الرئيسة \  واحة اللقاء  \  فضيحة النظام من السلطان يعقوب إلى موسكو

فضيحة النظام من السلطان يعقوب إلى موسكو

14.04.2019
ماجد عزام


سوريا تي في
السبت 13/4/2019
كشف تسليم موسكو جثة الجندي زخاريا باومل لإسرائيل فضيحة نظام آل الأسد من السلطان يعقوب حيث قتل الجندي، إلى موسكو التي باتت القوة القائمة بالاحتلال فى سوريا والمتحكمة بمقاليد السلطة بشكل فعلي، بعدما استعان بشار- وحلفاؤه الطائفيون الموتورون - بها عن سبق إصرار وترصد للبقاء في السلطة رغماً عن إرادة الشعب السوري الثائر.
الجندي باومل كان قد قتل في معركة بين قوة مشتركة ضمت جنود سوريا العظيمة ومقاتلي الثورة الفلسطينية مع جيش الاحتلال الإسرائيلي في منطقة السلطان يعقوب بالبقاع الغريي.
المعركة لها قصة تفاصيل وحيثيات لا بد أن تروى، نظام الأسد الأب كان أعطى الأوامر لجنوده بالانسحاب وعدم الاصطدام مع جيش الاحتلال الذي سعى لتطويق بيروت وقطع طريق الشام للاستفراد بمقاتلي الثورة الفلسطينية وحلفائها لكن ثلة من الأبطال الذين اعتبروا أنفسهم دوماً جنود جيش سوريا العظيمة، وليس سوريا الأسد رفضوا الأوامر وتصدوا مع عناصر من الثورة الفلسطينية لطلائع القوة الإسرائيلية المهاجمة، المعركة جرت وجهاً لوجه واصطدمت فيها الدبابات بشكل مباشر واستخدم فيها حتى السلاح الأبيض وانتهت بهزيمة القوة الإسرائيلية وانسحابها مع 35 قتيلا تقريباً وسيطرة الأبطال المنتصرين على دبابة إسرائيلية، وجثث ثلاثة جنود إسرائيليين اعتبروا مفقودين، ببساطة كانت معركة كرامة مصغرة كتلك التى جرت فى غور الأردن بعد نكبة حزيران 67 وأظهرت أن الهزيمة أمام إسرائيل ليست قدراً.
الجندي باومل كان قد قتل في معركة بين قوة مشتركة ضمت جنود سوريا العظيمة ومقاتلي الثورة الفلسطينية مع جيش الاحتلال الإسرائيلي في منطقة السلطان يعقوب بالبقاع الغريي.
لا بد من الإشارة كذلك إلى أن إيهود باراك كان المسؤول المباشر عن القوة الإسرائيلية، حيث أظهر التحقيق لاحقاً مسؤوليته وتقصيره في إدارة المعركة، لكن تم تجاوز ذلك تحت ضغط سمعة باراك، أو إجرامه بالأحرى والتنبؤ له بالوصول إلى رئاسة الأركان يوماً، وحتى قيادة لإسرائيل نفسها، وهو ما حصل فعلاً.
مقاتلو المقاومة الفلسطينية ظهروا لاحقا بالدبابة، وجثث الجنود في شوارع دمشق ومخيم اليرموك تحديداً. النظام صادر الدبابة طبعاً بعد ذلك، بينما نجحت حركة فتح في إخفاء جثث الجنود تمهيداً لصفقة تبادل أسرى فيما بعد، إلا أن العداء والحقد الذي يكنه نظام الأسد ضد المقاومة والثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير وقيادتها سرعان ما انفجر فأبعد فتح وقادتها من دمشق وطارد واعتقل أعضاءها لسنوات ، وحرّض أدواته في لبنان فاندلعت حرب المخيمات في الشمال وبيروت، التى خلقت قطيعة بين النظام وفتح ومنظمة التحرير  إمتدت سنوات بل عقود .
غابت القضية طويلاً فى مجاهل النسيان، ما منع الثورة  الفلسطينية من الاستفادة من جثث الجنود لإبرام صفقة تبادل مع الاحتلال. كما كان مقرراً، ويبدو أن سرّ أو مكان الدفن قد رحل مع قادة ومسؤولين راحلين كثر، خاصة مع الحديث عن تغييره لإخفائه عن النظام وأدواته.
للمفارقة فقد حاول النظام فى العام 2008 الوصول إلى مكان دفن الجنود قبل اندلاع الثورة، وعلى وقع المفاوضات مع حكومة إيهود أولمرت آنذاك، وكلف أحد العناصر الفلسطينية للتقصي، ويبدو أن هذا الأخير وصل إلى معلومات، لكنه رفض اطلاع النظام عليها، ما كلّفه حياته، حيث مات شهيداً تحت التعذيب في أقبية مخابرات النظام.
بعد اندلاع الثورة سعت جهات داعشية متعددة من النظام إلى الجبهة الشعبية- القيادة العامة إلى تنظيم داعش نفسه بعد سيطرته على المخيم للوصول إلى الجثث دون نتيجة، إلا أن التمهيد الأهم لفتح الملف من جديد جرى في العام 2017 بعد الاحتلال الروسي، الاحتلال الذي تم استجداؤه من قبل النظام وإيران وأداتها الإقليمية المركزية حزب الله ، بعد عجزهم جميعاً عن قمع الثورة وهزيمتها، الاحتلال الروسي وبعد عامين فقط قام بتسليم الدبابة التي غنمها المقاتلون الشجعان إلى إسرائيل، بعدما كان النظام قد أهداها له فى وقت سابق.
هنا يكمن جوهر المغزى الفضيحة كلها، النظام بإهدائه الدبابة لروسيا فرط في واحد من أهم إنجازات المعركة مقابل إسرائيل،هو يفهم في عقله الباطن أنها من منجزات سوريا العظيمة وتحالفها التاريخي مع الثورة الفلسطينية منذ  فوزي قاوقجي وعز الدين القسام إلى وحدة الدم فى السلطان يعقوب. وروسيا التي تتصرف حسب مصالحها سلمتها لإسرائيل دون أي اعتبار للنظام نفسه، أو ثرثرته وحلفائه عن الممانعة والعداء لإسرائيل.
تسليم الدبابة كان بمثابة عربون من قبل روسيا لإسرائيل، تعبير عن تفهم مصالحها واعتبار أمن واستقرار إسرائيل من أركان السياسية الروسية فى المنطقة، والإحساس أن من المستحيل الحفاظ على ما تعتقد موسكو أنها مكاسب بما فيها بقاء النظام، دون إرضاء إسرائيل والتفاهم معها، خاصة أن هذه الأخيرة لا تمانع أصلاً بقاءه وفق قاعدة الأسد أو لا أحد كما أعلن نتنياهو نفسه.
بعد اندلاع الثورة سعت جهات داعشية متعددة من النظام إلى الجبهة الشعبية- القيادة العامة إلى تنظيم داعش نفسه بعد سيطرته على المخيم للوصول إلى الجثث دون نتيجة
العلاقة بين روسيا وإسرائيل لها علاقة كذلك بتبني موسكو كأي دولة صغرى لقناعة أن الطريق إلى واشنطن تمر بتل أبيب ، طوال الوقت اعتمد بوتين على نتنياهو و إسرائيل للتقرب من أمريكا، واستخدام نفوذها لتليين موقف واشنطن منها.
بعد تسليم الدبابة ابتدأ العمل على البحث عن جثث الجنود القتلى في معركة السلطان يعقوب، كان لافتاً تصريح الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية بعد إسقاط الطائرة الروسية فى أيلول سبتمر الماضي، أن هذا نكران من إسرائيل للجميل، بعد شهور من بحث الجنود الروس عن جثث جنودها المفقودين.
خلال هذه الفترة التي امتدت لعامين تقريباً عملت المخابرات الإسرائيلية على عدة خطوط ووصلت إلى معلومات عامة عن مكان الجثث وسلمتها للاحتلال الروسي الذي قام جنوده وجنود تابعيه من النظام بالبحث وفق المعلومات والمعطيات الإسرائيلية، التي تضمنت أيضاً جهد قوات خاصة عملت في الأراضي السورية المحتلة بعلم أو بدون علم الاحتلال الروسي.
الاحتلال الروسي فى سعيه لإرضاء إسرائيل وتلبية طلباتها لم يظهر أي اعتبار للنظام ولا حتى لجثث الشهداء الفلسطينيين السوريين حيث تم تسليم تل أبيب أربع جثث. في العام 2017 - ما يؤكد فرضية البحث عنهم بعد تسليم الدبابة – ثم تسليم جثث عشرين آخرين في الأسابيع الأخيرة قبل أن يظهر الفحص التعرف على جثة زخاريا باومل.
للمفارقة كان تسليم جثة باومل كهدية من الرئيس الروسي لنتنياهو؛ شبيه بهدية الجولان من ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيلي، المفارقة الأخرى أنه كان ثمة تحذيرات من تدخلات روسية في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة ثم  قيل إنه إذا ما تدخلت موسكو فعلاً فإن هذا سيكون حتماً لصالح الحليف نتنياهو.
بوتين قال أثناء تسليم الجثة إن الوصول إليها جرى بفضل جهود الجيش الروسي وجيش النظام، رغم نفي الأخير لاحقاً علمه بالقصة الفضيحة كلها ، إذا كان ذلك صحيحاً، فإنه يمثل دليلا على فقدانه السيادة والسلطة وأنه ارتضى البقاء صورياً في السلطة تحت رحمة الاحتلال الروسي إثر فقدان شرعيته في الداخل، وإذا كان يعلم فإن هذا دليل على أنه مجرد إداة والأكاذيب عن المقاومة والممانعة أقنعة للخداع وإعطاء شرعية ما لإبقائه في السلطة بحجة مواجهة إسرائيل .
لا ينفصل عما سبق طبعاً نسف الفضيحة أكاذيب حلفائه من الممانعين الجدد الذين استنجدوا بالاحتلال الروسي كي لا يسقط النظام وتنتصر الثورة، ثم هيمن الاحتلال الروسي على سوريا ومقدراتها متحالفاً مع إسرائيل نفسها معتبراً أمنها ومصالحها ركن أساسي من سياسته الإقليمية.