الرئيسة \  واحة اللقاء  \  عن العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية

عن العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية

24.05.2017
علي حسين باكير


العرب
الثلاثاء 23/5/2017
على الرغم من تراجع قوتها ودورها على المسرح الدولي خلال العقد الماضي، تبقى الولايات المتّحدة الدولة الأكثر قوّة في العالم، ومن هذا المنطلق، فإن الحفاظ على علاقة جيّدة معها أمر مهم ومطلوب، ذلك أنّ باستطاعة واشنطن أن تجعل الكفّة تميل إلى أي من الجهات التي تود أن تدعمها، كما أن باستطاعتها أن ترتّب الكثير من التكاليف على الجهة التي تنافسها أو تعاديها.
لقد شهدنا هذا الأمر بشكل واضح في عهد إدارة أوباما، فعندما قررت الإدارة المذكورة أن تميل باتجاه إيران وأن تعطيها الضوء الأخضر للتوسع في المنطقة، شهد المشروع الإيراني قفزة غير مسبوقة خلال الأعوام الماضية. في المقابل، رتّب التناقض في المصالح والأولويات بين أميركا وتركيا الكثير من التكاليف على أنقرة التي لا تزال تعاني جراء هذا الموقف.
من المهم بمكان أن نعي أنّ الاعتماد الكلي على الولايات المتّحدة أمر خاطئ، ولا يمكن أن يساعد كثيراً ما لم تكن الجهة التي تريد الحصول على دعم واشنطن قوية بذاتها، ذلك أن العكس يؤكد الانطباع الدائم بالتبعية والضعف. ولتفادي هذا الأمر، هناك حاجة لتطوير الاعتماد على الذات خلال مرحلة التعاون مع واشنطن، وهناك حاجة أيضاً إلى فتح المجال للمجتمع بكامل قواه للمشاركة، وإلى الاستثمار في القدرات البشرية الوطنية. إنفاق الأموال يمكن أن يساعد لكنّه لا يعوّض عن غياب الكفاءات وعن قدرات المجتمع، وهناك فارق كبير بين أن يخوض أي نظام أي معركة لوحده وبين أن يخوضها مع مجتمعه.
لا يجب على جهود مكافحة الإرهاب أن تقتصر على الجانب العسكري فقط، أو أن تستهدف ديناً معيناً أو جماعة معيّنة، على اعتبار أن ذلك يؤكّد الانطباع السائد حول الانتقائية في محاربة الإرهاب. محاربة القاعدة وداعش حصراً سيكون بمثابة خطأ فادحٍ، لأنّه سيؤلّب المزيد من السنّة على الأنظمة لاستعانتها بواشنطن، كما أنه سيتيح لدولة مثل إيران أن تستخدم هذه الجماعات ضد دول المنطقة، من منطلق أن العدو واحد، وسيتيح كل ذلك بطبيعة الحال للميليشيات الشيعية ملء الفراغ الذي ينجم عن محاربة هذه التنظيمات، وهذه كلها أخطاء ارتكبتها الأنظمة بالفعل خلال عهدي إدارة بوش وكذلك أوباما.
لتفادي تكرار هذه الأخطاء، هناك حاجة لتشديد الحملة على إيران والعمل على أن تشمل الحرب على الإرهاب الحرب على ميليشياتها أيضاً. هناك حاجة كذلك إلى عدم فتح معارك داخلية أو جانبية -كالمعركة مع الإخوان-، فكلما كانت الجبهات الداخلية في الدول العربية أقوى ساعد على إعطاء الحرب على الإرهاب والمعركة ضد إيران وميليشياتها دفعة قوية.
أخيراً، من المهم أن نأخذ في الاعتبار أيضاً أنه وبالرغم من مرور أكثر من 3 أشهر على تولي ترمب للسلطة فعلياً، إلا أنّه ليس في موقع مستقر داخل الولايات المتّحدة، ولا تزال إدارته تعيش تخبّطاً كبيراً، كما أنّ الصراع بينه وبين أجهزة الاستخبارات ووسائل الإعلام لا يزال قائماً، ناهيك عن الحديث عن إمكانية عزله، وهذا يعني أنّه سيكون من الخطأ الاستثمار في شخص الرئيس فقط دون المؤسسات الأميركية الأخرى، فضلاً عن حقيقة أنّه لم نلمس حتى هذه اللحظة وجود أي خطة حقيقية لدى هذه الإدارة سواء فيما يتعلق بسوريا أو إيران.;