الرئيسة \  واحة اللقاء  \  عملية ردع أميركية - إسرائيلية لا سابق لها... هل تتجرأ طهران؟ 

عملية ردع أميركية - إسرائيلية لا سابق لها... هل تتجرأ طهران؟ 

27.12.2020
مرال قطينة


النهار العربي 
فلسطين 
السبت 26/12/2020 
عملية ردع لا سابق لها، نفذها الجيشان الأميركي والإسرائيلي على مدار الأسبوعيين الماضيين، تمثلت بإرسال غواصات وقاذفات إلى الخليج العربي، بهدف الردع الاستراتيجي. 
كتب رون بن يشاي المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية "أن الجيشين الأميركي والإسرائيلي يقومان بعملية ردع استراتيجية مشتركة وغير مسبوقة في تاريخ الشرق الأوسط ضد إيران".  
ولفت بن يشاي الى "أنها المرة الاولى في تاريخ المنطقة التي تشارك فيها قاذفات أميركية وغواصات استراتيجية أميركية وإسرائيلية، في عملية الهدف منها الإثبات لإيران أن لدينا قدرات عسكرية لا يمكن طهران التعامل معها، وأنها في حال احتاجت لها إسرائيل أو أي من حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة. ونسق لهذه العملية رئيس هيئة أركان الجيش الأميركي الجنرال مارك ميلر خلال زيارته الأخيرة للمنطقة قبل أسبوع". 
 ويلخص بن يشاي الحاجة لعملية الردع "أنها نتيجة لتقييم الوضع في المنطقة من قبل البنتاغون وإسرائيل"، إذ رجحت التقديرات أن تقوم إيران بعملية أو هجوم عسكري قبل أن يؤدي الرئيس الأميركي المنتخب اليمين لتولي منصبه في الـ 20 من كانون الثاني (يناير) المقبل. 
 وفي تلك التقديرات أن لإيران ثلاثة دوافع للقيام بذلك، أولها الانتقام من الولايات المتحدة بعد عملية اغتيال قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني في 3 من كانون الثاني (يناير) الماضي، وثانيها الانتقام من إسرائيل بعد عملية الاغتيال التي نفذتها ضد "أبي البرنامج النووي الايراني" العالم محسن فخري زاده، وثالثها هو الضغط النفسي على الإدارة الأميركية المستقبلية لرفع العقوبات التي فرضها ترامب والتي تتسبب بضائقة اقتصادية واجتماعية حادة في إيران وتهدد بقاء النظام.        
ما الدافع الإضافي والأخير فهو العمل على دفع الأميركيين لسحب قواتهم التي تهدد استراتيجيا إيران غرباً في العراق وشرقاً من أفغانستان. 
 ولفت المحلل العسكري الإسرائيلي إلى أن "تقييم النوايا الايرانية في الولايات المتحدة أكثر صرامة منه في إسرائيل، إذ يسود في الدولة العبرية اعتقاد أن الإيرانين إذا رغبوا بفعل شيء ما فأنهم سيفعلون ذلك عبر مبعوثين، وستكون الأضرار أو الضرر طفيفاً، حتى لا يتسبب ذلك بتصلب لمواقف إدارة الرئيس المقبل بايدن بسبب ضغط الرأي العام وأنصار ترامب". 
وفي المقابل، تشير التقديرات في الولايات المتحدة الى أن الإيرانيين قد يرغبون في فتح صفحة جديدة مع الرئيس الجديد ليقوم برفع العقوبات عنهم، لكن رغبة الجناح المحافظ في الانتقام وطرد الأميركيين من الشرق الأوسط، أقوى من رغبات البرغماتيين في إدارة الرئيس حسن روحاني وكذلك المرشد الأعلى علي خامنئي، الذين يعتبرون رفع العقوبات أولوية. 
 وعلى وقع هذه التطورات، تتم عملية الردع بواسطة الوسائل العقلية والعسكرية وبمزج بينهما والتي بدأت برحلة مباشرة من الولايات المتحدة الى قطر في الخليج العربي، ومن ثم بإرسال قاذفات "بي 52" التي أظهرت قدرة على الوصول والعودة من الولايات المتحدة الى الخليج من دون توقف. وتمتلك هذه القاذفات القدرة على إطلاق أكثر من 30 طناً من الذخائر الدقيقة الأهداف، وهي خارج نطاق قدرة البطاريات الإيرانية المضادة للطائرات، كما أن القاذفات قادرة على تدمير عشرات الأهداف المحصّنة والمنشآت النووية في إيران. لذلك تم إطلاق قاذفات القنابل الى الشرق الأوسط والعراق وأفغانستان، فالقدرات التكنولوجية للصواريخ الدقيقة التي تحملها هي أكثر تقدماً من تلك التي تستخدمها الولايات المتحدة حالياً. 
ومع ذلك، يلاحظ بن يشاي أنه "حتى الآن لا يبدو أن هذه الإشارة تركت الانطباع المطلوب لدى الإيرانيين، فقد أطلقت ميليشيا عراقية مساء الأحد الماضي، ما يقارب 20 صاروخاً، قطر كل منها 107 ملم على السفارة الأميركية في بغداد، بعدما تجنبت الميليشيات العراقية منذ فترة طويلة إصابة منشآت السفارة. ولم تتسبب صواريخ الكاتيوشا قصيرة المدى بوقوع اصابات، وأوقعت أضراراً طفيفة، لكن ترامب حمّل الإيرانيين مسؤولية هذه العملية.    
غداة هذا الهجوم، كشف الأميركيون أن الغواصة الاستراتيجية "جورجيا" تبحر في مياه الخليج العربي، وتحمل أكثر من 150 صاروخ كروز. وتعد هذه الغواصة جزءاً من قوة مهمة من المدمرات الثقيلة والخفيفة التي تحمل صواريخ كروز. ويشكل وجود مثل هذه القوة الاستراتيجية الهجومية على بعد عشرات الأميال من البحرية قبالة سواحل إيران تهديداً لا يمكن للإيرانيين تجاهله. 
ويقول بن يشاي إن على الإيرانيين التفكير بأن ترامب قد يستخدم هذه القوة، حتى لو كان ذلك من أجل أن يصعب على بايدن التفاوض على اتفاق نووي جديد. فاستخدام الغواصة مهم وينطوي على رمزية خاصة. 
 وسبق للإيرانيين أن طوروا صواريخ وأساليب يمكن أن تضرب حاملات الطائرات والسفن فوق الماء، لكن لن يكون للإيرانين حول ولا قوة في مواجهة غواصة قادرة على إطلاق أكثر من 100 صاروخ كروز عليهم، ومن الممكن أن تلحق الخراب بمنشآت البرنامج النووي والصناعات الدفاعية التي تنتج صواريخ وطائرات من دون طيار. فطريقة العمل الإيرانية في مهاجمة السفن الأميركية بزوارق سريعة تحتوي على متفجرات وصواريخ لن تكون عملية وغير فعالة في مواجهة هذه الغواصة. 
 ويختم بن يشاي مذكراً بأن قناة "كان" نسبت الاثنين إلى مصادر استخباراتية عربية خبراً مفاده أن اسرائيل أرسلت "غواصة دولفين" عبر قناة السويس باتجاه الخليج العربي، الأمر الذي يفترض أن إسرائيل ومصر أرادتا نشر الخبر، وأن الهدف أيضاً هو الردع. وإذ أشار إلى أن الغواصات الإسرائيلية من طراز "دولفين" لديها القدرة على إطلاق صواريخ كروز الدقيقة برأس نووية او تقليدية، افترض أن هناك توزيعاً للعمل بين إسرائيل والولايات المتحدة، تقوم بموجبه إسرائيل بتشغيل الغواصة وقدراتها الأخرى في البحر الأحمر ومنطقة باب المندب، بينما تعمل الولايات المتحدة داخل الخليج. 
 ويعد استخدام الغواصات للردع أمراً جديداً في الشرق الأوسط، بالرغم من مشاركة الغواصات في المعارك البحرية خلال الحرب العالمية الثانية، كما أن تصريحات الجنرلات الأميركيين والإسرائيلين توضح للإيرانيين أن هذا السلاح قد خرج من الدرج، وإذا لم يفهموا الرسالة فقد يتم تفعيله ضدهم.