الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "عض أصابع" بين تركيا وروسيا في إدلب… وكل منهما يضع خطوطه الحمر

"عض أصابع" بين تركيا وروسيا في إدلب… وكل منهما يضع خطوطه الحمر

22.02.2020
هبة محمد



القدس العربي
الخميس 20/2/2020
دمشق – "القدس العربي" : تواصل المقاتلات الحربية الروسية حربها شمال سوريا ضد المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، لتستخدم خلال الساعات الماضية قنابل حارقة "محرمة" دولياً في قصف منطقة مأهولة في السكان، وعلى الجانب الآخر، يواصل الجيش التركي إنشاء المزيد من نقاط المراقبة في مناطق تمدد المعارضة السورية، وسط خلافات تركية – روسية بدأت تطفو على الواجهة، وتعكس فحواها التصريحات الرسمية للجانبين، في ما يشبه عملية عض أصابع. وبين الحرب التي تقودها موسكو ومحاولات أنقرة للتهدئة وإبعاد النظام السوري، يعاني أكثر من مليون نازح سوري أوضاعاً إنسانياً بالغة السوء وسط ظروف مناخية شديدة البرودة.
فوفق آخر الاحصائيات التي نشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان – مركزه لندن – فقد وصلت أعداد الهاربين والنازحين من الغارات الروسية والحرب البرية للنظام السورية على أرياف محافظتي إدلب وحلب إلى مليون و100 ألف نازح سوري. في حين تتواصل عمليات النزوح من مناطق متفرقة بالريفين الحلبي والإدلبي، فعلى الرغم من الهدوء النسبي على محاور التماس من حيث الاشتباكات وتقدم قوات النظام خلال اليومين الفائتين، إلا أن القصف المتواصل جواً وبراً يدفع المدنيين لمواصلة نزوحهم في إطار السياسة الممنهجة للنظام السوري والروس لتهجير أهالي وسكان المناطق، دون وجود أي حراك عربي أو دولي لايقاف الكارثة الإنسانية، وسط مناشدات محلية كبيرة لاحتواء الأزمة الأكبر في سوريا.
1.1 مليون نازح سوري عالقون بين "الصد" التركي و"النيران" الروسية
أما على صعيد العمليات العسكرية، فقد جددت الطائرات الحربية الروسية، وفق المصدر، غاراتها المكثفة على مناطق على أرياف إدلب وحلب، حيث استهدفت محيط مدينة الأتارب وكفرنوران وأطراف دارة عزة ومحيط بالا وأطراف السحارة وتقاد في ريف حلب الغربي، ومنطف ودير سنبل وأطراف معارة النعسان والركايا بريف إدلب، حيث قتل رجلين اثنين، إثر استهداف الطيران الحربي الروسي بلدة معارة النعسان بريف إدلب الشمالي الشرقي بغارة جوية، وفق ما قاله الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء".
37 نقطة تركية
وارتفعت أعداد نقاط المراقبة التركية في الشمال السوري إلى 37 نقطة مراقبة عسكرية، وسط قيام الجيش التركي بإرسال المزيد من الحشود العسكرية إلى ريفي إدلب وحلب، وأشار المرصد السوري السوري إلى حقوق الإنسان إلى قيام القوات التركية بإنشاء نقطة عسكرية جديدة لها بالقرب من بسنقول جنوب غرب إدلب، وتقع النقطة الجديدة على اوتوستراد حلب – اللاذقية، المعروف بطريق- إم- 4.
التعزيزات الأخيرة للجيش التركي، رفعت عدد الشاحنات والآليات العسكرية التي وصلت منطقة خفض التصعيد خلال الفترة الممتدة من الثاني من شهر فبراير/شباط الجاري وحتى الآن، وصول أكثر من 2455 شاحنة وآلية عسكرية تركية إلى الأراضي السورية، فيما بلغ عدد الجنود الأتراك الذين انتشروا في إدلب وحلب خلال تلك الفترة أكثر 7200 جندي تركي ووصل العدد الكلي حسب رويترز إلى حوالي 15000 جندي.
الرئيس التركي "رجب طيب اردوغان" قال إن انطلاق عملية إدلب بات مسألة وقت، مؤكداً "ذات ليلة قد نأتي على حين غرّة"، وأشار اردوغان إلى أن تركيا أعدت خطة عمليتها العسكرية في محافظة إدلب التي تتعرض لهجوم عنيف من قبل النظام وداعميه.
وأكد الرئيس التركي: "عاقدون العزم على جعل إدلب منطقة آمنة بالنسبة لتركيا ولسكان المحافظة مهما كلف ذلك"، وتابع حسب وكالة الأناضول، "نخوض نضالاً ملحميًا في سوريا، وهو أمر بالغ الأهمية ليس فقط لأمن حدودنا فحسب، بل أيضاً لأجل أن ينام 83 مليوناً من مواطنينا بسلام في منازلهم".
تصريحات الرئيس التركي، جاء الرد عليها سريعاً من قبل موسكو، إذ أعلن نائب وزير الخارجية والممثل الخاص للرئيس الروسي إلى منطقة الشرق الأوسط والدول الأفريقية، ميخائيل بوغدانوف، أن قمة ثلاثية حول التسوية السورية لرؤساء روسيا وإيران وتركيا، فلاديمير بوتين وحسن روحاني ورجب طيب اردوغان، قد تعقد في طهران أوائل آذار/مارس المقبل، إذا تم الحصول على موافقة القيادة التركية.
أما وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي عمل على وضع بعض الخطوط الحمراء لموسكو، عندما قال: تركيا فشلت في تنفيذ بنود اتفاق سوتشي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب اردوغان في أيلول/سبتمبر عام 2018، والمتعلقة بالفصل بين المعارضة والإرهابيين في الإطار الزمني المحدد، وقال إن موسكو لا تطلب من أنقرة أكثر من تنفيذ ما تم الاتفاق عليه. وأكد لافروف أنه الآن لا يمكن الحديث عن العودة إلى الوضع ما قبل سنة ونصف في إدلب، في إشارة ضمنية إلى النجاحات الميدانية للجيش السوري، الذي تمكن من استعادة مناطق واسعة في إدلب، بما فيها الطريقان الدوليان. M4 وM5 الاسترتيجيان.
عبء على تركيا
السياسي السوري درويش خليفة، يرى أن إدلب وريف حلب الغربي، أصبحا عبئاً على تركيا بعد القرار الروسي في إطلاق عمليته العسكرية وبالذات بعد فتح جميع الجبهات، بعد أن كان يعتمد استراتيجية "خطوة بخطوة".
حتى اللحظة لم تستطع الفصائل المعارضة، وفق ما قاله "خليفة" لـ "القدس العربي"، عرقلة تقدم النظام نحو مناطق سيطرتهم وإعادتها لحكم النظام السوري، بعد تدخل عسكري غير مسبوق من المقاتلات الجوية الروسية والحوامات السورية والتي أصبحت مؤخراً صيداً سهلاً لفصائل المعارضة، بعد أن أتت الأوامر باصطيادها، حين الطلب، وذلك بعد تطاول النظام على النقاط التركية المتمركزة في ارياف إدلب، وقتله لـ14 جندياً تركياً على مراحل.
ويرى المصدر، أن الأعباء التي تُحملها حكومة بوتين لاردوغان؛ متعددة الأوجه تبدأ من الكارثة الإنسانية التي تشكلت على الحدود التركية الجنوبية والتي بدأت تتعاظم مع استمرار القصف، إذ تشير تقارير عدة إلى أن العدد زاد على المليون شخص، في هذا الشتاء والتي واصلت درجات الحرارة الأسبوع الماضي بالانخفاض لتصل حتى دون الصفر في بعض الليالي. واستطرد قائلاً: الخطوط الحمراء تعبر عن قوة وصلابة التصريحات المترافقة مع الأفعال الميدانية وهذا ما تنقضه السياسة والدبلوماسية التي تعتمد على المكاسب والحفاظ على المصالح.
وحتى اللحظة، عنوان المرحلة التسخين الإعلامي والمزيد من الجنود والآليات من جميع الأطراف، ظناً منهم ردع كل طرف لخصمه.
ويضيف المصدر أنه خلال الأيام المقبلة ستغض روسيا الطرف عن قصف الأتراك لقوات النظام والميليشيات المساندة له، ولكن في المقابل سوف يصعب تحصيل ما خسرته الفصائل خلال الأسبوعين الماضيين، لأن الروس لن يعيدوا أي شبر سيطروا عليه بعد التكلفة المالية التي يدفعونها والتي تصل ما بين 10 إلى 4 مليون دولار يومياً حسب شدة المعارك والطلعات الجوية، متضمنة الرواتب والمصاريف اللوجستية. ويقول إنه من ناحية الاتراك؛ الحفاظ على المساحة الحالية واحتواء سكان الشمال فيها يعتبر مقبولاً بالنسبة لهم، مع الإصرار على مطلبهم في العودة لما قبل معركة المعرة وسراقب كخطوة استباقية تعتمد على المرونة في حال تراجعهم يعودوا نصف خطوة محافظين على النصف الآخر.