الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "صفقة أستانة" الناقصة

"صفقة أستانة" الناقصة

09.05.2017
يونس السيد


الخليج
الاثنين 8/5/2017
يشي اتفاق "خفض التوتر" الذي جرى توقيعه بين الدول الضامنة الثلاث (روسيا، تركيا وإيران) مع ختام الجولة الرابعة من محادثات أستانة، بتغيير يكاد يكون جذرياً في موقف موسكو، التي دأبت على رفض فكرة إقامة "مناطق آمنة" في سوريا، طوال الفترة الماضية، بقدر ما يؤشر إلى وجود صفقة ما في الأفق، رغم التحفّظ الأمريكي ورفض الفصائل السورية المعارضة له.
السرعة التي ظهر فيها هذا الاتفاق ودخوله حيز التنفيذ في اليوم التالي، تكشف عن وجود تحضيرات تمهيدية ومشاورات واسعة سبقت الإعلان عنه، ومن ذلك حدثان بارزان، الأول هو الاتصال الهاتفي بين ترامب وبوتين، والذي جرى خلاله بحث "المناطق الآمنة"، والثاني هو قمة أردوغان وبوتين في منتجع سوتشي، التي انعقدت بالتزامن مع جولة "أستانة 4"، وأفصحت عن دعم كامل للاتفاق، حتى أن أردوغان صرح علناً بعدها بأن اتفاق "خفض التوتر" يشكل نصف الحل للنزاع السوري، لا بل تحدثت بعض المصادر عن أن أنقرة تلقت وعوداً ببحث "المنطقة الآمنة" بين جرابلس والباب، حال نجاح تطبيق تجربة مناطق "خفض التوتر".
وكما هو معروف فقد كان أردوغان هو أول من طرح فكرة إقامة "المناطق الآمنة" ورفضتها إدارة أوباما، خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى صدام مع روسيا، لكن عندما جاء ترامب تبنّى الفكرة وطلب من مستشاريه دراستها مع بعض التريث لأسباب تتعلق بالتكلفة والتمويل ومحاولة إقناع موسكو بها، فهل يمكن القول إن الصفقة الروسية -الأمريكية التي طالما جرى الحديث عنها قد نضجت الآن؟ الواقعية تقتضي القول إن الصفقة الكبرى لم تحدث بعد، ولكن ربما تكون في طريقها إلى التبلور، إذ من البديهي أن اتفاق "خفض التوتر" سيظل ناقصاً ولن ينجح دون توافق أمريكي - روسي، لكن ثمة مؤشرات على ذهاب الجانبين في هذا الاتجاه، إن على صعيد الاتصالات البينية (لافروف وتيلرسون)، ولقاء بوتين وترامب المنتظر، أو عودة التعاون والتنسيق العسكري بين الجانبين، وإبداء موسكو استعدادها للتعاون مع واشنطن في حل الأزمة السورية.
نعم، الاتفاق دخل حيز التنفيذ، ولكنه ليس سوى خطوة في مسار طويل، فهو لا يزال يحتاج إلى رسم الخرائط النهائية للمناطق الأربع المشمولة، ولكنها تمتد على أجزاء من ثماني محافظات سورية، كما يحتاج إلى آليات التطبيق والمراقبة وتحديد الجهات التي ستشرف على هذه المراقبة، ولعل الإعلان عن إغلاق هذه المناطق أمام طيران التحالف، والرفض الأمريكي لذلك، وحده كفيل بإظهار أهمية الاتفاق الروسي- الأمريكي أولاً، حتى لا يلقى مصير الاتفاقات السابقة.