الرئيسة \  واحة اللقاء  \  عسكرة التشيع وخطره على الأردن

عسكرة التشيع وخطره على الأردن

20.05.2017
د. مهند مبيضين


الدستور
الخميس 18/5/2017
ليس الخطر من إيران الصفوية اليوم متمثل بهيمنتها على العراق، أو في تدخلها في سوريا وحسب، بل في صناعتها لأوهام مقدسة، تريد ان تضعها في عقل مواطني المنطقة ومواطنيها الذين ترسلهم للقتال باسم الثورة والدفاع عنها وعن المقدسات.
 خلال ندوة متخصصة عقدها مركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية في الرياض، حضرنا واستمعنا للعديد من الأفكار الهامة التي قدمت عن المؤسسة العسكرية بكل امتدادتها السياسية والاقتصادية والشعبوية، والتي تطغى عليها اليوم مؤسسة الحرس الثوري التي تعتبر دولة في بطن الدولة الإيرانية، وتهيمن على مصائر الحكم والاقتصاد والسياسة، ولها ميزانية تفوق ميزانية الجيش.
الندوة ناقشت تجليات المشهد الإيراني، والمنظومة الفاعلة إيرانياً، وبرغم أن النقاش كان مغلقاً، إلا أنه من المهم الإشارة لما تخطط له إيران في المنطقة،والتي تتقدم في مشروعها في المنطقة من خلال فكرة المركزية الإيرانية، والتي أفرزت ثلاثة مشاريع كبرى وهي:
المهدية الثورية، ويعني طرح حكومة عالمية للمهدي، وحماية إيران لهذه الفكرة، والدفاع عنها وصناعة ثقافة حاملة لها، تهدد بالهيمنة على المنطقة؛ لأن امتداد ايران في العراق وسوريا ولبنان واليمن هو تطبيق ومقدمة لحدوث وقيام حكومة المهدي.
المشروع الثاني وهو نظرية أم القرى والتي قدمها عالم الفيزياء محمد جواد أردشير لاريجاني رئيس مركز الأبحاث وأمين لجنة حقوق الانسان ومساعد وزير الخارجية إبان عهد الخميني ومستشار الأمن القومي والمنتمي إلى أسرة لاريجاني ذات النفوذ القوي في السلطة الإيرانية والقريبة من الولي الفقيه.
والنظرية تجعل إيران مركزاً للأمة الإسلامية التي يجب أن تكون منضوية تحت ولاية الفقيه وإيران. ومبنية على أن دولة "أم القرى" أي إيران، هي دار الإسلام، يقول لاريجاني: إنه إن كان علينا أن نعتبر إيران اليوم هي "دار الإسلام!" وأم القرى، وهي كذلك فعلاً، فيجب أن يخضع أولاً كافة المواطنين لإرادة الولي الفقيه، وأن يبايعوه في كافة ما يريد...".
مقولة لاريجاني التي ضمنها في كتابه  "مقولات في الاستراتيجية الوطنية" وصدرت عام 1987 وترجمت للعربية 2008 اعتبرت سابقة للرؤية التركية في المنطقة والتي قدمها احمد داود أوغلو في كتابه العمق الاستراتيجي والذي اعتمد سياسة "صفر مشاكل " مع الجيران ومهدّ السبل لظهور قوة تركيا الاردوغانية .
والمشروع الثالث وهو جيوبولتيك الشيعة، ويعني خلق الأمة الشيعية الحاضنة للزعامة الإيرانية خارج إيران، في دول قريبة أو بعيدة عنها، وبما أن العراق وسوريا ولبنان تحت العباءة الإيرانية فلم يبق إلا الاردن في المنطقة، وهي تستهدف أمنه بشكل أساسي.
ولذلك تخلق ايران أرضية ثقافية تدعي فيها خيالاً عقائدياً قريباً من الأردن بهدف تسكين الشيعة، وهذا ما يظهر بالحديث عن الأماكن المقدسة في سوريا والدفاع عنها، واختراع مصطلح "الحرم الزينبي" في دمشق، وكل ذلك لاقناع المقاتلين الذين تعسكرهم باسم الدفاع عن الشيعة وآل البيت وبوهم المقدسات التي يدافعون عنها.
في الختام، إيران ترى أن الأردن من أكثر الدول المؤثرة في الغرب ضد مصالحها وتهديدها لأمن المنطقة، وذلك للقيمة التي يعطيها الغرب للرؤية الأردنية، حول مخاطر تمدد إيران، التي انتهجت منذ العام 2011 سياسة وعقيدة دفاعية جديدة بأن حولت المعارك إلى خارج حدودها لتفادي التوتر الداخلي الذي كان بدأ مع الثورة الخضراء في حزيران 2009.