الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "صيدنايا" والأسد الاستثناء

"صيدنايا" والأسد الاستثناء

21.05.2017
منار الرشواني


الغد الاردنية
السبت 20/5/2017
حتى مقارنة بداعميه الذين يبقونه على قيد الحياة، ولو واجهة يحققون من خلفها مصالحهم، يبدو نظام الأسد نموذجاً استثنائياً في استبداده ودمويته، على امتداد قرابة نصف قرن.
فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين اضطر لمغادرة كرسي الرئاسة، ولو شكلياً، بين العامين 2008 و2012؛ التزاماً بالقانون الذي يحظر عليه تولي المنصب لأكثر من فترتين متتاليتين. وهو قد عاد للكرملين رئيساً للمرة الثالثة، وسيبقى لولاية رابعة على الأغلب، لأنه نهض بالمستوى المعيشي لأغلبية الروس، أياً كان الثمن سياسياً، ولو بشكل غير مستدام اقتصادياً واجتماعياً بحكم الاعتماد على ريع النفط والغاز.
أما الإيرانيون، فقد صوتوا يوم أمس في انتخابات رئاسية جديدة. هي الثانية منذ انطلاق الثورة السورية، وستكون الانتخابات الأخيرة للرئيس حسن روحاني للبقاء في الرئاسة أو المغادرة نهائياً؛ فليس متاحاً له أن يبقى إلى الأبد، شخصاً وسلالة.
وقد خاض روحاني حملته الانتخابية الأخيرة تحت شعار "الحرية، والأمن، والاستقرار، والتقدم"، محذراً الإيرانيين من أن اختيار بديل له من التيار المحافظ يعني "أنهم قد يواجهون نظاماً سلطوياً بشكل أكبر"! ولا سيما أن "الحرية هي المسألة الأهم بالنسبة للإيرانيين"، كما قال، وبما يبدو رداً على منافسه الأبرز المنتمي إلى التيار المحافظ؛ إبراهيم رئيسي، الذي يعد الإيرانيين بمزيد من المزايا/ الحقوق الاقتصادية الاجتماعية، عبر محاربة البطالة وزيادة المساعدات للفقراء بثلاثة أضعاف.
في أثناء كل ذلك، كان نظام الأسد يحوّل سورية كلها إلى محرقة لأجل بقاء سلالة آل الأسد في الحكم، وبما يرادف تلقائياً الفساد بأشد صوره، والاستبداد بأبشع تجلياته التي يُعد أحد أحدثها ما يتكشف من فظائع في سجن صيدنايا.
والحقيقة أن سجن صيدنايا؛ مسلخاً ثم محرقة للمعتقلين الذين ارتاحوا أخيراً من التعذيب بالموت، هو حتماً ليس استثناء بين سجون الأسد، بعد الثورة السورية كما قبلها بعقود. بل إن هذه السجون هي أحد أسباب اندلاع الثورة. و"صيدنايا"، أيضاً، في المحصلة ليس استثناء على كل "سياسة" الأسد الذي يواصل حرق السوريين علانية وأمام أعين العالم كله بالبراميل المتفجرة والصواريخ وصولاً إلى السلاح الكيماوي.
وبحكم حقيقة الحرق العلني المقبول عالمياً، لا يبدو منطقياً القول إن الأسد يحاول بمحرقة "صيدنايا" إخفاء ولو أقل القليل من جرائمه. الحقيقة أن المحرقة هي محاولة لجعل التعذيب الذي طال المعتقلين خالداً في حياة ذويهم من بعدهم. فهؤلاء لن يعرفوا مصير أبنائهم وأحبتهم إلا بعد مرور وقت طويل جداً، يجعل من الممكن الاستنتاج، والاستنتاج فقط، أن المفقود قد قُتل في سجون النظام. لكن حتى عند الوصول إلى لحظة اليقين تلك، سيضمن الأسد أنه لن يكون ثمة قبور للمعتقلين الذين تم تحويلهم إلى رماد، يزورها أبناؤهم أو إخوتهم أو أصدقاؤهم، ممن نجوا من محارق الأسد العلنية. وهنا أيضاً ليس ثمة استثناء. إذ علينا تذكر أن أحد طلبات السوريين المرفوضة من نظام الأسد عشية الثورة كانت منح شهادات وفاة بـ"المفقودين" في سجونه منذ سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
الأسد يبدو استثناء مرعباً حتى مقارنة بأشد داعميه، لأنه لا يُقدم موقفاً واحداً يبدو استثناء على سجله القاتل الفاسد في عهد الأب والابن، بما في ذلك منح جزء من الأرض السورية للمحتلين كما يحدث اليوم، لقاء البقاء؛ والجولان خير شاهد منذ عقود