاط عسكرية جديدة في محافظة إدلب.
النقاط الجديدة للجيش تمركزت في كل من بلدات "احسم وبالقرب من كنصفرة وبين كنصفرة والبارة" وبالقرب بسامس الواقعة جميعها في ريف إدلب الجنوبي، وذلك بالتزامن مع التقدمات لقوات النظام هناك، على صعيد متصل كان رتل عسكري تركي مؤلف من أكثر من 100 آلية، دخل الأراضي السورية منتصف الليلة الفائتة.
يبدو أنّ تركيا، وفق الباحث السياسي السوري عبد الوهاب عاصي، بدأت تطوّر شيئاً فشيئاً معادلة الردع في محافظة إدلب ومحيطها، فمنذ أن بدأت بإرسال تعزيزات إلى نقاط المراقبة، كان ذلك يعني تغييراً في مهامها لتصبح قادرة على الرد والدفاع عن نفسها في حال تعرّضت لخطر الاستهداف المباشر أو التطويق من قبل قوّات النظام السوري وحلفائه.
الثنائية الروسية – التركية لم تعد ممكنة للخروج من مأزق إدلب
لاحقاً، بدأت تركيا بإنشاء نقاط تواجد عسكري وصل عددها منذ أيلول/سبتمبر 2019، وحتى الأسبوع الأخير من شباط/ فبراير 2020 إلى قرابة 30 نقطة مراقبة، مجهزة بمعدات وقوّات تحمل مهام متعددة، وغالباً ما تريد تركيا منها تشكيل خط صدّ ناري يوازي خطوط التماس التي تقدّم عليها، على أمل أن يُعرقل أو يكبح قدرة النظام السوري على تحقيق مزيد من السيطرة. إضافة لما سبق، تسعى تركيا، وفق ما قاله عاصي لـ "القدس العربي"، إلى تطوير آلية الردع في إدلب من خلال محاولة نصب صواريخ الباتريوت عبر المفاوضات المستمرّة مع الولايات المتحدة وحلف الناتو، كما تسعى لإقناع هذا الأخير بأنّ التواجد العسكري في شمال غربي سوريا ضرورة للحفاظ على أمن القارة الأوروبية من الجبهة الجنوبية.
قرار الحرب
لا يُمكن اختصار الحل في إدلب، وفق الباحث السوري، بطرفين -تركيا وروسيا- حتى لو كانا الفاعلون الأساسيون فيها. ولو حصل ذلك فهو -غالباً – ترحيل للمشكلة وليس حسماً لها، لذلك؛ فقرار السلم والحرب يُفترض أن تتدخل فيه قوى عديدة وليس بالضرورة أن تعلن مشاركتها. ويحصل ذلك حالياً على نحو ما.
على سبيل المثال، بين أيار/مايو وآب/أغسطس 2019 اضطرت روسيا للاستعانة بإيران والقوات الخاصة الروسية من أجل الحسم الميداني في القطاع الجنوبي لمنطقة إدلب أي خان شيخون ومحيطها. وحالياً، من غير المستبعد استعانة روسيا بدول عربية لتغطية النفقات المتفاقمة للحملة العسكرية، وقد تتحول هذه المساعي لاحقاً لتشمل جوانب أخرى غير المالية. ولا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة إلى تركيا التي رفعت مستوى تدخلها من الشكل غير المباشر إلى الحضور المباشر والاستعانة ربما بقطر لتغطية النفقات ومحاولة جلب الدعم من أمريكا والناتو ودول أخرى. إذاً، نحن الآن أمام عقدة دولية تبدو وكأنها مشكلة بين طرفين. ويبدو أنّ الحل بات خارج مسار أستانة بشكله السابق.
الخروج من مأزق إدلب، من وجهة نظر الباحث عبد الوهاب عاصي لم يعد ممكناً عبر مباحثات ثنائية بين روسيا وتركيا والتي كانت بديلاً عن المباحثات الثلاثية مع إيران حينما عجزت عن إيجاد حل لإدلب في عام 2018. والآن مع مؤشر انتقال ملف إدلب إلى مباحثات رباعية تضم تركيا، روسيا، فرنسا وألمانيا، فهذا يعني عدم العودة للوراء وتحوّل الملف لمشكلة دولية في محاولة لاحتواء التصعيد وتوخي الحذر من اندلاع صراع كبير غير مرغوب وقابل للامتداد خارج الإقليم.
علماً، أنّ القمة الرباعية المزمع انعقادها في اسطنبول مطلع آذار/ مارس المقبل هي النسخة الثانية؛ فقد سبق أن عُقِدت قمة مماثلة نهاية 2018 بعد انطلاق الحملة العسكرية الأولى على إدلب.