الرئيسة \  واحة اللقاء  \  صراع القوى الكبرى حول المشروع الأميركى للشرق الأوسط “الموسع”

صراع القوى الكبرى حول المشروع الأميركى للشرق الأوسط “الموسع”

11.09.2021
المال


المال
الخميس 9/9/2021
لم يتخلق المشروع الأميركى الجديد “والموسع” وفق مفهوم “المحافظين الجدد” إلا من فرط تعلق أميركا “الواحدية” بأهداب القوة المطلقة، خاصة عقب غزوها أفغانستان والعراق مطلع القرن دون أن يثنيها أحد على المسرح السياسى الدولي، إذ توهمت تطويع روسيا من بعد تفكيك الاتحاد السوفيتى فى التسعينيات، وعلى غرار ما فعلته مع ألمانيا واليابان عقب هزيمتهما فى الحرب العالمية الثانية، فيما اعتبرت بقاء الصين شريكًا صغيرًا كما كان لها منذ عقدين، وحيث سرعان ما أعلنت تطبيق سياسة “الفوضى الخلاقة” لإحكام الهيمنة على الشرق الأوسط، بدءًا مما سمّته فى 2011 “الربيع العربي” حتى كادت المنطقة بمفهومها الجغرافى المستحدث تتوسع لتمتد من أفغانستان فى وسط آسيا إلى دول غرب الشرق الأوسط، ومن شرقى السويس إلى شرق وغرب البحر المتوسط، ومن مضيق جبل طارق إلى القرن الأفريقى عند بوغاز المحيط الهندى “باب المندب” وصولًا إلى الباكستان، وجوارها، إلا أن الطموح الأميركى الذى طال لأبعد من القدرة الكونية لذراعها.. أدخلها إلى منطقة رمادية ما بين العبثية السياسية والفشل المحقق لتسوية أزمات المنطقة المزمنة، إضافة إلى غياب التنسيق مع حلفائها الأوروبيين، على مدى الصواريخ متوسطة المدى من الشرق الأوسط، ولما يخص تحديدًا القرارات الإستراتيجية التى شاركها “التحالف الدولي” فى غزو دولتين شرق أوسطيتين إثر انفجارات نيويورك 2001، وبسببها، وإلى أن اتخذت واشنطن بعدئذ قرارها المنفرد بالانسحاب عنهما، لتسقط كابول (من بعد سايجون).. وقبل قليل عما سوف يسفر عن السجال مع إيران بشأن مستقبل بغداد، لصالح أيهما، خاصة فى ضوء الاتفاق الإستراتيجى بين إيران والصين لعشرين عاما قادمة، ذلك فيما أصبحت سوريا أبعد ما تكون عن الهيمنة الأميركية إذ وقعت منذ سبتمبر 2015 فى قبضة روسيا التى تقف قواتها بجانب الإيرانيين على حدود إسرائيل الشمالية.. أقرب إلى الراغبة فى مهادنتهما عن مواجهتهما، خاصة مع تراجع واشنطن عن سابق تجميدها العمل بالاتفاق النووى الإيرانى، وإلى ما غير ذلك من تراجعات أميركية أفقدتها – بأقله – هيبة زعامة مشروعها الشرق أوسطى “الموسع”، بحيث بدت المنطقة العربية – التقليدية – للنفوذ الغربى، وكأنها فى طور الانتقال إلى مرحلة وسط من المواجهة الأميركية مع كل من روسيا والصين، وبانتظار تحديد الاتجاه بناء على ما ستئول إليه نزعتهما الانتقامية المتنامية جراء التورط الأميركى فى مستنقع العراق، وما بعد الهزيمة فى أفغانستان، ناهيك عن انحسار النفوذ الأميركى الإمبريالى عن داخلها القاري، سواء فى “الكاريبي” أو “الباسفيكي” أو عن إمبراطوريتها الخارجية من أوروبا إلى المحور الآسيوى والشرق الأوسط، ومن دون استثناء ما يمثله التنافس الصينى للولايات المتحدة فى نظام عالمى من المفترض أن يحرص على سلميته من بعد وصول سباق التسليح – عالميًّا- إلى آفاق متقدمة تهدد بفناء البشرية جمعاء.. ما لم تسفر قوة الردع المتبادل عن انتفاء الصدامات العسكرية بين أعضاء المجتمع الدولى، إذ يتغير الفكر السياسى إلى نبذ الحروب بقدر الإمكان، لكن دون ما يمنع ذلك من استمرار الخلافات والخصومات بين المتصارعين على المكاسب الإستراتيجية، إنما عن الطريق السلمي، الأمر الذى قد يعيد أميركا إلى سياق دولة عادية، خاصة مع تهديدها بشبح الإغلاق بعد ارتفاع إصاباتها بالجائحة الوبائية بنسبة %316 كما عن اضطراباتها الداخلية التى تهدد ربما بحرب أهلية سوف لا تتحمل كلفتها، فضلًا عن استنزافها الحروب الخارجية، ما يجعلها فى حالة تخل مطرد عن حلفائها، مما قد ينطوى على انهيار مؤلم لنظام دولى تعددى مرتقب، ربما يعطى شعوب الشرق الأوسط لحظة تاريخية للتوجه إلى حكوماتها الوطنية للإفلات من تأثيرات سلبية تلحقها بانتظام عن التنافس بين القوى الكبرى فى صراعها الغامض حول مستقبل مشروع الشرق الأوسط الأميركى “الموسع”.