الرئيسة \  واحة اللقاء  \  عين عيسى شمال سوريا على صفيح ساخن وسباق روسي – تركي لحسم مصيرها 

عين عيسى شمال سوريا على صفيح ساخن وسباق روسي – تركي لحسم مصيرها 

30.12.2020
هبة محمد



القدس العربي 
الثلاثاء 29/12/2020 
دمشق – "القدس العربي" : تتصاعد التحركات على جبهات عدة بشأن مصير بلدة عين عيسى التي تعتبر العاصمة الإدارية لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في محافظة الرقة شمال شرقي سوريا، منذ سيطرتهم عليها بدعم من التحالف الدولي عام 2015، حيث شهدت البلدة الاستراتيجة خلال اليومين الماضيين اعتقالات متبادلة بين قوات قسد والنظام السوري. 
وأفادت وكالة "الأناضول" أن عناصر "قسد" اعتقلوا العميد لطفي سمعان، القائد العسكري لمنطقة القامشلي في حي "الوسطى" وسط المدينة، وعدداً من عناصر المخابرات الجوية التابعين للنظام، بدورها قامت قوات النظام بعد ساعات، باعتقال العشرات من عناصر المنظمة في حاجز مطار القامشلي، الأمر الذي استدعى تدخل الجيش الروسي لفك النزاع وتبادل الأسرى. 
اعتقالات متبادلة بين قوات النظام و"قسد" وتعزيزات روسية برية وجوية 
أما تركيا فقد أشارت وزارة الدفاع إلى تحييد 20 عنصراً من من ميليشيات "ي ب ك" الكردية حاولوا التسلل إلى منطقة نبع السلام، شمالي سوريا، وذلك بعد رصدهم بالمسيرات التركية، ثم استهدافهم بالمدفعية الثقيلة. 
النظام السوري من جانبه، يبدو أنه وضع كامل ثقله لدى حليفه الدولي روسيا لدخولهما إلى بلدة عين عيسى، وسط أنباء عن مفاوضات مكثفة تجري مع قوات سوريا الديمقراطية حول ذلك، إذ نقل عضو "المصالحة" لدى دمشق عمر رحمون، عن مصادر وصفها بـ "المطلعة" عن إبرام اتفاق بين روسيا وقوات "قسد" يقضي بتسليم بلدة عين عيسى بالكامل لدمشق، مشيراً إلى إمكانية فتح الطريق أمام جيش النظام للوصول إلى مطار الطبقة العسكري. 
وأضاف خلال تصريحات أدلى بها لإذاعة "شام إف أم" المؤيدة للنظام السوري: "الروس موجودون في عين عيسى ووسعوا من القاعدة العسكرية الموجودة في البلدة" مؤكداً أن "تفاصيل الاتفاق غير واضحة تماماً بعد، إلا أن التسليم ناجز ولن يطول كثيراً، وأترك 5% نسبة أن يكون هذا الكلام غير دقيق لأن "قسد توقع صباحاً وتنقض مساءً، ونحن على هذه الحالة معها منذ ستة أشهر، حيث كانت ترفض التسليم". 
حشود روسية 
إلا أن الاتفاق الذي تحدث عنه عضو المصالحة رحمون لم يصدر عن موسكو أو عن قوات "قسد" أي تصريحات حوله، فيما أشارت مصادر محلية، إلى أن روسيا أرسلت تعزيزات كبيرة إلى مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا، ضمت نحو 500 عسكري وأسلحة ثقيلة ومدرعات ومروحيات. وكالة "الأناضول" نقلت عن مصادر قولها: أن عشرات طائرات الشحن تحمل جنودا روس و ميليشيات سورية، نزلت خلال الأسابيع القليلة الماضية بمطار "القامشلي" قادمةً من قاعدة "حميميم" غربي البلاد، كما ضمت التعزيزات مئات العربات المدرعة و 6 مروحيات و طائرتين حربيتان من طراز "سو 27" فيما بلغ تعداد الجيش الروسي في مطار القامشلي نحو ألف جندي. 
تعزيزات الجيش الروسي، أشار إليها نائب مدير مركز حميميم للمصالحة في سوريا التابع لوزارة الدفاع الروسية، اللواء "فياتشيسلاف سيتنيك" إذ قال إنهم دفعو بقوات إضافية إلى عين عيسى بهدف تعزيز الجهود لإرساء الاستقرار في المنطقة بالاتفاق مع الأتراك. 
تحرك تركي مشترك 
وسيطر الجيش الوطني السوري خلال الأسبوعين الماضيين على 3 قرى في محيط بلدة عين عيسى بريف الرقة الشمالي، بينما لا يزال التوتر هو السمة الأبرز، وسط تداول مؤشرات تشير إلى نية الجيش التركي شن عملية عسكرية جديدة ضد قوات "قسد". فيما تعيش المواقع المحيطة ببلدة "عين عيسى" منذ أشهر تصعيداً من قبل الجيشين التركي والجيش الوطني السوري، فيما اعتمدت قوت "قسد" على تعزيز دفاعاتها والاعتماد على الهجمات المضادة. 
مدير جسور للدراسات محمد سرميني يرى في التحركات التركية الأخيرة، إشارة من أنقرة إلى قرار بحسم مصير مدينة "عين عيسى" وتقويض نفوذ "قوات سوريا الديمقراطية" بداخلها. وتقوم تركيا حالياً باستثمار انشغال الجانب الأمريكي بترتيبات انتقال السلطة الرئاسية من إدارة "ترامب" إلى "بايدن" استباقاً لأي تغيرات في الموقف الأمريكي من ملف شمال شرق سوريا. 
ويعتبر سيناريو سيطرة "الجيش الوطني السوري" على مدينة عين عيسى ثم إنشاء قواعد عسكرية تركية بداخلها هو ما تسعى إليه أنقرة، بالتفاهم مع الجانب الروسي، كما أن تركيا لا تُمانع في أن تقوم روسيا بالسيطرة الكاملة على المدينة، طالما أن هذه السيطرة تُنهي وجود قوات سورية الديمقراطية هناك، وتنهي قدرتها على تهديد المصالح التركية. وقال سرميني لـ "القدس العربي": روسيا تعمل غالباً على الاستفادة من التصعيد التركي من أجل ضمان الحصول على تنازلات من "قوات سوريا الديمقراطية" تتمثل بإعادة السيطرة الأمنية للنظام السوري إلى المدينة، وتفعيل المؤسسات الرسمية من جديد وإفساح المجال أمام انتشار القوات التابعة للنظام السوري، وبذلك تضمن موسكو بسط النفوذ على مقطع مهم يقع على طريق "إم- 4". 
ويُحقق إضعاف "قوات سوريا الديمقراطية" هدفاً روسياً أساسياً يتمثّل في تحجيم النفوذ الأمريكي، كما يُظهر أنها صاحبة القرار في تنفيذ أو وقف أي اتفاق ميداني في سوريا. فيما تراهن قوات سوريا الديمقراطية بشكل أساسي على عامل الزمن، حيث تعتقد أن شراء الوقت حتى وصول الرئيس بايدن إلى البيت الأبيض قد يوفّر لها الحماية التي تبحث عنها، وتمنع تنفيذ التوافقات الروسية-التركية بخصوص عين عيسى. 
عملية عسكرية منسقة 
وتسارعت الجهات الفاعلة في تحقيق استحقاق يلبي مطالبها في بلدة عين عيسى، فمن الممكن أن نشهد وفق مدير مركز جسور سرميني، عملية عسكرية تركية منسقة مع الجانب الروسي، بحيث تضمن موسكو التحكم بحدود التوغل التركي لمرحلة يؤدي فيها بالنهاية إلى قبول "قوات سوريا الديمقراطية" بتقديم تنازلات لموسكو، وبناء عليه يتم تقاسم السيطرة الجغرافية وعدم استفراد طرف فيها دون الآخر. ويعتقد أن العملية التركية ستحصل بعيد سحب تركيا لآخر نقاطها العسكرية الواقعة في المناطق التي تقع تحت سيطرة النظام السوري في إدلب. 
وفي سيناريو آخر، من الممكن ان تتولى روسيا عملية السيطرة على مدينة عين عيسى وإخراج قوات سوريا الديمقراطية منها، بما يعني عودة مؤسسات النظام إلى المدينة، دون أن يشمل ذلك بالضرورة انتشار قواته العسكرية. ولا تُمانع تركيا بتنفيذ هذا الخيار، في حال عدم تمكنها من تحقيق الخيار الأول، على أن يكون التنفيذ شاملاً، بمعنى أن يتم إخراج قوات سوريا الديمقراطية وكل مؤسسات الإدارة الذاتية بالكامل.